عطلة في .. لا مكان

13.8K 244 11
                                    


-مرحباً؟
أنحنت جوزي بيترسون ونادت من النافذة المفتوحة جزئيا قبل أن تطرق مجدداً الباب.
ما من حركة أو صوت بل صمت مطبق.
تراجعت إلى الخلف وهي تعض شفتها وراحت تتأمل واجهة
المنزل الريفي.
ألواح خشبية مطلية بلون أبيض ناصع، وقد علقت
على النوافذ ستائر قطنية مخططة باللون الرمادي.
رمادي؟ وتصاعدت تنهيدة من أعماقها فقد ملت من اللون الرمادي وهي تريد كشاكش وألوان ... أرادت مرحا وخيالاً.
شعرت باللون الرمادي وهو يحاول أن يثقل كاهلها فانتفضت
وابتعدت محاولة استيعاب المشهد من حولها. كانت الممرات
مكنسة، والمرجات مشذبة ومعتنى بها، لكنها لم تر أي مساكب تخفف رتابة المنظر وتناسقه ولا حتى حوض أزهار. تاقت جوزي في هذه اللحظة لرؤية وردة زاهية واحدة.
قامت ستة أكواخ خشبية بمحاذاة المنحدر بعيدا عن المنزل. لم تلاحظ أي حركة ولم يطالعها ما يؤشر إلى وجود سكان هنا. فما من سيارات، وما من مناشف معلقة على الشرفات، وما من دراجات هوائية، ما من أناس هنا.
كان العشب حول الأكواخ أخضر ومجزوزا ما يعني أن شخصا ما تكبد عناء صيانته والحفاظ عليه.
ليتها تجد هذا الشخص أو الأشخاص!
كان المشهد الممتد أمامها خليطا رائعا من العشب الذهبي
اللون، وأشجار المطاط الخضراء الداكنة ووميض نهر فضي اللون أحاطه نور شمس بعد الظهيرة بهالة ناعمة، واضطرت جوزي لأن تقاوم رغبتها السخيفة في أن تبكي.
ما الذي خطر لمارني وفرانك بحق السماء؟
وذكرت نفسها وهي تنهـار على أعلى درجات السلم وتسند
ذقنها براحتيها بأنها من قال إنه يحتاج لشيء من السكون والسلام.
لم تلاحظ وجود أي مساكن أخرى من حيث جلست على الشرفة الأمامية للمنزل، وخبأت وجهها بين راحتيهـا وأن مارتي وفرانك يعرفانها بما يكفي ليدركا أنها لم تعني هذا بكلامها ، لم تكن ترغب في هذا النوع من السلام والسكينة
الذي يجعل المرء بعيدا عن الحضارة إلى حد إنعدم معه إرسال الهاتف الخلوي أرادت أن ترى أناسا ... أرادت أن تستند إلى الخلف وتغمض عينيها وتسمع الناس من حولها يضحكون ويعيشون..
هذا يكفي إنه الشيء الوحيد اللطيف الذي قدمه لها مارني
وفرانكي منذ...
راحت أن تتذكر لكن ذهنها أبى أن يسعفها.
حسنا ، لعل شقيقيها ليسا من النوع الذي يعبر عن مشاعره، لكن إرسالها في إجازة، مبادرة لطيفة منهما. فهل تنوي إفساد هذه الإجازة بالانتقادات ونكران الجميل؟
قد يقدم البعض على ارتكاب جريمة ليكونوا مكانها. وكثيرون
هم من قد يرغبون في تمضية شهر في هذا الوادي الرائع من ريف مقاطعة نيوساوث وايلز من دون عمل.
تلفتت من حولها بحزن وكأبة، وتمنت لو يغطي هؤلاء الناس
تلال هذا الوادي في الحال.
نفضت الغبار عن يديها وهبت واقفة، ستستفيد من هذه الفرصة إلى أقصى حد. تشير خارطتها إلى وجود مدينة على بعد بضعة كيلومترات، ويمكنها أن تزورها متى شاءت. ستقيم صداقات ... لكنها متعبه الآن، وهذا جل ما في الأمر. الوصول إلى هنا تطلب منها الكثير من الوقت، وربما هذا ما جعل مالـك الأرض يتخلى عنها .
تساءلت أي نوع من الناس يختار أن يعيش وحيداً في مثل هذا
المكان.
وتمنت أن يكونوا من النوع الذي يحب أن يتحدث حول
فنجان من الشاي وطبق من البسكويت... ستؤمن جوزي البسكويت.
نفذ الصبر منها ، فهزت كتفيها وضربت الأرض
بقدمها وأخذت نفسا عميقا لتملأ رئتيها من هواء هذا الوقت
المتأخر من العصر. لم تتمكن من تحديد هذه الروائـح الجافة
والمحملة بالغبار التي دخلت إلى رئتيها والتي تختلف تماما عن الهواء الرطب والمثقل بالملح الذي اعتادته في موطنها. وتقلصت معدتها مجدداً بسبب هذا الإحساس الجديد غير المألوف ... إنها لا تتتمي إلى هذا المكان.
-هذا هراء.
وحاولت أن تضحك لتطرد هذه الفكرة الغريبة، لكن شوقا
عظيما إلى موطنها ومنزلها تفجر في داخلها. وعادت الكآبة
تكتسحها أكثر فأكثر فنزلـت الدرجات الثلاث وسارت في الممر المرصوف. استدارت عند أول منعطف ثم مرة أخرى. وافترضت أنها تستطيع أن تتحقق من الجهة الخلفية للمنزل، فلعل مالك الأرضى يعمل في... سقيفة أو خيمة مزروعات أو ما شابه.
في لهفتها لرؤية وجه ودود، سارعت جوزي الخطى لتفتح
البوابة. تلمست أصابعها المزلاج وقد تصاعدت الحاجة في داخلها، الحاجة إلى رفقة، الحاجة إلى التواصل مع شخص ما. وأخيراً، انفتحت البوابة لتكشف عن حديقة مرتبة. وهنا أيضا لم تر أحواض زهور أو مساكب تكسر الرتابة، لكن العشب الأخضر كان مجزوزاًوقصيراً وأطرافه محددة.
كان السياج مطليا باللون الأبيض ليتماشى مع المنزل فيما
انتصب منشر الغسيل الدوار في وسط المكان، منشر من حديد، قديم الطراز كـذاك الـذي تملكه جوزي فى منزلها هذا المشهد الواقعي المألوف طمأنها، فحدقت في سروال الجينز الباهت اللون والقميص الازرق والسروال القصير الكحلي وأدركت أن مالك المكان رجل.
لم لم تعرف اسمه من مارتي أو فرانك؟ علما أن الأمور سارت بسرعة فائقة، فاجآها بعرضهما هذا الليلـة الماضية وأصرا على أن تنطلق مع بزوغ فجر هذا اليوم. ما حصل للسيدة بنغلي حسم مسألة الانطلاق باكراً أيضاً. وعضت جوزي شفتها. ربما ما كان عليها أن ترحل بل أن تبقى...

حراسة قلب العازفHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin