عدَّاء الطائرة الورقية

990 32 29
                                    

عداء الطائرة الورقية.

لا يمكن اختصار المرارة التي تؤطر حياة المنكوبين بعبارة وصفية يمكن لها ان تغني عن الحقيقة بكامل ألمها. الحقيقة مراد الاحرار. والحرية اساس البحث عن الحقيقة. نأتي ولا نعرف الى اين ذاهبين. ولا نعرف من المسؤول عن ذلك، لماذا نحن لا غيرنا. عندما يضيع الوطن تتشتت وتضيع الحياة. وتستبدل الارض الخضراء بالصحراء الجرداء، وتذهب الامطار والانهار والورود، بينما تبقى رائحة العفن و الموت.

يطل علينا خالد حسيني الامريكي من اصل افغاني بروايته عداء الطائرة الورقية. يسرد علينا تاريخ وطن ضاع من شعبه، فكانوا بين مقتول ومهاجر ومنكوب. اذ تعمل التقلبات السياسية عملتها، منذ سقوط النظام الملكي وقيام الجمهوية في عام 1973، الى التدخل السوفيتي في أفغانستان عام 1979، و مرورا باحداث معارك الجهادين وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية، الى ظهور طالبان، وما تسبب من جراء ذلك من نزوح الافغان الى باكستان والولايات المتحدة الأمريكية. تتمحور الرواية حول قصة الفتى أمير من حي وزير أكبر خان في كابل، وهو من الباشتون ( السنة ) والابن الوحيد لاب ثري. وصديقه المقرب منه حسان ابن خادم والده، وهو من الهزارا ( الشيعة ) .

ينشأ و يترعرع الصديقان في بيئة بريئة وجميلة تربط بينها وشائج الاخوة والصداقة ، لكن ومع مرور الزمن تتكشف العقد والامراض النفسية لامير الشاب الثري والتي تظهر نتيجة ضعف شخصيته، و لعدم قدرته عن الدفاع عن صديقه حسان عندما يتعرض لاعتداء من شاب شاذ بعكس حسان الذي كان يدافع عن امير دائما .
ويبقى هذا الماضى وهذه الذكرى الاليمة والبشعه تؤرق صاحبها والذي اجتهد للتخلص منها من خلال طرد عائلة حسان باكملها من البيت ، وبالتالي عودتهم الى اصولهم الاولية حيث مكان الاقلية الهزارا. ونتيجة للتغيرات السياسية وما تسبتت به من دمار للنظم الحياتية، هاجر الاب مع ابه، تاركا كل ما جادت عليه الدنيا خلف ظهره. ضمن مغامرة كادت ان تؤدي بحياتها، من خلال رحلة محفوف بانواع المخاطر و في ظل تواجد القوات السوفيتة الغازية. لتبدا من جديد صعوبات الغربة والتأقلم مع حياة جديدة بنظم حياتية مختلفة، محطة ادت في نهايتها الى رحيل الاب بعد ان اضناه التعب والغربة والمرض، وزواج الابن من افغانية مهاجرة.

وعند ذلك الوقت جاء هاتف من صديق العائلة القديم في كابل ليبلغ أمير ما تعرضت له عائلة حسان من قبل طالبان، من قتل وتدمير نتيجة العنف الطائفي ونتيجة لحروب امراء الدم ، الامر الذي حرك عنده ذكريات الماضي اذ حاول جاهدا التغلب على عقدته النفسية، والتكفير عن ذنبه، بالسفر الى أفغانستان وانقاذ ما يمكن انقاذه من عائلة حسان. استطاع الراوي من خلال هذه الرواية التي تحولت الى فلم بنفس العنوان انتج عام 2007، ان يستعرض مأساة الافغان وما آلت إليه الأوضاع في هذا البلد الجميل والامن من خلال ملايين النسخ التي بيعت بمختلف اللغات، وهو بذلك يقدم عملا فنيا كبيرا بطريقة ادبية مبدعة، تتمثل في تخليد وتدوين، حقبة لا تزال مستمرة من اراقة دماء الابرياء، وحرق وطن كان اسمها أفغانستان.

   روايات عالمية ( ريفيو )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن