نحو الأفق

الزمن في العمل الأدبي

یسمى «التزامن والتناوب»

إن التزامن: هو سرد حدثین في الوقت نفسه، یربط بینهما الزمن داخل الروایة لأنهما یحدثان معًا وفي الوقت ذاته. لهذا یأتي دور التناوب عن طریق قطع الكاتب حدث منهم وإیقافه؛ لیسرد الحدث الثاني، مضیفًا بذلك عنصر التشویق.

لكن ما المفارقة الزمنیة، أو السردیة؟

یرى بعض نقاد الروایة البنائیین أنه: «عندما لا یتطابق نظام السرد مع نظام القصة، فإننا نقول أن الراوي یولّد مفارقات سردیة»
المفارقة تتمثل باستخدام الزمن:
● ​باتجاه الماضي وهو النسق الزمني الذي یسیر بعكس اتجاه زمن الكتابة للخلف، ویعرف بالاسترجاع (flash back)
● أو أن یستخدم الزمن باتجاه المستقبل ویسمى بالاستشراف، أو الاستباق.
وكل مفارقة سردیة یكون لها «مدى، واتساع» ​ومدى المفارقة هو المجال الفاصل بین نقطة انقطاع السرد وبدایة الأحداث المسترجعة أو المتوقعة. ​أما سعة، واتساع المفارقة فیمكن قیاسها بالسطور والفقرات والصفحات التي یغطیها زمن السرد.

ننتقل إلى كیفیة تأثیر الزمن على تقنیات السرد؟

لا یخلو نص أدبي من آلیة تسریع، أو إبطاء أو كلاهما مًعا وهو الغالب في شكل الروایة الحدیث.

وتتمثل عناصر التسريع في:
●الخلاصة:
وهي تقنیة زمنیة لتلخیص أحداث سردیة، أو فترة زمنیة بجزء قلیل من السرد أو إشارة لها كمجمل دون الدخول في تفاصیل لشرحها ووصفها.

ويلجأ لها الروائيون داخل نصهم في حالتين:

1. الخلاصة الاسترجاعیة: عندما یلخص أحداث ماضیة خلال زمن السرد.
وذلك كأن یقوم بالحدیث عن حیاة أحد شخصیات القصة كنبذة ماضیة له قبل أن یدخلها بشكل كلّي في الأحداث.
2. الخلاصة الآنیة: عندما یقوم الروائي بتلخیص فترة خلال الأحداث الجاریة، أو الحاضرة لعدم تأثیرها.

كأن یقول بعد تناوب السلام، وتناول الطعام دار حدیث جانبي؛ فلم یصف كیفیة التحیة، أو طاولة الطعام، أو حتى نوع الطعام والمشروب، ولا حتى شكل مقدم الخدمة؛ لأن كل ذلك لن یستخدمه في قصته، ولیس له تأثیر؛ یختزله لغایة عدم الحشو.

● الحذف: إذا كانت الخلاصة یلجأ لها الروائي للاختزال، فإن الحذف یتم بعدم ذكر فترات زمنیة كاملة لصعوبة ذلك. كأن يقوم الراوي خلال الرواية بذكر تفاصيل یومه على طول الأحداث. ولكن الحذف يرتكز على التسلسل الذي یفید في الحدث، ونجد في غالب القصص، والأفلام ذلك المصطلح «بعد مرور...» تلاحظ مدى الفترة التي ذكرها بعده سواء قصیرة أو طویلة دون ذكر أي شيء عنها؛ فذلك حذف ثم بعد ذلك یلمح لها بتلخیص بسیط بشكل مجمل، مثل: «بعد عناء طوال حیاته شعر بالراحة وقتئذ، وتزوج، وأنجب شیاطینه الصغار.»
وقد یكون الحذف:
*علنیًا ​يحدده الكاتب.
*أو غیر علني یصعب تحدیده أو استنباطه من الأحداث.
*أو ضمنيًا ​يمكن تحديده من النص ذاته عن طريق الاستنتاج من الأحداث.

*عناصر الإبطاء في السرد
 
المشهد: ويقوم الراوي  باستغلاله في حديث شخصيتَين أو أكثر داخل سرده، وإقامة حوار بينهم، ويذكر الموضوع بتفاصيله تاركًا إيانا نغوص بين القيل والقال عن مدى حبهم للتسوق ومواصفات فارس الأحلام...

الحوار الداخلي (المونولوج): هو حديث النفس لدى الشخصية؛ ليظهر خلجات نفسها، ويعمقنا في فهمها أكثر.
وهو عندما يتركك الكاتب داخل محيط الشخصية بطريقة تفصيلية لماضيها، أو شعورها نحو موقف أو معتقدها.

وقفة الوصف: هي وقفة زمنية للسرد، لكنها تكمل الخطاب.
فتجد الكاتب يوقف كل حديث بين الشخصيات، وكل حوار ليجعل الراوي يصف ما حول الشخصية «سواء من أماكن، الشخصيات، منازل، أو شوارع…»

الخلاصة من حديثي عن عنصر الزمان:
أن الكثیر لا یدرك أهمیته، ویهمله في الوقت ذاته، مما یسبب ضعفًا في بنیة النص الأدبیة الروائیة والقصصیة.

ولأنه إحدى المشاكل التي يغفل عنها الكاتب، أحببت ذكر أهميته دون الدخول في تفاصيل كثیرة، والمطلع علیه من قبل سيفهم المقصد، أو الذي سیطلع علیه بعد هذا المقال.
لا تدّعي المعرفة، ولكن قم بالرجوع لمصادر ومراجع لتفهم ما تقوم به.
لذلك نصيحتي «عليك ككاتب أن تلقي نظرة على كل عنصر من عناصر الرواية، لتدرك أهميته، وكيف هي مشاكله، وستستطيع بعد ذلك تجنبها.»

ملحوظة في الهامش«الفرق بين القصة القصيرة، والرواية من حیث الزمن هو أن القصة أقل زمنًیا من الروایة ،وفي الغالب تكون بین ساعات إلى شهر،
بجانب تكون قائمة في العام على أحداث ماضية و یستطیع الكاتب تفصیل الأحداث التي تحدث في فترات زمنية قصيرة إلى جانب الأحداث الرئيسة في الرواية، بينما لا یستطیع ذلك في القصة القصیرة، ويلجأ غالًبا إلى تسریع الأحداث وتخطي التفاصیل وما يحدث في الفترات الزمنية القصيرة؛ لأنه يركز على سرد أهم الأحداث بشكل أكثر اختصاًرا من الروایة.»

وسؤالي الأخیر: ما أكثر المشاكل التي واجهتك ككاتب خلال مسیرتك الكتابیة؟

ولك مني هدیة وهو كتاب «الزمن الروائي داخل الروایة العربیة (1960:2000)

ما رأيكم؟ أخبرونا!

الفصل من كتابة العضو سيث.