DAY 1

521 39 3
                                    



______

فتحت عَينايَ بمُنتهى الثِّقل .. رمشتُ عدة مراتٍ اُحاول تصحيح مجالِ الرؤيةِ امامي ..

ُلقد ذَهبت المُروج الزهرية .. السماء الصافية .. الهواء الضَّبابي الهادئ .. اِختفت الجنة

اول شيء لمحته امامي هو الأضواء المنبعثة من ممرات المشفى، التي تَتَوارى لي من خلف زجاج البوابة البيضاء تلك ..

كانت النوافد مفتوحٌ زجاجها جزئيا .. حيث شعرتُ بالنسيم الليلي ضد جزءِ بشرتِيَ المواجهِ لها ..
و اول شيء تباذَر الى ذهني، انني حي .. اَستطيع الشعور بما يُحاذِينِي .. انا اتنفس !

تلك اليومية التي كانت مُتَموْضِعة مباشرةً محاذاةَ الساعة الحائطية قد جذبت انتباهي ..
لقد كانت السنة التي حدث فيها كل شيء
ًلقد كان الشهر الذي تحطم فيه كل شيء و تَلَاشى بعيدا

َو غدا كان من المُفترضِ ان يكون يوم زفافي

الذي فقدتُ فيه الفرصة في الحصُول اخيراً على تلك النهايةِ السعيدة التي حلمت بها .

َّلم اكُن متفاجئًا من فكرةِ انني عدتُ بالزمن الى الوراءِ .. لكن كلُّ ما اعلمهُ الآن هو انَّه ينبغي ان اُصلحَ كل ذلك ..
ٍهو انني لا ينبغي انْ اترك من هَامَت به عَينايَ عشْقاً ، مَجروحاً بتلكَ الطريقةِ دون معرفةِ ايِّ شيء .

ُثوانِ قد مرت وقد اِقتحمَ رجلٌ غرفَتيَ .. آه اِنه أبِي .. لقد نسِيت ~

لقد كُنت قلقاً من انه لم ينم بعد ُ.. وجهه شاحبٌ بالكامٍل الى جَانبِ تلكَ الهَالاتِ التي تطفي لمسَاتٍ من الزينةِ الى لوحَة الإِرهَاق المَنحوتَة نحتاً مُثقناً على محيَاه ..

"ابِي .. اريدُ العودةَ اِلى الدِّيار"  لقد كانَ اول شيءٍ تفوهتُ بِه بلهفةٍ بمجردٍ ان فَكَكت العِناقَ بينَنا
"اريُد العودةَ إليهِ .. اريدُ رُؤيته لِلمرّة الاخيرةِ .. اَن اُعانقهُ، و اسْتنشِق عبقَ رائحةِ اللَّيلكِ الفوَّاحةِ منهُ .. اَن اُشبعَ نفسيَ من دِفئه .. اَقنعَ من احتوائِه بين ذِراعَي .. اُريد الْقولَ انني آسِف  .. اُريدهُ انْ يعلمَ .. انَّني لن اَعيشَ اكثرَ من هذَا"

وفِي تلكَ اللَّحظةِ .. شعَرتُ بدموعِه عَلَى كتفِي ..
ِشُعور انّ ابِي يُذرفُ دموعَه بِمقْرُبةٍ منّي عِندما لفظْت اَنفاسِي الاخِيرةِ .. مُؤْلمٌ للغَاية
"اريدُ منكَ ان تَرانِي سَعيداً قبل انْ اُفارقَ الحيَاة"

مِن الصّعبِ اَن نتظَاهَر بأننا جَاهلِين عَن كَمِّ الأشْياءٍ الَّتي لَا تَزالُ قد تَنتَظِرنَا !

"حسنًا" سمعْت همَسهُ الهاربَ من بينِ شهقَاتِه المؤْلمةِ حقّاً لفُؤادِي .. "سَنذهَب للمَنزلِ اول شيْء صباحًا ..احتاجُك ان تأخُذ قِسطًا من الرَّاحة، عسَى ان تسْترجِع القليلَ من طاقَتك"
اردَف بصَوتٍ شِبه منخَفضٍ بينمَا يغطي اَجزاءَ جسدِي المَكشُوفَة بالغِطاء الاَبيض بلَهفةٍ .. هو يحاولُ اقنَاع نفسِه انني سَأتحسَّن ...

ٍو عندَها نحْن لم نكمِل العِلاجَ اكثرَ من ذَلك .. لأَننِي كُنت سأتَوفَّى في تِلكَ اللَّحظَة عَلى ايَّة حال ..

_________

مِن المُفترضِ ان تكُونَ في قَبركَ .. بينمَا انتَ تجُوب مَشارقَ الدُّنيَا و مَغارِبهَا

ٍاَنتَ تحتَضرُ .. بَينما اَنتَ بأَفضلِ حال -

ِهذَا هُو وَاقعَكَ .. و لاَ مجَال لِلإنْسحَاب
_________

يتبع ...

ُاَلــوَدَاع - |VKOOK|Where stories live. Discover now