الفصل الأول

24.6K 313 4
                                    

** نافذة على الماضى **

احتقن وجه سارة شاو ، هذا شئ لا يذكر انه حدث لها منذ زمن بعيد ، واكمدت عيناها وهى تقول : كنت اتمنى لو انك اعلمتنى مسبقا بالامر يا سيد دنت ، فليس من الانصاف ان ترمى الانباء فى وجه الاخرين !
وتطلع جورج دنت بدهشة ، فقد تم كل شئ فى المرحلة الاخيرة من التسلم والتسليم بسهولة . والسير دايفد ومجلس ادارته لم يناقشوا التفاصيل كثيرا . وذلك عائد دون شك الى واقع ان المدير الادارى لدى السير دايفد ، مارك فينويك ، هو رجل قدير ذو ذكاء لامع ، وعلى المام بادق الشؤون التى تخص شركة جورج دنت
وتنهد جورج وهو يتامل وجه سكرتيرته الشابة سارة المضطرب بشكل غير عادي
بسبب جهد مارك فينويك تم استلام شركة جورج بسهولة رائعة . صحيح ان الطريقة التى سينهى بها حياته العملية ، بان تستولى شركة ضخمة مثل شركة " استرو كاميكالز " على شركته ، هى طريقة غير مرضية ، على الرغم من ان المبلغ المدفوع كان يفوق ما تخيله . ولا يستطيع الانكار انه كان يفضل ان يبقى مرفوع الراية حتى النهاية . على كل الاحوال ، ولانه لا عائلة له يتركها لهم ، ومنفصل عن ابنه السئ السمعة الذى نادرا ما تلتقيه ، فان الامر هكذا افضل له
وخاطب سارة بلهجة مرحة لطيفة : اسف يا سارة لانك تشعرين ان من اللازم ان استشيرك . ولكنها ليست غلطتى لوحدى . فقد اصرت شركة استرو على السرية المطلقة حتى يتم كل شئ . ولم اكن فى وضع استطيع معارضتهم .
وعضت سارة شفتها اذ لازالت متوترة ، وجورج كان دائما لطيفا معها . وهزت راسها قائلة : يصعب على كبريائى قبول الامر . كما يصعب على اننى لم اكن اعلم بما يجرى . ولكن من المفترض بالسكرتيرة الجيدة ان تعلم حتى بما يفكر به رئيسها ! ولست متاكدة من اننى ارغب فى البقاء مع رئيس جديد يا سيد دنت
-سارة ! كلنا لا نحب التغيير . انت سعيدة معى لانك تعرفين طريقة عملى . ولقد علمتك الكثير ، كما انك تعرفين كل شئ عن الشركة مثلى تماما . ولهذا السبب بالذات ترغب بك شركة " استرو كاميكالز "
وابتسم جورج لها ابتسامة من لا يوافق على رايها وتابع : من الصعب استبدالك فورا . ولو اننى قبلت بالبقاء فى مركزى لما تغير شئ . ولكننى قررت التقاعد . وشركة استرو ترغب فى ان يسير كل شئ
بسهولة قدر المستطاع . ومارك فينويك يعجبنى ، فقد امضى فترة طويلة فى الخارج ، وهو لا يحب ان يبدد الوقت سدى على شئ جديد عليه
-مديرهم الادارى هذا .....
وترددت وقد تعرقت يداها وشعرت انها غير قادرة على لفظ اسمه
-اليس من الافضل لشركة مثل " استرو كاميكالز " ان ترسل شخصا اقل منه رتبة ؟
فور تفوهها بهذا القول شعرت انها اخطات فلجورج دنت كبرياؤه ، هو حساس جدا فى هذه الايام . ولكنه قال لها بهدوء : بالطبع ، ولكنه لا ينوى البقاء بصورة دائمة . ومؤسسته كبيرة على الرغم من سجلها السئ الحظ خلال الستين الماضيتين ، والامر يبدو وكانه تحد لرجل مثل فينويك ، والشخص الذى سيثق به سيكون اهلا لهذه الثقة . وستكونين مساعدة عظيمة له . فهو بحاجة الى شخص مثلك ليعمل كنوع من مخفف الصدمات عنه ، ويتعامل مع المتطلبات الكبيرة التى سيواجهها على الاقل فى الستة اشهر الاولى
ومرة اخرى شعرت سارة بصعوبة فى تنفسها وهى تقول : هل .... هل سال عن اسمى ؟
-لا ، وكان من الافضل لى ان اذكره عندما كنت اصف له مقدرتك ، امل ان لا تجدى صعوبة معه يا سارة !
-ولكن ستة اشهر ؟
وبدا كلامها يائسا حتى فى اذنيها ، ولم يلاحظ ذلك ، ولم يكن حتى يستطيع ان يخمن لماذا ! وقطب حاجبيه فى اول اشارة لنفاذ صبره
-انها ليست فترة طويلة يا فتاتى . واكد لى مارك فينويك انه سيعتنى بك جيدا ، وانت تعرفين ماذا يعنى لى ذلك التجول اضافة الى ذلك سيكون وضعك افضل
وهزت سارة راسها يائسة ، وهى تشعر ان التيار قد جرفها نحو رجل لم تكن تريد ابدا ان تراه مرة اخرى
-انا فقط . لا احب فكرة العمل مع غريب . ليس مع رجل من هذا النوع على كل الاحوال
-اظن انك ستفعلين ، فلديك عقل ممتاز ، وسيدفعك هذا الى الامام اذا استفدت من الفرصة . هل تعرفين الرجل ؟
وازدادت حدة نظرته ، وكانما ظهر له شئ ما فى وجه سارة الممتقع ، وانعم التفكير ورجع بذاكراته الى الوراء
-لقد عملت سابقا فى مؤسسة ما فى لندن اليس كذلك يا سارة قبل ان تاتى الى هنا ؟
-فى الحقيقة كانت شركة " استرو كاميكالز " التى عملت فيها
-يا الهى ، اظن انك اخبرتنى من قبل وقد نسيت
-لا تهتم بالامر ، على الاقل تركتهم بمحض ارادتى
وبد عليه الارتياح ، دون ان يلاحظ اضطرابها
-اظن ان مركزك كان صغيرا ، كما اظن انك لم تقتربى ابدا من الادارة العليا ، انا افهم الان ماذا يقلقك . ولكن لا اظن انك يجب ان تذكرى هذا للسيد فيونيك الا ااذ كنت راغبة فى ذلك.
وتهدج صوتها ، وشعرت بالالم مرة اخرى . فالشقاء القديم الذى املت بانها نسيته ، عاد الى البروز بسرعة فى حياتها
-انا ..... انا فى الواقع قابلت بعض من فى القمة . لقد تبادلت بعضا من الحديث مع مارك فيونيك ، واظن اننى لم اعجبه ، لذا لا اعتقد انها فكرة جيدة ان ابقى هنا واعمل معه .
-الفتيان عادة شديدو التاثر يا سارة .... ولا اظن ان رجلا مثل فينويك ما زال يذكرك ، واظن انه نسى كل شئ عنك بعد خمس دقائق . وبماذا تحدثتم ؟ لم اكن اظن ان رجلا فى مركزه يتصل بالموظفين الادنى رتبة
-معك حق
وبذلت سارة جهدا كبيرا لتتظاهر انها لم تلاحظ سؤاله الاخير . وترددت برهة ، وعندما بدا ان جورج سيعيد السؤال سارعت للقول : ايامى فى لندن كانت قصيرة ، واصبحت الان من الماضى . وانا قادرة على فصل الاشياء عن بعضها . ساحاول البقاء الى ان يستطيع السير فينويك الاستقرار هنا ، ولكننى لا اضمن قبوله بي.
-هذا امر منصف ، بعض الاحيان من المفيد مواجة الاحداث الماضية ، فقد تجدين انها غير ذات تاثير ، وتستطيعين نسيانها . وانا متاكد ان مارك فينويك يفضل العمل مع التحدى ، هذا اذا استطعت المحافظة على نفسك

عصفورة النار _ آن ميثرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن