•الفصل الأول•

4K 87 8
                                    

تقف أمام تلكٓ النافذة العريضة القابعة في جانب معين بغرفتها..عيناها الكحيلتين تتأملان الأفق بفراغ..بينما يديها منعقدتين أمام صدرها..تحدق في السماء الشاسعة الزرقاء رغم أنها لا تراها فعليـاً..

تاركة النسيم يداعب خصلات شعرها التي شاركت عينيها نفس لونهما الأسود..و ملامحها البهية رغم الحزن الذي يطفوا فوقها و يأبى أن يغادرها منذ فترة..

تسلل إلى مسامعها صوت انفتاح الباب ثم خطواتٍ رقيقة تقترب منها..لكنها لم تتحرك رغم ذلكَ و لم تلتفت..

إلى أن شعرت بالخطواتِ الرقيقة تتوقف بجانبها بينما تسلل ذلكَ الصوت الدافئ المشاكس قليلاً إلى مسامعها بهدوء..

_ماذا تفعلين ؟!!!

قالتها بتلكأ و قد برز بعض التوتر بوضوح في نبرتها.. حينها فقط كانت "دلال" تطرف قليلاً..ثم قالت بدون أن تلتفت إليها..

_لا شيء...كما العادة!

صمتت للحظة تستقبل ذلكَ الصمت المغلف بتردُّد شعرت به فقط دون أن تتمكن من التأكد بنفسها ما إن كانت مشاعرها صحيحة أو لا..ثم قالت تخاطب أختها الصغيرة ذات السابعة عشر عاماً..

_تريدين أن تخبريننـي بشيء ؟!

تنهدت مريم و هي تنظر لها بتردُّد حقيقي..ثم همست بخفوتٍ..

_لقد اتصل أحمد بأبي !

لم تتفاجئ -دلال- أبداً على الرغم من البريق الغريب الذي ظهر في جوف عينيها بينما تردف..

_و ما الجديد ؟!..إنه يتصل به على الدوام !

هزّٓت مريم رأسها لعدة مراتٍ و كأنها تنفي شيئاً غير موجود..ثم همست تتلكأ في حروفها بترقب..

_أحمد...سيعود غداً !

لم تكد تكمل حملتها حتى كانت عينا دلال تتسمران بلا مشاعر أمامها..سوى الذهول التام..بينما ارتعشت أطرافها..

و فغرت شفتيها على نفسٍ لاهث تحاول أن تكوُّن بضعة حروف تقذف بها تساؤلاتها..لكنها عادت لتطبقه بشدة..ثم التفتت إليها لتهمس بينما تبتلع ريقها و صدمتها بصعوبة..

_هل...هل تمزحين ؟!!!!

قالتها بتساؤل ضعيف..فهي تعلم بأن مريم لا تمزح.. هي لا تستطيع أن تمزح في هذا الموضوع بالذات!.. خاصة أمامها هي !

قالت مريم بهدوءٍ بينما عينيها تمتلآن بشيءٍ من القلق..

_بالطبع لا أمزح..لقد أخبر أبي بنفسه حتى!..

صمت تام..نظرات فارغة أكثر من التي قبلها..إلى أن قالت مريم بقلقٍ..

_ألـن تقولي أيّٓ شيء ؟!!!

ظلت دلال صامتة أكثر تنظر أمامها بلا هدف..و لأول مرة تشعر بالفعل بأنها عمياء و هي تردف..

أقســمُ لـعينيـكـِ Where stories live. Discover now