الفصل الرابع

89.6K 2.8K 187
                                    


الفصل الرابع

صفقت باب الثلاجة بقوة بعد أن ألقت نظرة خاطفة على محتوياتها، كانت خاوية من الأطعمة، فقط بعض الزجاجات الفارغة كانت تستحوذ على معظم الفراغ بها، عبثت "آسيا" بخصلات شعرها وهي تنفضه للخلف، فكرت في شراء الطعام الجاهز ريثما تتجول في المحال القريبة وتشتري ما تحتاج إليه، بدت الفكرة ملائمة حاليًا خاصة أنها كانت تشعر بخواء معدتها، خرجت من المطبخ وهي ممسكة بهاتفها المحمول، ثم جلست على الأريكة المريحة الموضوعة بصالة منزلها، استندت برأسها على مرفقها وهي تتفقد أسماء المطاعم القريبة منها، ولجت إلى أحد مواقع الإنترنت لتحصل على مبتغاها لكن اضطرت لتؤجل تصفحها بسبب قرع الجرس.

زفرت بضيق ثم ألقت بهاتفها على الأريكة لتنهض بعدها من عليها، سارت ببطء نحو الباب لتفتحه فوجدت حارس البناية أمامها، تأملت تعبيراته المصدومة وهو يحدق فيها باندهاش ذاهل، حيث انفرجت شفتاه معبرة عن صدمة واضحة حينما طالعت أعينه هيئتها الجريئة، لم تكترث "آسيا" بما ترتديه وهي تستقبل ضيوفها، فقد اعتادت على ارتداء المثير من الثياب والأكثر إغراءً لتظهر أنوثتها الخاطفة للعقول، تأمل الحارس سروالها الأبيض القصير الذي يعلو ركبتيها بمسافة كبيرة وهو مذهول من رشاقتها التي حركت فيه مشاعرًا عجيبة، سال لعابه وهو يرفع عينيه نحو كنزتها –ذات اللون الأخضر الباهت- والتي تظهر كتفها الأيسر بطريقة مثيرة، تدارك نفسه حينما سألته بحدةٍ:

-عاوز إيه؟

ابتلع ريقه قائلاً بارتباك جلي:

-الـ.... الأسانسير يا.. يا هانم

فهمت "آسيا" طبيعة نظراته نحوها، لم تكن بحاجة لتفسيرها فقد اعتادت على مثلها كثيرًا، انتصبت في وقفتها ثم نظرت له شزرًا مبدية سخطها من حضوره الغير مرحب به، بدت كلماته غير مرتبة وغامضة إلى حد ما، استندت بيدها على حافة الباب لتسأله بجدية:

-ماله؟

تنحنح قائلاً بتوتر وهو يجفف عرقه البارد بظهر كفه:

-كنت .. أقصد سكان العمارة بيلموا فلوس الكهربا تاعته

مطت "آسيا" فمها قائلة بعدم مبالاة:

-شوف عاوز كام وعدي عليا بكرة أكون جهزت الفلوس، مش معايا كاش دلوقتي

شعر بجفاف يجتاح جوفه وهي تتدلل في وقفتها وكأنها تتعمد استفزاز مشاعره الرجولية، هتف بتلعثم:

-بس....

لم تمهله الفرصة للاعتراض حيث صفقت الباب بقوة في وجهه لتقطع عليه أحلامه الجامحة وتخيلاتها المتهورة، لوت ثغرها بتأفف وهي تعاود الجلوس على الأريكة، مدت يدها لتمسك بهاتفها المحمول، تحولت تعابير وجهها للانزعاج حينما لفت أنظارها ذلك الخبر الصادم عنها، فغرت شفتيها وهي تقرأه قائلة:

المُحترَمُ البَرْبَريُّ ©️ - كاملة ✅حيث تعيش القصص. اكتشف الآن