3

184 28 5
                                    

كانت دقات قلبه متسارعة، أنفاسه ثقيلة و لم يستطع الحركة من شدة الخوف، كانت الخطوات تقترب ببطء، و بطء، و بطء...

اقترب رأس الخنزير ليمسح المطبخ بنظره فاحصة، كانت النافذة مفتوحة،
اقترب من النافذة لينظر نحو الأسفل ثم يبتعد و يسير بمهل نحو الصالة،
ثم نحو باب الشقة ليخرج و يغلقه.

خرج المذعور ليقف بصعوبة و هو يرتعش، أنفاسه تتسارع بعد أن كاد قلبه يتوقف، كان مختبئا تحت الطاولة ذات المفرش القماشي، يراقب قدمي رأس الخنزير، و يديه الملطختين بالدماء.

اقترب من النافذة لينظر نحو الأسفل، لم يره،
ساوره الخوف للذهاب للباب الآن و هو غير مسلح،
فأسرع لغرفة العمليات و هو يفكر بأخذ ذلك المنشار.

لاحظ جثتين مرميتين في طرف الغرفة بإهمال،
اقترب ببطء لينظر ثم يشيح وجهه فجأة بعد أن جرت دموعه، ذلك رافع، و نعيم.

بعد مجهود جبار اقترب لينظر و دقات قلبه متزايده،
كلا الجثتين قد تم قطع منطقة البطن لهما بوحشية، الدماء تسيل على الأرض و بعض الأمعاء و الأحشاء تخرج من الجرح العرضي الكبير،
كانت أعينهما جاحظة بخوف، بيد أن وجه رافع كان أشد رعبا، مع وجود جرح كبير على رأسه ليقطع جزءا من فروة الرأس و العظم ليبين الدماغ الرمادي.

حاول أن يتماسك لكي لا يسقط على الأرض،
داس فجأة على ذراع مفصولة فصرخ ليقفز مبتعدا ثم جثى على الأرض و هو يشهق،

كان ثمة جسد ممدد على سرير العمليات، اقترب ببطء و هو يشيح وجهه لكي لا يرى جثة مشوهة مجددا،
نظر بطرف عينه فكانت فتاة صغيرة، ذات شعر أسود طويل كالليل و بشرة بيضاء شاحبة، كانت مقيدة بحبل، عيناها مغمضتان بقوة.

مد يده المرتعشة ليلمس وجهها بعدم تصديق، فتحت عينيها بذعر لتصرخ بهستيرية لكنه قام بتهدئتها و معانقتها قائلا:
" أنا أخوك يا ليلى، أنا أمجد، أمجد!
لا بأس، سيكون كل شيء على ما يرام"

بحث في جيبه ليخرج السكين و يقطع لها الحبال التي تقيدها، ابتسمت الطفلة ببهوت لتمسك بيده.

ذهب الإثنان للصالة قرب المدخل،
عكف أمجد ليحاول تشغيل الراديو القديم، بعد جهد سمعا نشرة الأخبار المحلية:
" ... و ما زالت الشرطة تبحث عن السفاح الهارب منذ عدة أيام، بعد سرقته لمبلغ من المال و اختطاف الرهائن، لا زالت القوات في بحث مستمر عنه،
للحفاظ على سلامتكم يرجى إغلاق الأبواب و النوافذ جيدا و عدم...."

سمع الإثنان صوت خطوات تقترب من الباب،
فأسرعا لتضع ليلى الكرسي المكسور ليقفل الباب، بحث هو ليحضر الحبال و يربط بها مقبض الباب ،
توالت الضربات على الباب لمدة لكن الصوت توقف بعد وقت.

كانت ليلى جالسة على الأريكة القديمة بوداعة، بعد ذهاب الصوت نهضت لتخبره أنها شعرت بشيء ما داخل البطانة،
فاستعمل السكين ليمزق القماش، وجد خريطة تحتوي على طريقة فتح الفرن،
فوضعها جانبا و هو يفكر بأنها عديمة النفع للهرب، لتأتيه فكرة جديدة.

ذهب للمطبخ برفقة ليلى و هو يقنعها بخطته، بعد توسلات وافقت فحمل مفرش الطاولة ليقوم بتمزيقه لجدائل أصغر، و تساعده ليلى على جدله كالحبل، لينزلا به بأمان للأسفل.
بعد وقت كان الحبل قد انتهى، فربط طرفه بمغسلة الصحون ليدلي الطرف الآخر للأسفل،
كان الحبل طويلا...

نظر للأسفل عبر النافذة ليرى طول الحبل و يختبره،
كان المكان مظلما، لكنه استطاع رؤية شيء يقترب متسلقا الحبل نحو الأعلى، كان رأس الخنزير.

تراجع للخلف بخوف و هو يشاهده يمد يديه لحافة النافذة للدخول، لكنه في النهاية تغلب على خوفه و أخرج السكين ليقطع طرف الحبل و يطعنه بالسكين في يده،
فسقط ليغلق النافذة بسرعة .

ذهبت ليلى للصالة لتعود بخريطة إصلاح الفرن،
قامت بتقديمها له و قالت:
" أشتم رائحة لحم في الداخل، أنا جائعة"

تنهد بقلة حيلة ليصارع الباب و يفتح الفرن في النهاية، كان عميقا و كبيرا على عكس ما توقع، حاول إدخال يده لكنه لم يصل لقطعة اللحم.

اقتربت ليلى لتهمس:
" أنا صغيرة، يمكنني الدخول"
وافق ليحملها و يدخلها و تزحف ببطء للداخل،
بمجرد دخولها أغلق باب الفرن فجأة بقوة ليبدأ العمل من جديد!

" أوه لا لا، ألم تكن قطعة خردة قبل قليل؟!"
تمتم بيأس بينما كان يصارع الباب لفتحه دون جدوى، مع شعوره بالهلع و الذنب،

ثم ركل الفرن بكل قوته ليتوقف عن العمل أخيرا.
تناسى الألم في قدمه ليسحب الطفلة من الداخل و يعانقها،
لم تبد ليلى ردة فعل و قالت:
" أيها الجبان، اتركني فأنت تخنقني"

تركها لتريه قطعة اللحم الكبيرة في يديها،
كانت على وشك قضم قطعة منها ليختطفها منها بقوة و يعاتبها:
" هل أنت مجنونة؟ ألم تري تلك الجثث في الداخل؟
ما أدرانا أي لحم هذا؟ قد يكون لحما بشريا"

رمت ليلى قطعة اللحم بإشمئزاز ليحملها و ينظر لها،
كان ثمة جملة مكتوبة هناك.

غرفة القتلWhere stories live. Discover now