الجُزء الثامِن|حُب قَديم

16.3K 1.1K 335
                                    

الجُزء الثامِن|‏أعشقُكِ  بأنانِيتي وَحُبي اللعِين وَسُوئي وَغضبِي وَقسوتي وَجنُوني وَحِرصِي المُفرِط عليكِ وَهُوسي الدائِم بكِ وَصمتِي وَهُدوئي وَتذمُري وَبصُعوبتي..
* * *

التَضحيّة..
هٰذِه أعلى مَراحِل الحُب ، والإثبات الأقوى عَلى صِدق المَشاعِر الَتي نَحمِلُها في حَقائِب أفئِدَتُنا وأقصى ما نَفعلَهُ هو التَضحيّة بِسعادَتُنا لِراحَة مَن نُحِب..

هَل تَعلَمون لِماذا؟..
لِأننا كَبشَر الأنانيَة تَجري في مَسارات دِماءُنا ، وحينَما نَتخلى عَن أنانيتُنا في سَبيل مَن نُحِب فَهٰذِه هي المُعجِزَة الكونيّة..

هَل عَلمتِ الأن مَعنى الحُب!؟..
هو الشَيء الصَغير الَذي أحمِلَهُ في قَلبي لَكِ ، وما تَبقى هو عِشق لِكُل تَفاصيلُكِ الصَغيرة ، وهيام بِصوتُكِ وعَيناكِ ، ومِن أجل رؤيَة إبتِسامَتُكِ دَفنت عِشقي لَكِ حَتى لا تَهرُبِ عَني ، ولَم أكُن أعلَم بِأني سَأتعَذب حَتى الإحتِراق والتَلاشي لِأجل إبتِسامَتُكِ وسَعادَتُكِ..

أنا رَجُل قَوي وصَبور بِطريقَة مُدهِشَة وهٰذا ما أثبتّهُ حينَما غادَرت المَقهى دون إحداث جلبَة ، أعتَرِف بِأن لَدي قُدرَة هائِلَة في إخفاء مَشاعِري والتَحكُم بِتصرُفاتي ولَكِني أعلَم تَماماً بِأنه سيجيء وَقت أخرُج فيهِ عَن السيطرَة كَخيل غاضِب يَركُض بِهيجان دون خيال..

نَحنُ الأن في مُنتَصف ديسَمبِر ، والأجواء تُصيبُني بِالمَشاعِر الجَميلَة ، الأضواء والزينَة الَتي تُحيط روما الساحِرَة ، الثَلج الَذي يُغطي المَنازِل ، الشوارِع والأشجار كَليلَة زَفاف مُبهِجَة ، إنّهُ ديسَمبِر الَذي يَحمِل الأُمنيات والذِكريات مَعهُ ، وما يَفعلَهُ ديسَمبِر هو أنهُ يُنهي كُل شَيء إلتهمناهُ في خِلال أشهُر السَنة ويُخبِرُنا بِأن نَمحو كُل شَيء حَتى الفُرص..

قَررتُ المَشي ، لِأُشبِع عَيناي بِهٰذا المَنظر المُريح ، بِالرُغم مِن بُرودَة الجو وتَساقُط الثُلوج إلا أنني رَغِبتُ بِالتَيهِ ، الإختِلاط بِالعابِرين ورؤيَة وجوه الناس ، لَرُبما أجِد مَن في مَلامِحهُ الحُزن أكثَر مِني الأن! ، ولَكِن الجَميع بِلا مَلامِح ، وكَأن البَرد جَمَّد مَلامِحهُم..

حينَما إقتَربت مِن مَنزِلي ومَع مُروري مِن شُرفَتُكِ لَم أستَطِع إلّا أن أرفَع عَيناي وأتفقَد وجودُكِ ، كُنتِ تَقِفين وتَستَندين عَلى سور الشُرفَة ، تَنظُرين لِلمُشاة حَتى رأيتِني أنا مِن بين العابِرين ، إعتَدلتِ بِقامَتُكِ الرَشيقَة وإستَدرتِ ووليتِ عَني لِلداخِل وأغلَقتِ باب شُرفَتُكِ..

بَعد رؤيتي لَكِ سَتمُر هٰذِه الليلة بِسلام..

دَلفتُ لِمنزِلي المُظلِم ، رَميتُ بِمعطَفي وأخرَجت مِن جيوبِه عُلبَة السچائِر والقدّاحَة ، أخذتُ لُفافَة تُشارِكني وِحدَتي وأشعلتُها لِتحتَرِق بِصمت كَأحتِراقي ، قَررتُ أن أُعِّد القَهوة بَدلَاً مِن شُرب السُموم الكُحوليَة الَتي تُهلِك جَسدي فَفعلت..

عَلى قيدُكِ أنتِ|✓Where stories live. Discover now