9 - رحيل إلى الغد

719 18 1
                                    

    احتاجت سيليا إلى كل ما أوتيت من قوة إرادة للذهاب غلى غرفة برودي ذلك المساء إذ تفرض عليها واجباتها كممرضة الموااجهة . . . . مع أن كارول أكدت لها ان شيئاً لن يحصل ، وأنها شرحت له كل شيء . . ولكن ما أقلق سيليا هو " كل شيء " الذي شرحته له ! كان مستلقياً على سريره حين دخلت ، والنظارة السوداء مكانها  إلتفت إليها سائلاً : - سيليا ؟ - ومن سواها ؟ - لماذا كذبت علي ّ ؟ ابتلعت ريقها بصعوووبة فالهجوم مباغت : - كذبت عليك ؟ ولماذا أكذب عليك ؟ - هذا ما أحاول معرفته . قالت كارول أنها هي من يقابل جوناثان ، فلماذا جعلتني أظن أنك أنت الفاعلة ؟ - وهل فعلت هذا ؟  رد بخشونة : - تعرفين جيداً أنك فعلت ! وماذا عن بيانشن ؟ - إنه طبيب لا اكثر ولا أقل . - وماذا عن ذلك الرجل الذي قضيت الليل معه . ذالك الذي حمل إليك فطوؤك إلى السرير ؟ - زرت كارين وجاك هاموند ، فدعوني إلى المبيت عندهما . أما الذي حمل لي الفطور فهو إبنهما جون . سمعته يتمت شيئاً . فقالت : " ماذا قلت ؟ " . - قلت اللعنة عليك ! لماذا فعلتِ بي هذا ؟ ألا يكفيك عجزي حتى تزيدي عليه تبججك بعلاقاتك الغرامية ؟ - لم اتبجج قطّ . . . أنا فقد . . .  - جعلتني أشعر أنني غير قادر على أن أكون ؤجلاً ! وبتُّ أجلس هنا في هذا الكرسي متمنياً لو أكون حبيبك ! - برودي . . .  - اخرجي من هنا سيليا ، لا أطلب منك ذلك طلباً بل آمرك ، فلن أطيق وجودك بعد الآن . - سأتركك قليلاً ، ولكنني سأعود وقت العشاء . .  - أريد أن تتركي المنزل سيليا . . ما عدت بحاجة إليك . . .  - لكن . . . .  - تعرفين أن هذا صحيح . . فأنا لا اتناول علاجاً أو حبوباً منومة . . . لذا ما حاجتي إلى ممرضتي ؟ سيكون رحيلك مفيداً للجميع وخاصة لك ولي . - ما رأيك بصديقة ؟ - لن نكون أنا وأنتي صديقين أبداً . - هذا غير صحيح . . .  - أنا لا أريد أن أكون صديقك سليا . وهذا ما تعرفينه منذ ان دخلتِ عليَّ في المستشفى وبدأتِ تغيظينني بصوت قاس للحصول على رد . . . وقد كنت وقتذالك أعرف غايتك تلك فلم تعجبني . . . . وها أنا الآن أطلب منك الرحيل فما عاد من المناسب بقاؤك . - فهمت . ولكن يجب أن يوافق جوناثان أولاً ، فهو طبيبك . - وأنا كذلك طبيب قادر على تقرير ما إذا كنت بحاجة إلى ممرضة أم لا . سألتني قبل الآن إن كنت أرفض أن أناقش وضعي معك وحدك ، وأقول نعم هذا صحيح . شهقت بصوت مرتفع وكأنه صفعها . . فأردف : - هل يناسبك الرحيل غداً ؟ - إذا أردت هذا حقاً سأرحل غداً . - نعم أريد ذلك سيليا . . .  وقفت امام الباب فأردف : - أنا سعيد بعلاقة كارول وحوناثان ، فلا بدَّ أن يجدا السعادة معاً . - أجل وأنا مسروره بهما كذلك ، فكارول شابة تعرف ما تريد .  وتحصل على ما تريد . . . أوه . . . ليتها تحصل على الرجل الذي تريده . . . على الرجل الذي تحبه . . . ولكنه يبعدها عن منزله . . . وعن حياته . . . ربما إلى الأبد . فهو ما عاد يريدها ، وما عاد منجذباً إليها . . . أوه. . . ليتها لاحظت ذلك الانجذاب في البداية واستغلت الفرصة لتكون بين ذراعيه ! كانت تةضب حقيبتها حين قرعت كارول الباب . - ماذا يجري هنا ؟ هل تشاجرت مع أبي ؟ أرجوك لا تتركي المنزل بسبب هذا الشجار . . فسينسى كا شيء غداً . أترحلين بسبب أتهامات جدتي ؟ إنها راحلة غداً . - لا شأن بجدتك برحيلي . - ولم َ تشاجرت مع والدي ؟ إن هذا مفاجيء . - هذا صحيح . . ولكن عندما أصبح ممرضة لا يجدي وجودها نفعاص فالخير في رحيلي . ألا ترين أن من الأجدى لك مرافقة جدتك ؟ إنها متكدرة . - إنها دائماً هكذا . - ماذا كانت أمك تفعل في سويرا ؟ - كانت تعيش هناك . - في سويسرا ؟ - ألم يذكر لك امر رجيلها ؟ لقد ذهبت لتعيش هناك بعد انفصالهما . - ولكنني اعتقدتها . . عادت إليه .  - كانت تعود أحياناً لقضاء العطلات . ولكن زوجها لم يكن يحب زيارة إنجلترا . . وهو رجل لم يدخل حبه إلى قلبي يوماً . كان أصغر منها بعشر سنوات وهو إلى ذلك رجل عابث . ابتعلت سيليا ريقها وقد صدمها الخبر . . . فعودة برودي إلى زوجته ما باءت بالفشل فحسب بل أدَّت إلى الطلاق والزواج برجل آخر . . يالله . . . إنها تفهم الآن ما يشعر به من عذاب ! - لكن أمي كانت سعيدة مع زوجها . . آه سيليا ليتك لا تتركين والدي ! فأبي لا يعرف ما يفعل بنفسه بصرفك من خدمته .  - يل يعرف . . لقد كنت شوكة في خاصرته منذ مجيئي غلى هنا . لقد وافقت على الذها ب في الصباح ، ولكنها لم ترحل قبل أن تراه للمرة الأخيرة . الطعام اللذيذ الذي حملته إليها كلرول على صينية ، لم يرق لها . . وقد مرَّ الوقت حتى تأكدت من نوم برودي . . فهي لا تستطيع أن تراه إلا بهذه الطريقة . كان الضوء يغمر غرفته . . . ولكنه كان نائماً ، لا يدثره إلا غطاء ؤقيق . . مت زال منظره يخطف منها الأنفاس . . . ارتعشت أصابعها وهي تلامس صدره بنعومه ، فتحرك ولكنه سرعان ما عاد يغطُّ في نوم عميق . . . جلست على حافة السرير وقالت هامسة : - لم أقصد إيذاءك قد برودي . . . ولم أشأ أن تشعر بأنك أقل من رجل . ولكنت شاركتك حياتك بكل سعادة لو عرفت ولو مرة أنك مهتم بي . . . أوه حبيبي . . . لم أتوقف قط عن حبك حتى عندما آلمتني . كنت أتمنى أن تكون حبيبي برودي . . .  وتدفقت دموعها غصباً عنها وهي تنظر إليه ، غير قادرة على مقاومة تطوقها إلى ضمه إليها . . . . وعادت تهمس : - إذا احتجتني يوماً أو أردتني . . . فأنا تحت طلبك دوماً . وقفت على مضض . ثم هرعت إلى الخارج لا تلوي على شئ . بدت غرفتها باردة ، وحيدة فاندست يائسة تحت أغطية السرير , تدفن وجهها في الوسادة لخنق نحيبها . فلم تكن تعرف إلى أين تذهب في الغد ، ولم تكن تهتم لأنها لم تشعر ببؤس كهذا من قبل . . .  - سيليا . تسمَّرت في مكتنها عندما سمعته يناديها فالتفتت إليه فإذا هو في الباب . رمشت بعينيها لأنها ظنت أن الخيالات تتراءى لها . - هل لي بالدخول ؟ لا . . . لا تتراءى لها الخيالات . . . إنه حقاً هنا . . . ونظرت إليه مذعورة . . . هل كان مستيقظاً طوال الوقت .؟ هل سمع ما قالته عندما كانت تودعه ؟  - استيقظت منذ لحظات ووجدت صعوبة في الإغفاء من جديد . . . كان عليّ أن آتي إلى هنا لأودعك . لأنني أعرف أنك لن تودعيني قبل رحييلك في الصباح . . أين أنت ؟ رطبت شفتيها ، وهي لا تدري كيف ترد عليه ، فكرر بنعومة : - أتأذينين لي بالدخول ؟ لا أريد أن تسمعنا كريستبال فتظن بنا الظنون . تصلبت ، ولكنها لم تلبث أن جلست : - لا تقلقي . . لن أقنعك بعدم الرحيل . فنحن نعرف أن لا حاجة إلى رعايتك . - أجل . .  - ولكن هناك ما انا فعلاً بحاجة إليه . - نعم ؟ وما هو ؟ جلس قربها عل السرير ، ومال إلى الأمام يمسك ذراعيها ثم يرفع يديه ببطء حتى كتفيها . . . فوجهها : - ليتني أستطيع رؤيتك . . . أنت جميلة ، اليس كذلك ؟ - لا . . .  - بلى . . . أنت جميله . سألت كارول منذ أسابيع فقالت إنك جميلة ، فشعرك شعلة نارية حين تتداخل الشمش فيه . . . وبشرتك ناعمة عاجية وعيناك زمريتان أما ثغرك . . . فشهيّ . شهقت أنفاسها متألمة : - برودي . . .  - أتعلمين كم اشتقت إلى عناقك ؟ كم احتجت إلى أن تحضنيني . . . ؟ ولكنكِ كنتِ دائماً رسمية بالتعامل معي . . . ممرضة بكل ما في الكلمة من معنى . . . أليس فيك إمرأة ؟ تأوهت : - تعرف تماماً ما يوجد فيَّ . . . ألم يسبق ان زرتني من قبل فأمضيت الليل عندي . - لم أبت طول الليل بل جزءاً منه لأنك طردتني . - اضطرت إلى ذلك . - وهل ستطردينني اللية أيضاً ؟ - حماتك . . .  - اللعنه على كريستبال . . . هل ستطردينني ؟ أعطته الرد الوحيد عندها : - لا . - سيليا ؟ - قلت لا . . . لن أطردك لأنني لا أقدر على إبعادك عني . . ألا تعرف هذا ؟ - عانقيني سيليا . . . إن لم أشعر بك بين ذراعي حالاً جننت . صاحت صيحة مخنوقة متحشرجة ثم رفعت ذراعيها إليه تشعر يتجاوبه السريع معها . . . كان عناقاً عنيفاً وعاصفاً ، فتعلقت بكتفيه العريضتين ، لتغرق في عالم أصبح مجنوناً تماماً . . . فبرودي وحده هو الحقيقة فيه . وأخذ يهمس لها : - ليتني أراك . . . ليتني أرى جمالك المسترسل أو عينيك التائقتين إلى شوقاً . - ليس الأمر مهماً . . .  - لكنه مهم عندي .  وضعت يديها على وجهه . - أزل الحاجز الذي يحول بينك وبين الرؤية . - درس آخر في علم النفس ؟ - لا تهزء بي برودي . . .  - أهزأ بك ؟ كنت غبياً عندما جئت غلى غرفتك . . . أترضين عادة مرضاك وتجعلينهم يتنفسون عن ضغط أنفسهم بهذه الطريقة . أمسكت أعصابها بجهد كبير وهي ترفض أن يفسد عليها هدوءها . - لماذا أحرمهم مما يتمتع به الأطباء ؟ راقبته وهو ينتفض مبتعداً . . . فأردغت بصوت ناعم : - أنا لا أقول إلا ما تتوقع سماعه ، ولكنك تعلم ان أقوالي هذه غير صحيحة . . . فما من طبيب أو مريض ، بل ما من أحد اقترب مني من قبل . برودي أنا أريدك أنت ، أنت وحدك . . .  - سيليا . . . .  - لماذا لا تفهمني . ألا تشعر بقلبي الواجف . . . ألا تسمع أنفاسي المتهدجه . . .  - سيليا!  - لن أتوسل إليك أكثر . . .  - يا إلهي ما عدت أحتمل . . ما عدت أستيطع تحمل المزيد . .  وأبعدها عنه متألماص . - هل رغبت يوماً في أن يكون لك طفل سيليا ؟ - كل إمرأة تحلم بالاطفال . - ستبدين جميلة في حملك ، ولكنني لأسف لن أكون ذالك الرجل الذي يبعث فيك حياة جديدة . ثم نظر إليها نظرة طويلة حتى شعرت أن بصره قد ارتدَّ إليه ، ولكنه وقف بسرعاً وخرج من الغرفة لا يلوي على شيء .  استيقطت في الصباح التالي على طرقة خفيفة ، أعقبها دخول كارول التي نظرت إلى سيليا : - كيف كانت ليلتك ؟ - لا بأس بها . - سيليا ؟ - هل شاهدت أباك هذا الصباح ؟ ضجكن : - أجل . . . إنه يصيح بالجميع . . . جوناثان معه في الوقت الحاضر .  - أهو مريض ؟  - لا تسأليني عنه ، إنه لا يتفوه بشئ . - وماذا عن جوناثان ؟ تنهدت : - يمارس قواعد المهنه عليّ . لا بد أن أمراً مهماً دفع برودي إلى استدعاء جوناثان باكراً هكذا .  - أوالدك بخير ؟ - إنه تعب . . . أما زلت تريدين الرحيل اليوم ؟ - نعم ، إلا إذا عدل والدك عن رأيه ، ولا اظنه فاعلاً . - سيليا ؟ - نعم ؟ - هل قصدك أبي البارحة ؟ ابتلعت سيليا ريقها بصعوبة . . ولكنها ابتسمت : - لا فائدة من الإنكار . . . أليس كذلك . - ولماذا تريدين الإنكار ؟ - لا أريد الإنكار . . . ولكنني أؤكد لك أن إتهامات جدتك غير صحيحة . فقد أتى والدك ليلة البارحة ليودعني ليس إلا . . . .  - ولكن ألا ترين أنه بقدومه ذاك أشار إلى ما في قلبه تجاهك . . . أنا لا أصدق ما تقولينه عن عدم إهتمامه بك . . . . خاصة وهو من كان يبدي اهتماماً كبيراُ بك قبل ست سنوات ولا أظن مشاعره تغيرت تجاهك . . . .  تنهدت سيليا من عناد كارول : - إنه لا يذكرني حتى . . .  - لا أكاد أصدق قولك . - لن يغر تصديقك أو عمدمه من واقع إصراري على الرحيل . - حسناً سأتحدث إلى أبي .   أكملت سيليا ارتداء ملابسها وهي سروال أسود ضيق وقميص أخضر واسع . وفيما كانت توضب الحقائب انفتح الباب على غير توقع فالتفتت تتوقع رؤية برودي ولكنها دهشت من رؤية كريستبال إير التي كانت واقفة هناك وعيناها الصغيرتان تحدقان إليها بعجفة وازدراء : - إذاً أنت راحلة حقاً آنسة هالام ؟ ويبدو أن قرارك هذا اتخذته بعدما اقتنعت للمرة الثانية بأن لا وجود لك في حياة برودي . - هو لا يحتاجني ممرضة . - ولا عشيقة ! - سيدة إير . . .  - سئم منك هذه المرة في وقت أسرع من المرة الماضية . . . أليس كذلك ؟ لقد سئم دونا بالطريقه ذاتها. - في المرة الأولى أم الثانية ؟ - ماذا تقصدين بالثانية . . . ؟ تعنين الصلح!ّ  ضحكت كريستبال . - أنت تشاركينه فرشه طوال هذه المدة وأنت لا تعرفين أنه لم يكن بينهما صلحاً   تنجت سيليا فتمسكت يدها بالكرسي القابع خلفها ، ترتجف بشدة : - ولكنك تلك الليلة عندما اتصلت ُ هاتفياً . . . ببرودي قلت لي أنهما عادا إلى بعضهما بعضاً . . . وإنهما يستعدان للخروج معاً . - لا اعتقد أن ما سأقوله الآن سيضرّ أخداً . . ولا يهمني حتى وإن أخبرتي برودي بما ادَّعيته تلك الليلة , فقد تأخرت على توضيح الأمور ست سنوات . . . . لقد ذكرت تلك الليلة ما كنت تتوقعين سماعه . . . . أتذكرين أنك رفضت أن تحدثيه حينما عرضت عليك استدعاءه للرد إلى مكالمتك . - ولكنني رأيت دونا معه . - ممكن . . . لأن كارول أصيبت بحادث أثناء عودتها من المدرسة . فكانت أن رجعت دونا من سويسرا لتكون معها . - لا لتكون . . . . . مع برودي ؟ ضحكت ضحكه تخلو من أي إحساس : - لا . . . علمت منذ عرَّفني إليك إن علاقته بك جادة . . . ولكنني أرفض أن تحل نكرة مثلك مكان ابنتي ّ لا أستطيع السماح بهذا !  - إذن . . . لم تخبري برودي بإتصالي ؟ - أوه . . . أخبرته ولكنني قلت له أيضاً ما توقع سماعه . قلت له إنك أدركتي أنه كبير السن على فتاة مثلك ، كما قلت له إنك لا تستطيعين قبول واقعه الذي تشاركه فيه طفله وزوجة ، كما قلت له إنك لا تملكين الشجاعة على قول هذا وإنك لا تريدين رؤيته ثانية . حين رجعت من المستشفى مع كارول شعرت بكابوس يطبق علي ، ولكن مخاوفي لن تكن في محلها . - إنه لا يذكرني حتى . - انا لم أنسك قط . تناهى إليها صوته من الباب المفتوح . . . دخل الغرفة ووقف قربها والنظارة السوداء تخفي أساريره . - صدقت في السنوات الست أنك لم تهتمي بي . . . وأنك . . .  التفت إلى حماته يرتجف غضباً : - أظنك بحاجة إلى عطلة طويلة كريستبال . . . عطلة تمضينها بعيداً عني وعن سيليا . . .  - برودي . . .  لم تُجفله نبرتها المصدومة فأردف ببرود : - أرى أن من واجبك الرحيل . - ولكن . . . .  - أعتقد أن كارول وجوناثان سيسرهما استدعاء سيارة أجرة لك . - ولكن إلى أين ؟ - ليتك تذهبين إلى الجحيم بسبب ما جعلتني أقاسي منه ست سنوات ! راقبت سيليا العجوز تخرج كالعاصفة من الغرفة تصفق الباب وراءها . . ثم لم تلبث أن أدارت عينيها الخضراوان إلى برودي لتقول متأوهة : - كنت تعرفني طوال الوقت ؟ - اجل . . . ولكنني كنت أعمى . . . . عادت كارول من حفله لتقول لي أنها قابلتك وإنها وجدتك جميله كما كنت دائماً . . . . ذلك المساء استدعيت لتلبية حالة طارئة ، وكان تفكيري منصباُ عليك . . . كنت أفكر فيك حين وقعت الحادثة . . . .  شهقت : - اكان الإصطدام بسببي ؟ - لا . . . بل كان غلطتي . . . . كنت خائفاً من أن تصدميني ثانية بعد هذه السنوات ، وكنت مقتنعاً فيما بعد أن عماي وسيلة لتجنب الواقع . وحين استعدت وعيي في المستشفى وجدتك هناك . خِلتُ نفسي أهذي ، ولكن مع مرور الأيام والأسابيع عرفت أنني أحببتك أنت وحدك دون دونا . . . . وأنني ربما أجبرتك على الظهور في مخيلتي فقد . ولك أذكر حتى لكارول لئلا تظنني فقد عقلي . لم تصدق أنه كان يناديها هي ألا ترحل لا دونا . . . لقد فهمت همهماته خطأ . . . .  - ثم عدت ثانيه تعذبينني . . . تثيرين غضبي . . ز . نعطينني سبباً أعيش من أجله وأنا كنت حتى ذاك الوقت أرفض الحياة . لماذا جئت . . . يا إلهي ! ماأعظم ما مان عليه عذابي عندما جئت علي أنك ممرضتي فلمست وجه وأنا أشعر ببشرتك الناعمة كالحرير . هل كنت ستدعينني أُتمّ ما أريد يومذاك . يجب أن نبوح بالحقيقة الآن ، فالوقت ليس متأخراً كنا ادَّعت كريستبال . . . . ولم يتأخر يوماً . ؟ حاولت ، وكنت أنجح أحياناً في إيعادك أياماً ولكنني لم أتمكن من نسيانك كلياً ، فقد كنت أول رجل أجببته . . .  - الأول ؟ - والأخير . . . كدتُ أبوح لك بمشاعري ولكنني رأيتك تخرج من المستشفى مع دونا ، وكنت قبل ذلك قد اتصلت بك فإذا بالسيدة إير تقول لي إنك على وشك أن تخرج الليلة بصحبتها لأن المياة عادت إلى مجاريها بينكما . - أخبرتني كريستبال بمكالمتك . . . وكمنت مستعداً لإرتكاب جريمة بسبب ما أخبرتني به ّ ثم قررت أن أمهلك وقتأُ للتفكير فاصطحبت كارول للقيام برحلة نقاهة طويلة ، حين عدنا وجدتك قد انتقلت إلى مستشفى أخرى . . . وكان هذا خير دليل على قرارك . - ولكن الأمر لم يكن كما تقول . فقد وجدتني عاجزة عن العمل معك في مستشفى واحدة بعد عودتك إلى زوجتك . تنهد : - لماذا وافقت ـن تكوني ممرضتي ؟ ألتعذبينني ؟ أم لتنتقمي مني ؟  - لا أنا من كنت أتعذب . . ولكنك كنت تحتاجني ، ولا تتجاوب إلا معي . أما كنت تعلم أنني أقوم بأي شئ في بسيل مساعدتك ؟ - أي شئ ؟ - نعم أي شئ . - إذن كنت تقصدين ما قلته بالأمس ؟ _ ماذا قلت ؟ - إنك لم تتوقفي عن حبي . اتسعت عيناها دهشة :  أكنت مستيقظاً ؟ - طوال الوقت . . . وكيف لي أن انام ؟ حين دخلت إبى الغرفة فلمستِ وجهي وصدري ورحتِ تبوحين لي بما في قلبك ، علمت أنني لن أدعك ترحلين . - إذن لقد عرفت أنها الحقيقة . وأنني كنت صادقة عندما قلت إنني لم أرد رجلاً آخر سواك من قبل . - وأنا لم أرد امرأة أُخرى مُذ رأيتك . . . بل لم يكن في حياتي امرأة أخرى طوال هذه السنوات . دارت حول نفسها بحدة فرأته مبتسماً .  - برودي ؟ فتقدم كنها بخطوات واثقة . - كنت أعذب نفسي وأنا اتخيلك مع رجل آخر . . . .  ثم توقف امامها حتى كاد يلتضق بها فاندفع الدفء منه واجتاح مشاعرها :  - ثم أخبرتني كارول أن ليس لديك صديق . . . أو زوج أو أولاد ، وأعتقد أنها سألت جون عن هذه المعلومات . . . فتصاعد الأمل عندئذ في نفسي ولكن أدركت أنني أعمى ولم أجرؤ على الأعتراف بأنني تذكرتك . ولكنك كنت ممن يقوم بالتضحيات . . . . وعرفت أنه حين تعلمين مدى حاجني إليك ستتخلين عن الدنيا . . . أوه . . ز ما أشد أسفي على ما سببته لك من ألم بقسوتي عليك سيليا .  كانت متسامحه عى الآلام التي انزلها بها . - اخبرني برودي . . . ما كان شعورك نحوي . . . منذ ست سنوات ؟ - ألم أبح بخ هنيهة ؟ لا ليس بالكامل . - أولاً يجب ان أشرح لكي شيئاً عن زواجي . . . كنت أريد زوجة تعزز مركزي الذي تبوأته . . . وكانت هي تتمتع بمزايا تخولها ان تكون زوجة رجل مشهور ولكن لسوء الحظ لم يقل لها أحد إنني سأمضي سنوات قبل بلوغ القمة . . . ولم أدرك يومذاك صعوبة لأن يكون لشاب زوجة أبوها مستعد لشراء أي شيئ تطلبه . . . . وحين ولدت كارول كنا منفصلين . . . ولكنني أحببت إبنتي كثيراً . . . وصممت على المحافظة على العائلة من أجلها حتى جاء هاري . - أخبرتني كارول عن زوج أمها . - بعد ذلك أدركت أن زواجي لم يكن زواجاً بقدر ما كان صفقة تجارية ، وقد أدركت ذلك اليوم الذي توجهة فيه إلى العنبر لأزور مرشة ، فاصطدمت بفتاة ، شعرت أنني أكاد أغرق في عينيها البريئتين ، وأنني أرغب في أن تحتويها ذراعي بقوة . . . يومذاك نظرت في عينيك . . . كما انظر الآن . . . فوقعت في حبك . - برودي ؟ أقلت . . . غنك . . . تنظر إليً ؟ - أيعمك أن أبقى أعمى ؟ - لا يهمني أبداً لو كنت أعمى ، او كان لك ست زوجات وعشرون ولداً . . . ز لأنني أحبك . . . وسأظل أحبك . . .  - ليلى أمس ، بعدما بحت لي ما بحت وأنت تظنني نائماً دخلت عليك في الغرفة . في تلك اللحظة قفز شيء داخلي ، أزال الضغط النفسي عني ، فنظرت إليك . . . فجأة رأيتك . . ز جميلة كما عهدتك .  - لماذا لم تقل لي ؟  - كنت أفكر في أشياء أخرى . . ز مع أن لا شئ كان أهم عندي منك عندئذ ، ولكنني شعرت بحاجتي إلى الإنفراد بتفسي لأتأكد إن بصري قد عاد إليَّ مؤقتاً أم دائماً ، فخرجت من غرفتك لأتحقق من حالتي لانني ما كنت أستطيع إجبارك على الزواج بأعمى . - لن تجبرني على الزواج ، بل كنت ستسعدني به . - حبيبتي..... هل تتزوجينني ؟ - يجب ـم أكون غاضبة منك ، فكيف تهينني ظاناً أن حبي شفقة عليك ؟ - لأنه لم يكن باستطاعتي تقديم أقل ما تستحقينه . - ومن كان يهتم ؟ - انا من كنت أهتم . - وهل  كنت ستتركني ارحل لو بقيت اعمى ؟ - لا أدري . . ز أترين ، بقيت حتى سمعت أكاذيب كريستبال . اعتقدت أنك تخليت عني منذ ست سنوات . وبعد معرفتي الحقيقة ، لم أعد واثقاً من ردة فعلي. لفَّت ذراعيها حوله ، وأغرقت وجهها في صدره . - إنك ترى من جديد . . . . ولن تلبث أن تعود إليك عافيتك . . .  وهل ستتزوجينني ؟ - سأفكر بالأمر . ألم تكفك ست سنوات ؟ اشتدت ذراعاها حوله . - أظنني لأحببتك منذ وقعت صدفة بين ذراعيك . . . أجل . . . . سأتزوجك . وكان لها ولبرودي السعادة التي كانت للزوجين العجوزين دفيدسون . . . وقد عرف كل منهما هذا وقدسه    * * *
    

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 06, 2017 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

طائر الظلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن