🌤

90 7 3
                                    

مازلت أتذكر ذلك اليوم
ذلك اليوم الصيفي الذي رن فيه منبهي دون أشعة شمس تضايق جفوني
صباحا أخلفت فيه الشمس وعدها بأن تطرق على عيناي كل يوم

لا الأرصاد الجوية قد أشارت ليوم تحتله الغيوم
و لا وكالات الفضاء أشارت لكسوف ..

إتجهت لشرفتي متفقدة حال السماء
ليقابل عيناي ذلك المنظر السوداوي الذي يأبى مفارقة ذاكرتي
رأيت منظرا إعتدت  رسمه بمخيلتي عند قراءة الروايات التي ترتدي فستانا فلسفيا مع لمسات من الخيال العلمي .

ظننت أنها مجرد زلة إقترفها الزمن في حق البشر
لكن كان ذلك قدر البشرية .

لقد أظلمت السماء و اندثر النجم الأعظم ...

جلسنا نراقب الإنفجارات و التقلبات التي تصيب شمسنا متناسين أنها نجم
و حياة النجوم محدودة مهما بلغت عظمتها
إنها فانية تماما كالإنسان ~~
ذلك النجم الأسود الذي زار الشمس لم يكن سوى قابضا لروحها .

و هكذا إختفى الإحتباس الحراري الذي قضينا سنينا من عمرنا و نحن نشكو منه

غرقت أعمال الفلكيين في تقسيم الأرض لجزء حار و جزء بارد
تحول الكوكب الأزرق لكوكب جليدي

لم يعد للطاقة الشمسية وجود
إختفت المناطق البترولية
تجمدت البحار و إختفى مصطلح طاقة المياه
حتى أن طاقة الرياح لم تكن كافية لإشباع رغبات سكان هذه الأرض 

دفنت النباتات تحت أكوام الثلج
و تبعها إختفاء الحيوانات

حسنا هل تجدون المسألة عادية ؟
ماذا لو أخبرتكم أن سيف الإنقراض و الزوال يلامس عنق الإنسان ؟

نعيش في الظلام الدامس على كوكب تائه وسط ملايين المجرات
على كوكب يتيم فقد حليب أمه

بدأ العد التنازلي لعدد البشر
بدأت الملايير بالنقصان متحولة لملايين

توفي المرضى لعدم تواجد الأدوية
توفي كبار السن و الأطفال بردا

بعد شهرين جُمعنا بمكان أشبه بالمختبرات ليتم مخاطبتنا من طرف رجل مجهول  ~~

" نحن بناة المستقبل، حاليا هذه الجملة ذات معنى أعمق من تلك التي لفظتها ألسنة الأطفال، نحن آخر من يسكن هذه الأرض! قبل سنة من حدوث هذه الفاجعة التي جعلتنا نجتمع الآن، رصدت وكالات الفضاء قرب أجلِ نجم درب التبانة الأعظم لكن كان صعبا إخبار الناس لذا فضلنا إبقاء الأمر مخفيا تحت مسمى سر مهنتنا، خدمةً للبشرية، الكتب التاريخة صاحبة الرموز المشفرة قد أشارت لاندثار الشمس لكن ماذا يسعنا أن نفعل؟  كانت معادلة القدر التي لا حل لها. فلترقد روح الشمس بسلام، لقد منحت الأرض حبا حقيقيا، علاقتهما علاقة طردية اذا ماتت إحداهما تموت الأخرى، الأرض تموت حزنا و أسى بطريقة بطيئة، إنها تتعذب! و أقدامنا تزيدها ألما لذا اليوم و في هذه اللحظة أعلن بدأ مهمة ترك الأرض"

أجل كلمات حفرت في باطن التاريخ و كيف لا أتذكرها تلك الكلمات التي سبقت مغادرتنا للأرض؛ تلك الكلمات كانت التمهيد الذي يسبق أول شطر من جزء جديد من حياة البشرية، كانت الأحداث سريعة جدا لدرجة أنني لم أبحث حتى عن ماهي تلك المركبة الأسطورية التي تجعلنا نبتعد عن الأرض.

تلمست نافذة تلك المركبة حيث كان على مجال نظري الأرض، كانت آخر نظرة ....
إذا كان هجر البلد حيث بكيت أول مرة مؤلما فماذا عن هجر الأرض التي أمضى العلماء ألاف الأعوام و هم يستكشفون باطنها، الأرض التي تحمل بكل زاوية لها ذكرى.
أيها الموتى تحت التراب هل تشعرون بالبرد؟
لأنه مهما بلغ دفئ هذه المركبة لازلت أشعر بالبرد الشديد ..
أحسد أسلافي الذين نعموا بدفئ الشمس ~~

_ يوم مجهول الهوية من مذكرة روزي أحد آخر سكان الأرض _

The begining of DarknessWhere stories live. Discover now