إدمان الحب..

9 1 0
                                    

مقال_إثراء_لغوي

                    إدمان الحب !

قال يوما درويش مشيرا إلي ذاك الداء العضال الذي صار شائعا بإفراط
(لا أريد من الحب سوى البدايات !!)

هناك فئة من الناس .. ذكورا وإناثا وهو في الذكور أكثر شيوعا .. يدمنون حالة الحب في البدايات ..
مهووسون من زاوية ما بذاك الشغف الذي تحمله قصص الهوى في أوائلها ..

يعشقون ذاك التجاذب والتصارع والتحدي والتأويل الذي يشحن أجواء البداية ..
وربما هذا الترقب والتحسس والانتظار واللهفة ..
وربما تلك الحرارة الأولى .. والإنفعال الجارف ..

العجيب أنهم يظنون أنفسهم مصابين بطلب العمق .. والدسامة وقوة العلاقة .. وأنهم أكثر حساسية ممن سواهم .. وأنه لا أحد يفهمهم ولا أحد يستوعبهم !

لا يدرون أنهم علي العكس تماما .. مصابين بنوع من التبلد .. وفقدان الحساسية التدريجي
Hyposensitivity

ببساطة يفقدون الاحساس سريعا .. يصيبهم خدر مبكر .. فلم تعد الأمور التي كانت تثيرهم قبلا .. تمنحهم ذات الدفقة الشعورية !

لديهم درجة خفية للغاية من درجات التبلد .. تتمثل في سرعة الملل الذي يجاوز الحدود الطبيعية للبشر مع الملل ..
وتتمثل أيضا في ارتفاع الحد الادني اللازم لتحريكهم وانبهارهم والتأثير بهم ..
فإذا تكرر مؤثر ما .. يفقد قوته تدريجيا .. وتتلاشي فاعليته رويدا رويدا .. حتي يصير باهتا غير كاف ليمنحهم ذات التأثير ..

فتفقد العلاقات لذتها أسرع مما ينبغي .. وتفتر الانفعالات أسرع من الطبيعي ..
ويصيبهم الاحباط المفرط .. لأن كل شيء فجأة يفقد معناه ويتلبسه الخواء والفراغ !

ولأنهم لا يتمكنون من تفسير الأمر وفهم تكوينهم منخفض الحساسية .. فيبدأون في عقلنة حالة الاحباط ومنحها تبريرات ..
فيظنون الشريك لم يعد يحبهم
وأن العلاقة لم تعد تشبعهم .. او أنهم أساءوا الاختيار من البداية !

وربما يرجعون الأمر إلى سقوطهم في حب جديد أكثر اشباعا ولمعانا وعنفا في انفعاليته ..
لا يدركون أن الامر ببساطة ليس سوى افتتانا بحالة جديدة تحمل انفعالا جديدا قويا جارفا قابلا لتحريك رواكدهم .. ومداعبة انخفاض حساسيتهم …
قد امتزج فيها الفضول مع التجديد مع الممنوعية ..
وانتفي عنها الاعتياد والنمطية والألفة والتكرار .. !

لا يدركون هذه الأبعاد الخفية للعلاقة .. فيحملونها أبعادا من الدسامة والعمق .. ويسقطون عليها مساحات من العقلنة والتبرير وثقل الصفات ومرتكزات النجاح أكثر كثيرا مما هي علي وجه الحقيقة ..
فتبدو دوما أعمق مما هي على وجه الحقيقة !

لا يدركون أن ارتفاع الحد الأدنى اللازم لشعورهم .. فقط يستوجب أن يأتيهم طبقة مفرطة من الاحساس والحالة ليتأثروا .. وهو بالضبط ما تمنحهم بدايات الحب ..

فيخدعون بغير قصد  .. وينخدعون بغير وعي..

ويتورطون .. وينخذلون !

ومع الوقت .. يطورون نمطا لا واعيا من التعامل مع هذا الانخفاض في الحساسية .. عبر توخي البدايات والتعددية .. والعلاقات المتتابعة .. وربما في الحالات المتطرفة .. العلاقات المتوازية !!

هم ببساطة يصبحون مع الوقت معاقين انفعاليا .. يحملون عجزا عاطفيا مستورا يتجلى في هذا التمزق الدائم والمتتابع بين وجوه العابرين ..

يخدعون أنفسهم الخديعة الأعظم حين يتوهمون أن كل شيء سينتهي ويهدأ حين يأتي شخص ما !!
وأن كل شعورهم بالخواء والفراغ سينمحي حين يطل ذلك الذي سيفهم كل شيء وسيحمل مفتاح اللغز وشفرة بوابة السلام الذي فقدوه حين فقدوا قلوبهم أشلاءا .. قطعة لدى كل قصة ..

يوما وراء يوم .. وقصة تلو أخرى .. تدربهم وتبرمجهم أنهم لا يشعرون بأنهم علي قيد الحياة .. وأنهم موجودون إلا في هذه الحالة فقط .. من البدايات ..
وهنا نجد أنفسنا أمام الفئة الأكثر تمزقا ووجعا .. وفي ذات الوقت الأشد إيذاءا ..

مدمني الحب !

                      بقلم: عماد رشاد عثمان

Quotes|✔إِقتِبَاسَاتْHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin