الفصل الاول

24.9K 321 8
                                    

في احد احياء ٦ اكتوبر الهادئه بالطبقة المتوسطة وما فوق ، حيث نري سلاسل البنايات الفاخمة المتراصة بشكل منظم ، حيث تختلف العقيدة واللون ، كل شخص في هذه المدينة بحالة ، لا احد يختلط بالأخر ، علي الساعة الرابعة صباحاً يصدح صوت المؤذن بصوته الرخيم يأذن صلاة الفجر ، خرج بعض الشباب والرجال والكهول من بناياتهم متجهين إلى جامع الحُصري الذي في المنطقه الأولي بهذا الحي ، في بناية من هذه البنايات حيث يقطن به عائلة مكونة من ستة أفراد مكونه من " أم وأب و ولدان وفتاتان " ، كان البيت مظلم بأكمله يدل علي انهم نائمين إلا غرفة واحدة ، حيث تقطن بها الفتاتان ، كانت فتاه منهم ساجدة لربها تصلي وتدعه له بأن يوفقها في دراستها وان يرزق اهلها بالرزق الحلال وان يهدي والدتها ، انهت من صلاتها ورفعت يدها للأعلي تشكر ربها وتحمده علي فضل نعمه عليها ثم مسحت وجهها بيدها ، ووقفت من مكانها وامسكت المصلية وطبقتها نصفين ووضعتها علي مقعد مكتبها ليأتيها صوت الفتاة الأخري النائمة علي السرير وهي تقول بصوت ناعس :

- اقفلي النور يا مهرة بقي .... النور ضارب في وشي .

أخذت مهرة نظارتها الطبية من علي مكتبها ثم جلست علي سريرها المقابل لسرير الفتاة الأخري ثم قالت :

- قومي صلي يا نغم .... علشان ربنا يوفقك في دنيتك .

مسكت نغم الوساده التي كانت تحت رأسها ووضعتها علي رأسها لكي تمنع الضوء للوصول لعينيها ثم أردفت :

- يوووه بقي يا مهرة .... هبقي اصليه مع الضهر .... اقفلي النور بقي .

أخذت مهرة المصحف وفتحته وقالت :

- يا بنتي بطلي كسل ..... ده حتي الكسل وسواس من الشيطان الرچيم .

تأففت نغم وابعدت الوساده من عليها واعدلت جلستها وقالت بحنق :

- اهو يا ستي ..... ارتحتي كده .

هزت مهرة رأسها وقالت مبتسمة :

- ربنا يهديكي .

ثم أخذت مهرة تقرأ في المصحف ، اما نغم فوقفت وفرقت عينيها الناعسه ذات العيون العسليه وخرجت من غرفتها متجها للحمام ، في غرفة اخري في هذا البيت كانت تنام الأم بجانب زوجها ، ليصدح في الغرفة صوت منبه الذي آتى من هاتف الأم ، ليتضايق الزوج من المنبه ويقول بحنق :

- قومي يا فاتن بقي .... الواحد ميعرفش ينام بسلام ابداً .... قومي يا ستي بقي .

استيقظت فاتن علي صوت زوجها وقالت :

- طيب طيب .

وقفت فاتن وامسكت هاتفها وفصلت المنبه ثم خرجت من غرفتها واتجهت إلى غرفة الفتيات وفتحت الباب ورأت نغم واقفه في زاوية الغرفة تصلي و مهرة تجلس علي سريرها وما زالت تقرأ في المصحف ، صدقت مهرة وتركت المصحف علي الكومود عندما رأت خالتها واقفه امامها تنظر لهم بأبتسامه لتبتسم لها قائلة :

- صباح الخير يا خالتو .

ردت عليها خالتها مبتسمة :

- صباح الخير يا عيون خالتك ..... انا قولت برده انك صاحيه .... واكيد برده انتِ اللي صحيتي نغم مش كده .

- ايوه انا اللي صاحتها ... اومال اسبها تفوت صلاة الفجر .... اصلا يا خالتو معظم الناس بتصلي كل الفرود وتيجي عند الفجر ومتصليش كانها مش من ضمنهم ..... ربنا يهدي الجميع .

- ربنا يوفقك يا بنتي واشوفك دكتورة قد الدنيا يا حببتي .

ابتسمت مهرة لخالتها وقالت لها :

- يسمع من بوقك ربنا يا خالتو .

- وانا مليش دعوه حلوه ولا ايه يا مامي ... ولا الست مهرة خدت الحلو كله .

اتاهم صوت نغم وهي تضع المصلية علي طرف سريرها ، نظرت لها والدتها وقالت بضحك :

- هههههه ..... ربنا يوفقك يا نغم يا حببتي .

جلست نغم علي سريرها ثم قالت :

- ايوه كده ... هههههه .

وقفت مهرة متجهة إلى مكتبها وجلست علي المقعد بعد أن خلعت عنها أسدال الصلاة ثم قالت لخالتها :

- ممكن يا تونه تعمليلي فنجان قهوة من ايدك الحلوه دي ، علشان اذاكر .

- من عيني يا مهرة .

ثم نظرت فاتن إلى ابنتها التي أمسكت بالهاتف و تتصفح به فقالت لها :

- وانتِ يا نغم اعملك النسكافيه بتاعك صح ؟ .

أردفت نغم بمرح :

- اموت فيكي يا مامتي وانتِ عارفه عني كل حاجه .

ضحكت مهرة وفاتن علي نغم وطريقتها ، ثم خرجت فاتن من غرفة الفتيات متجهة إلى المطبخ واثناء مرورها علي ردهة البيت لكي تدخل المطبخ رأت التلفاز مضاء فذهبت إليه لكي تطفئه لتري احد ابنائها من الفتية نائم علي الأريكة وعلي صدره اللاب توب ، نظرت له بغضب واتجهت له وأخذت اللاب توب ووضعته علي المقعد المجاور للأريكة ثم نكزت الشاب علي يده بقوة قائلة بغضب :

- اصحي يا محمد ..... انت يا زفت .

استيقظ محمد مفزوع وهو يقول بفزع :

- في ايه البيت ولع ولا ايه ؟.

نهرته فاتن بغضب :

- تولع في نار جهنم يا بعيد .... انت ليه نايم علي الكنبه ؟ .... مش في زفت اوضه تنام فيها ... هو يأما تنام وانت ماسك اللاب يا اما تنام وانت بتلعب البلايستيشن .... انت مفيش منك فايده يا بني .

تافف محمد ووقف لكي يأخذ اللاب توب ثم قال لأمه :

- بصي بقي انا مبعرفش انام من ابنك اللي جوه ده .... بسم الله ما شاء الله دحيح زيادة عن اللزوم ده بيفضل صاحي طول الليل بيذاكر وانتِ عارفه اني بحب انام في ضلمه ... فباجي انام هنا .... وكمان انا واحد مخلص معهد وموريش حاجه .... فهعد اعمل ايه غير اللعب يعني يا ماما .

كبرت فاتن في وجه ابنها قائلة :

- الله اكبر في عينك يا بني .... ده انت عينك ايه ... اعوذ بالله عليها .... ويعني ايه هتعد تعمل ايه ... هو مش انت متخرج من المعهد العالي للدراسات المتطورة.... وده اللي بيتخرج منه بيبقه محاسب صح ..... ولا كلامي غلط .

- حرام عليكي يا ماما يعني انا بردو هحسد جوجو حبيب قلبنا ... ده حتي اخر العنقود ..... وكمان انتِ ايه الي مضايق حضرتك .... و كمان مفيش شغل في البلد دي .

- طيب طيب مش هنتكلم دلوقتي كلامنا بعد ما نرجع من عند جدتك.... روح حط اللاب في اوضتك وروح اتوضئ وصلي الفجر قبل ما يروح عليك .

- حاضر لما انام واصحي هبقي اصلي .... وكمان روحوا انتو انا مش هروح معاكم .

خطي محمد بضع خطوات لتوقفه فاتن بحده :

- انا قولت دلوقتي يا محمد ... مش هقولها تاني ... وكمان هتيجي معانا فااهم .

كز محمد علي أسنانه وقال بهمهمه :

- الواحد مش عارف ينام في
كز محمد علي أسنانه وقال بهمهمه :

- الواحد مش عارف ينام في ام البيت ده .... ولا يعد برحتوا .

- بتبرطم وبتقول ايه .

- بقول ربنا يخليكي ليا يا امي .

***

في منطقه اخري تقع في مدينة ٦ اكتوبر حيث تتراكم الڤلل فيها ، وبأحدي هذه الفلل ، ستكون بها بطلنا العزيز وعائلته ، دخلت عليه غرفته بخطوات بطيئة هادئة ، كان بيدها كوب من الماء بداخله ماده بيضاء ، اقتربت منه وهو نائم علي السرير وأزاحت عنه الغطاء ثم صرخت بقوة :

- فاااااااااارس .

استيقظ فارس مفزوع وهو يهتف :

- فيه ايــ.... .

وقبل ان يكمل جملته كانت الفتاة قد سكبت عليه كوب الماء وهي تقول بضحك :

- حمام الهنا يا فروستي يا حبيبي .

ثم هرولت للخارج وهي تضحك عليه وعلي شكله ، اما هو فقد أغمض عينه بغضب ومص شفتيه ثم أردف بقوة :

- ساااارة تعالي هنا .

وقف من مكانه وهب متجهاً الأسفل لكن وقف فجأة وبدأ يحرك ظهره بطريقه غريبه ، اخذ يحك ظهره بيده ثم يحرك يده ويحك وجهه ورقبته ، تنهد بغضب ثم نزل للأسفل حيث ردهة الڤيلا وقد رأي والدته ووالده وشقيقه الاكبر جالسين علي السفرة يتناولون طعامهم ، أما سارة فكانت واقفه وراء ابيها تضحك لتري فارس قادم لها لتقول بسرعه لأبيها :

- بابي فارس عايز يضربني .

نظر والده الحاج محمود ووالدته سيهام وشقيقه شادي له وقد رأوه بهذه الحاله وهو يحك يده والتيشرت نصفه مبتل وبه بعض العلامات البيضاء اثر المسحوق الأبيض الذي كان في الماء ، ليقول الحاج محمود بأستغراب :

- ايه ده يا فارس ....ايه اللي بلك كده .

رد عليه فارس بغضب :

- اسأل بنتك اللي واقفه وراك دي يا بابا .

نظر الحاج محمود لسارة وقال :

- في ايه يا سارة عملتي ايه تاني في اخوكي يا مفترية .

ضحكت سارة وقالت ببراءة :

- شوية مايه وبدره عفاريت ودلقتهم عليه ...... دي فيها حاجه يعني يا بابي .

نظر فارس لأبيه ثم قال وهو يأشر بأصبعه عليها :

- بص يا بابا المستفزة ...... هو ايه الي فيها حاجه .. علي اساس ان اللي عملته شويه .

ضحكت سيهام وقالت :

- معلش يا فارس ... المفروض انك اتعودت علي سارة ومقالبها .

نظر فارس لأمه وجلس علي احدي مقاعد السفرة ثم أردف :

- انا مش عارف ايه اللي جبها مصر تاني .... ما كانت في امريكا ومريحانا من مقالبها الشيطانيه دي .

اخذت سارة شيبس من الطبق الذي امامها وقالت بأستفزاز :

- اهو انا نزلت مصر علشان اغلس ورخم عليك انت وبس يا فروستي .

نظر فارس لشادي وقال :

- اشمعنه انا يا ست سارة ما انتِ قدامك شادي اهو ... ولا مفيش غيري في الڤيلا الطويلة العريضة دي .

نظر له شادي وقال :

- وانا مالي يا عم بيك انت واختك .... سيبني فحالي علشان دي مجنونه وتعملها .

- ما تعملها ولا انا بس الضحيه هنا للست سارة .

نظر الحاج محمود لهم وقال :

- خلاص بقي ... وانتِ يا سارة قعدي كلي زي البني ادمين .

- لا يا بابي مش هقعد غير لما فارس يقوم يغير هدومه ويستحمه ... انت مش شايفه بيهرش ازاي .... يمكن جرب ولا حاجه ويعدينا كلنا .

نظر لها بغضب اكبر ثم هب واقف لتستوقفه سيهام قائلة :

- الا صحيح يا فارس انت هتروح الجامعه انهارده ؟ .

جلس فارس مرة اخري وقال :

- ايوه هروح يا ماما .... علشان انهارده اول يوم ليا في الجامعه .

- بس يا حبيبي هم ليه عينوك متأخر كده وكمان في اخر الدنيا .

- عادي بقي يا ماما .... وبعدين اخر الدنيا ايه هو انا رايح انتركتيكا ولا ايه ... ده انا رايح جامعه القاهرة .

- طيب وانت هتدي محاضرات لسنة كام

- بصي يا ماما هم عرضوا عليا اني ادي محاضرات للدفع الأخيرة بس اعتزرولي وقلولي اني احتمال ادي يا سنه تالته او رابعه .... يعني هستني منهم مكالمه .

- ربنا يوفقك يا حبيبي .

***

خرجت من غرفتها وهي مرتديه فستان رمادي اللون ويتوسطه حزام لونه بني مع حجابها البني وتحته بندانه باللون الرمادي وتلفها بالطريقة التركيه مع نظراتها الطبية ، اتجهت إلى السفرة التي يجلس علي راسها زوج خالتها وماجد ومحمد ونغم بجانب بعضهم وخالتها فاتن مقابلهم ، جلست مهرة بجانب خالتها ثم حيتهم قائلة :

- صباح الخير .

نظر لها زوج عمتها جاسر بحنان وقال :

- صباح النور يا بنتي .

ثم قال محمد بمرح :

- صباح الخير يا ست الشيخه مهرة ... والله منوره .

نظرت بضحك وقالت :

- بنورك يا حمادة والله .

ثم نظرت لماجد الذي يمسك بكتابه بيد يقرء فيه واليد الاخري ياكل بها ، ابتسمت ثم قالت :

- عندك امتحان ايه بكرا يا جوجو .

رد عليها ماجد بتعب :

- عندي امتحان رياضايات .... وانتِ عارفه اني بكره المادة دي ... بس اعمل ايه انا عمال اذاكرها علشان اجيب فيها الدرجات النهائيه ... لان درجتي في الامتحان اللي فات معجبتنيش خالص .

نظر له محمد بدهشه قائلاً :

- معجبتكش ايه يا ماجد ...... ده انت جايب فيها 28 من 30 يعني ناقص درجتين بس .

نظر له ماجد وقال بحزن :

- يعني هما الدرجتين دول قليلين يا محمد .

لم يرد عليه محمد وعاد يأكل مرة اخري ، تكلم جاسر محادثاً مهرة :

- ونعمه التربية يا مهرة .... والله يا بنتي ماجد طالع نسخه منك .

- شكرا يا عمو جاسر والله .... اصل جوجو ده مش اخويا لا ده ابني حبيبي اللي مربياه .

صمتت مهرة ثم نظرت لماجد ونادت عليه :

- مااجد ؟ .

- نعم ؟ .

نظرت له مهرة بنظرات مستفمه ، ليفهم هو عليها ويقول :

- انا هقوم اصلي وبعدين اكمل مذاكرة .

ابتسمت مهرة ثم قالت:

- طيب انا همشي انا بقي علشان اتأخرت علي المحاضرة الاولي .

خطت خطوتين ثم ألتفتت إليهم مرة اخري وقالت محدثة نغم :

- نغم مشفتيش البلطوا الأبيض بتاعي .

- لا ونبي يا رورو ما شوفتوش .

- ايه ونبي ..... لما تيجي تحلفي احلفي بالله ..... قولي لا إله إلا الله .

ليقولوا جميعاً :

- لا إله إلا الله .

ثم اكمل جاسر :

- محتاجه فلوس لجثه جديده او اي حاجه يا مهرة .

نظرت له مهرة بأدب وحب ثم قالت :

- الحمد لله يا عمو جاسر مش محتاجه ...
- الحمد لله يا عمو جاسر مش محتاجه .... والجثه صحبتنا جبتها يعني خلاص مش محتاجه ...... وانا همشي بقي .... السلام عليكم .

ليردوا عليها السلام بالمثل وتخرج هي وتركب سيارتها وتتجة لجامعتها التي بعيدة عنها ، وهي " جامعة القاهرة "

***

خرج من الڤيلا متجهاً لسيارته ومعه شقيقته سارة ، جلس بداخل السيارة وجانبه اخته ليقول لها وهو يضع حزام الأمان :

- اربطي حزام الأمان يا سارة .

فلم يأتيه اي رد لينظر لها ويراها تضع الهاند فري في اذنها ومندمجه مع الأغنية التي تسمعها ، لينكزها في ذراعها قائلاً :

- انتِ يا نيلة .

انتبهت له وزاحت احدي السماعات وقال :

- في ايه يا فارس ؟

- اتفضلي اربطي حزام الأمان يا ستي وخلصيني علشان متأخر علي الجامعه ... يعني أول يوم وكمان متأخر ... يا صلاة النبي احسن .

ربطت سارة حزام الأمان ثم قالت له :

- عليه افضل الصلاه والسلام ..... الا صحيح يا فروستي مش انت انخرجت ليه هتروح الجامعه معايا .... خايف عليا ولا ايه .

- اخاف عليكي مين يا حببتي .... انا رايح علشان انا اتعينت معيد في الجامعه .

- واااو يا فارس ... يعني اخويا معيد في نفس جمعتي .

- انتِ هبلة يا بنتي انتِ مش كنتي واقفه لما ماما كانت بتكلمني يعني مخدتيش بالك غير دلوقتي .

لم تكترث لكلامه ووضعت السماعات مرة اخري تستمع الأغاني اما هو فنظر لها بنفاذ صبر ثم أدار سيارته وانطلق بها إلى حيث جامعته .

حب انساني الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن