ركلة القهر

64 4 0
                                    






وضعتُ يديَّ في جيوبِ بنطالي ومشيتُ في شوارع المنطقة  المُجاورة لمنطقتي . تابعتُ المشي لأنه لا يوجد موعداً لأتأخر عليه . كما أنني - علاوةً على ذلك - كنت أمشي بدونِ مكانٍ لأقصده,  أمشي مع الخسارة .. نعم هكذا بالضبط . الخسارة هي رفيقتي في المشي .. أمشي معها على مهلٍ.و أنا أمشي اليوم .. تدحرجت بأتجاهي كرة قدم قادمة من مجموعة أولاد يلعبون في الشارع الذي كان أمامي .تهاوتْ قوة إندفاع الكرة على مقربةٍ مني و الأولاد ينتظرون أن أعيدها لهم بركلةٍ منطقية .ثبّتُ الكرة على الأرضِ بقدمي اليسرى و تراجعت إلى الخلف بأربع خطوات و أنا أسحب الدخان من سجارتي .نظرت إلى الأفق .. تذكرت مسلسل الكابتن ماجد و ركلة النسر و ركلة النمر  والركلة الصاعقة . تذكرت طفولتي التي حدثت كالصعاقة و أبي الذي هرب منه كالنمر المُتعب و المشاكل التي طارت كالنسر الجائع فوق رأسي حينها .تذكرت سيجارتي التي إنطفئت . تذكرت مستقبلي حين إنطفئ مثلها تماماً ...ولمعتْ عينايّ و بأقصى قوة إستطاع جسدي النحيل أن يمدني بها , هجمتُ نحو الكرة كطفلٍ يركضُ وراء نمرٍ ليرميه على النسر الذي يحوم فوقه ! .ركلتُ الكرة بأدنى قواي و أقسى آلامي
فطارت الكرة عالياً إلى أن تلاشتْ في الأفق ... و كان الأولاد ينظرون إليّ وإلى الأفق بأندهاش .. أقتربوا مني بحركة تموجيّة و كأنهم ما تبقى من حُطام التايتنك . سألوني بعد أن طلب مني أحدهم سيجارة :
"ما إسم هذه الركلة العظيمة ؟" . 
أجبتهم و أنا أنفثُ دخان السيجارة التي إنطفئت - بعد إعادة حرقِها :
" ركلة القهر !" .

حبات الرمان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن