6 - لا أمل . . .

409 10 0
                                    

  لم يظهر برودي ما يشير على التراجع في قراره . . وعندما حان وقت جرعة الدواء مساءً ، وجّهت سيليا كارول إلى ما عليها فعله . وكانت كارول قد أبلغتها أن والدها ما زال يرفض مقابلة سام بيانشن عاماً أنه بات أهدأ حالاً ، ولكن سيليا تعلم أن مجرد ظهورها أمامه سيعيد إليه تكدره وغضبه . وهكذا بقيت بعيدة عنه . . فظنها غادرت المنزل . كانت تعلم أن اللوم يقع عليها لأنها سمحت لنفسها باتختذ قرار يتعلق به ، ولكنها ما فعلت ذلك إلا في سبيل مصلحته . . . وانظر ما كانت النتيجة . اعتبر أنها وجوناثان خدعاه وهذا ما لا يغفره . وصل جوناثان في السابعة والنصف مساءً . . فبدا وسيماً ببدلته الأنيقة . . . أدخلته سيليا على غرفة الجلوس وهي تعي نظرة كريستبال إير الممعنة . قال جوناثان بعد تحية مهذبة : - علي فوراُ التوجه إلى غرفة برودي مع انني أعرف ما ينتظرني هناك . ضحكت سيليا : - فليكن الله في عونك . - نعم أنا فعلاً بحاجة إلى العون . قالت كارول بعد أن صعد الطبيب : - عندما كنت معه رفض الحديث .
- عندما كنت معه رفض الحديث . . .  وردَّت السيدة إير ببرود : - لأنه يعرف أن الأخصائي لن يقدم له شيئاَ . . . وكذلك الحالة بالنسبة للممرضة . . . إنه بحاجه إلى أن يترك وشأنه . ردت سيليا بتحدٍّ وقد أغضبها تصرّف المرأة العجوز : - لماذا نتركه ؟ تشدقت كريستبال باستخفاف : - ليستعد عافيته طبعاً . .  - وكيف يستعيد عافيته دون معونه طبية ؟ - إنه لا يجتاح إلى النوع الذي تقدمينه له ! شهقت كارول من الإهانه المتعمدة : - جدتي ! أما سيليا فوقفت تقول ببرود: - عذراً . . علي الاستعداد لموعد العشاء . . لا أريد ترك جوناثان منتظراً . ضاقت عينا العجوز الزرقاوين : - ستخرجين مع السيد هال ؟ ردت بتعال : - أجل . . ولا أريد التأخر عن خروجنا . كانت السيدة إير امرأة سليطة اللسان حقاً ولولا حاجة برودي إلى عونها لتركت المنزل الليلة إلى غير رجعة . . ولكنها قد تضطر إلى الرحيل إذا أصرَّ برودي على ذلك . . . إذ كيف لها البقاء رغماً عنه !  كانت تنتظر في غرفة الجلوس الصغيرة حين نزل جوناثان بعد نصف ساعة . . فضاقت عيناه إعجاباً بما رآه . . وتلاشى التوتر الذي مرَّ به عندما كان مع برودي ، فابتسم لها . . . وانحنى يلثم وجهها . في هذه اللحظه بالذات كانت كارول تتقدم نحوهما ، متضرجة الوجنتين . - أوه . . آسفة ! لم أقصد مقاطعتكما . . التفت جوناثان إليها وذراعه ما تزال حول كتفي سيليا !  - لم تقاطعينا . . . فكلانا مرَّ بالجحيم مع والدك حتى بتنا نحتاج إلى القليل من المؤاساة . ضحكت كارول منزعجة ، ورفعت حاجبيها متسائلة : - وهذا ما حدث لي أيضاً . . . فهل أستحق قبل’ ؟ تمتم جوناثان متردداً ثم لم يلبث أن سحب يده عن كتفي سليا . - حسناً ! وانحنى يلثم وجهها . . . ارتبكت كارول ثم تمالكت نفسها وقالت بمرح تمازح جوناثان على ترددة : - هذه هي المرة الأولى التي أتلقى فيها قبلة وأنا في سن النضوج ! ضحك: - ستحصلين على أكثر مما ترغبين إن لم تتأدبي. فضحكت : - ما عليك إلا أن تطلب . .  ثم التفتت إلى سيليا . . .  - أريد الاعتذار على ما بدر من جدتي . . . إنها تتصرف بطريقة غريبة منذ حادثة أبي . - لقد مرَّت دون شك بتوتر شديد كارول . . . أما أنا فلا أهتم بتعليقاتها اللاذعة . - حسناً . . إذا كنت واثقة . . . ؟ ابتسمت وهي لا تريد تكديرها : - أنا واثقة . . والآن اذهبي قبل أن يبرد العشاء . سألها جوناثان وهما في الطريق إلى المطعم : - عمّ كانت تتحدث ؟ - عن أمر تافه . . السيدة إير تكره وجودي في المنزل . . كما تكره وجود أي ممرضة لأنها ترى أن برودي لا يحتاج لمن يرعاه . - لا أذكر أن كاثرين عانت من مصاعب معها . إذن ربما لا تحبني وحدي . . . مع أن ذلك لا يقليني أبداً . . . كما عليك أن لا تقلق أنت . . . ماذا جرى مع برودي ؟ تنهد تنهيدة عميقة : - لم أفلح كثيراً . . سنتحدث عن الموضوع خلال وجبة العشاء . قال لها وهم يأكلان : - لقد رفض بالطبع وهذا ما كنت أتوقعه منه بل لو كنت مكانه لرفضت . . . فليس هناك أخبار جديدة جيدة بالنسبة له . . ولكنني أعطيته شيئاً يفكر فيه . بيانشن دبر زيارته هذه بصعوبة فإن رفض برودي مقابلته ضاعت الفرصة من يديه لأنني لا أعرف متى يتمكن من رؤيته ثانية . - وهل شرحت الأمر لبرودي ؟ - أجل . - وماذا كانت ردة فعله ؟ - لم يهتم . . ولكن أمامه ست عشرة ساة لتفكير . فالموعد محدد في الساعة الثانية ظهراً . . . وأظن أن عليك أن تصحبيه بنفسك . . . أتجدين قيادة السيارة ؟ - أجل . ولكن لو غير رأيه ، فأنا على استعداد لحمله إلى هناك ! هل تعتقد بأن الوقت كفيل لتغير رأيه ؟ - إذا لم يقنعه الزمن فقد فشلنا . . .  ردت بصوت منخفض متهجم : - وأنا فشلت . . وإذا قرر برودي غداً الذهاب إلى المستشفى ، فسيكون هذا من صنيعك وحدك . - وكيف تجدين كارول ؟ أتقوى على تحمل هذه المسؤوليات كلها ؟ - إنها تتحملها بنضوج ووعي . - إنها تحب مداعبتي كتلك القبلة مثلاً . داعبته سيليا هذه المره بالقول : - أكانت مزاحاً ؟ بدا عليه ما يشبه الغضب . - ظبعاً . . كارول إلا طفلة . تهلل وجهها شفقة : - ابنة الثامن عشر قادرة على الحب كابنة الخامسة والعشرين تماماً . . هذا مت أعرفه تمام المعرفة لأنني جربته بنفسي . - لكنه حب لا يدوم . - بل كانت كذلك . . .  تأوه : لم يكن لدي فكرة عن هذا . . حسبتك تغلبت على ألم ما كان بينك وبين برودي . - كان حب من طرف واحد ، وبرودي إلى هذا لم يكن يعرف أنني أهبه . - البقاء معه في الوقت الحاضر جحيم إذن عليك . - لا يهم هذا . . أما الأهم فإلغاء فكرة الابتعاد عن كارول بسبب صغر سنها . . إنها ليست طفلة . - ربما . . حين ينتهي هذا كله . . .  - هذا إذا انتهى . . وهذا واقع يجب أن نواجهه . - ليس الآن إنما بعد أن يقابل برودي بيانشن . انتقلا من المطعم إلى نادي الرقص حيث رقصا إلى بعد منتصف الليل . . بعد إنتهاء السهره توجه جوناثان إلى منزل آل بادجر ليوصلها . - أراك في الغد . - أرجو هذا .
كان الجميع نياماً ، فالساعة تجاوزت الواحدة ليلاً . . ولا مجال لتأخير دخولها إلى غرفة برودي . . . عندما دخلت عاودها الاضراب ثانية . فعوضاً عن رؤيته نائماً في سريره ، وجدته جالساً على الأريكة أمام النافذة ، في كامل ثيابه . والستائر مسدلة بحيث لم يعد أمامه إلا المخمل البني . التفت بحدة حينما شعر بوجودها رافعاً رأسه مقطب الجبين . لم تكن تحلم أنه ما زال خارج فراشه ، وكانت المجابهة آخر ما تحتاج إليه . - آسفة برودي .. . ظننتك . . نائماً . بدلاً من الغضب الذي توقعته ، ارتعش صوته وهو يقول : - وأنا ظننتك رحلت ! مدت يديها متوسلة ولكنها لك تلبث أن أسلبتهما بعدما تذكرت عجزه عن رؤيتها . قالت بحزن : - لن أرحل برودي . . مهما كان عدد المرات التي تطلب مني فيها الرحيل . - ولكن كارول قالت أنك تركت المنزل . - صحيح . . خرجت هذا المساء . - برفقة جوناثان ؟ لا تنكري ! أشم رائحة عطره عليك . . . سيليا . . أهو كفؤ لك ؟ شهقت : - برودي !  مد يده يمسك يدها : - أهو كفؤ ؟ أخبريني ؟ سحبت يدها منه بقوة : - لن أخبرك شيئاً . . دخلت أريد الإطمئنان عليك . . . وبما أنك بخير أقول عمت مساءً ! وأسرعت تخرج من الغرفة قبل أن تتفوه بشئ يزيد الأمور سوءاً . سمعته يتجول في الغرفة دون هوادة ، فوضعت الوسادة على رأسها . . لأنها لا تستطيع تحمل ما شير إلى قلقه . . كانت تشعر بالالم لأنه يرفض رؤية بيانشن ، وبالعجز لأنها لم تقدر على إقناعه ! - سيليا ؟ تسمرت في الفراش ولكنها لم تلبث أن ازالت الوسادة عن رأسها في عتمة الغرفة فشاهدت برودي بوضوح يقف قرب سريرها . في تلك اللحظات لم تستطيع التفكير إلا في أنه غادر الغرفة أخيراً . . لقد غادر أخيراً الغرفة التي أصبحت سجناً له .  كرَّر بصوت أجش : "سيليا ". ردَّت وهي تجلس أمامه على الأرض : - أنا هنا . . أنا هنا برودي . أمسكت يديه بيديها ، فقال ببساطه : - أحتاج إليك . - تحتاج . . ؟ - أحتاج أن أكون معك . . أحتاج أن تمسكي بي . . أن أكون معك وحسب . . .  ثم أنهى صوته بصوت متقطع : " فهل أطلب الكثير ؟ " بدا لها وهو واقف تحت ظلال القمر متوتراً ، معرضاً لكافة أنواع المخاطر ، فعصف الألم بقلبها ولم يعد عقلها أو روحها أدنى رفض له . فردت بخشونه : - لا . . هذا يس بالكثير . - أيمانع جوناثان . - برودي . . .  ولكنه سرعان ما ابتعد عنها . - انسي أنني قلت هذا . . انسي أنني جئت إلى غرفتك . . إنها غلطة . . أنا فقد . . فكرت . . أنك رحلتِ حقاً . مرّر يده على وجهه دليل تعب . . فرددت قولها مطئمنه : - أنا هنا برودي . ثم وقفت تطوق خصره بذراعيها من الخلف ، وتُحرِّك يديها على صده وااضعة خدها على ظهره الصلب : - سأبقى هنا . . اجلس قربي. . .  - أواشقة ؟ ردت دون تحفظ : - جداً . استدار إليها متنهداً تنهيدة عميقة تحتضنها ذراعاه كطوق فولاذي . .  شهق قائلاً : " سأقابل بيانشن " . ثم دفن رأسه في شعرها العطر ، مرتعشاً ، مرتجفاً . . فصاحت بإثارهة ولهفة : - ستراه ؟ - سأراه . ولكن سيكون الأخير . إذا قال إن لا أمل . . فهذه النهاية . . موافقة ؟ - برودي . . .  - قلت لا مزيد من الأطباء سيليا . . هل توافقين ؟ عضت على شفيها مرتبكة ، بيلنشن هو أفضل طبيب عيون وإن قال لا أمل فهذا يعني أن لا امل طبعاً . فهل ستستطيع قطع الوعد ، والأمل يلازم الحياة دائماً ؟ - أعني ما أقول سيليا . . سأرفض بعده أي طبيب . . .  - حسناً جداً . نظرت إليه بكل الحب لاذي في قلبها وكيانها ، ثم اندست بين ذراعيه تريد أن تشعره بما يعتمر في نفسها من حب وشغف . - أنا متعب سيليا . . . متعب جداً . - إذن أخلد إلى الفراش . كان قلبها يعتصر ألماً وشوقاً إليه : " هيا أصعد . . . " بعد لحظات قليلة عرفت من انتظام أنفاسه أنه غطََ في نوم عميق .  ولكنها تشعر بخيبة أمل كبيرة . . فحين قال لها أنه يحتاجها ظنت . . . يا الله . . اعتقدت أنه يحتاجها فعلاً . . فإذا به نائم قربها عاجزه عن الإقتراب منه رغم توقها الشديد إلى لمسه . سمعته يتأوه وكأنه يحتج على وجودها معه : - لا أريدك . . ألا تفهمين هذا . . دونا ! لا تذهبي . حباً بالله لا تتركيني ثانية . . أحبك . . وقد أحببتك دائماً . . سيليا لا . . ! لماذا تتخلين عني . . يالله . . لماذا تركتني ؟ بدا لها أنه فقد حين يغفو يذكر في عقله اللا واعي أنه عرف يوماً ممرضة صغيرة تُدعى سيليا هالام . . . ولكنها بالنسبة له لعبة يلهو بها ، أما المرأة التي أحبها فعلاً فهي دونا . - برودي !  كان عليها أن توقظه الآن ، لأن بدأ بالصراخ . وقد يوقظ صراخه هذا أهل البيت جميعاً . . هزته قليلاً . - برودي . . لا بأس عليك . - ماذا . . .  ارتفعت الاهداب السوداء الطويلة وهو يستيقظ ، فسأل : - أين أنا ؟ من انت ؟ سيليا . . ؟  - أجل . . كان كابوساً حعلك تصرخ وتصيح . . .  مرر يده على عينيه : - أنا آسف . . أما زال الوقت ليلاً ؟ - أجل . . نمت ساعتين فقد .  اشتدت ذراعاه حولها : - سيليا . . ! كانت تعلم أن عليها أن تمتنع عنه ، فهو ما زال يحب زوجته ، وسيبقى يحبها رغم موتها . فحاولت الابتعاد ولكنه منعها متمتماً : - أنت بنعومة الحرير . . . أهناك كثيرون شعروا بملمسك الحريري ؟ شهقت : " أنا لم . . . "  - أكان هناك أحد ؟ أنت تتجاوبين بسرعة أكاد معها لا أصدق أن الوضع جديد عليك . - برودي . . .  - أريد أن أعرف . . ألا تفهمين ؟ - لماذا تريد أن تعرف ؟ أتريد أن تعرف قوة منافسك؟ - لا . . ليس الأمر هكذا . - ما هو إذن ؟ ثم نهضت من السرير ووقفت تنظر إلى الرجل المستلقي ، وسألت بحدة : - لماذا تسألني هذا السؤال وأنا لم أطلب منك شيئاً . . أبداً ؟  - إذن ربما كان يجب أن تطلبي . - ماذا تريد أن أطلب . . ؟ لائحة بأسماء النسوة اللواتي عاشرتهن منذ وفاة زوجتك ؟ التوى فمى سخرية :  - لن تكون لا ئحة كبيرة . وابتعدت . . فقال شاهقاً : - إلى أين ؟ - لأحضر بعض الحليب الساخن . . . وأكون شاكرة لو عدت فوجدتك خارج غرفتي . - سيليا . - أرجوك برودي . . أعرف أن ما حدث يظهرني انني أنانية . . أنا آسفة . . .  صمتت قبل أن يتحول الحديث إلى إحراج . أكملت : - أريد منك أن تترك غرفتي على ألا تعود إليها ثانية أبداً . . . أبداً . . فأنا لا أقدم خدمات كهذه لمرضاي . وخرجت تتعثر في خطواتها لا تلوي على شيء وعندما عادت كان قد رحل . وبما أنها كانت عاجزه عن كبت مشاعرها ارتمت على السرير تجهش بالبكاء ألماً . كان الوقت متأخراً عندما إستيقظت في صباح اليوم التالي . بعد أن إغتسلت وارتدت ثيابها توجهت إلى المطبخ فوجدت الآنسة ويل التي قالت لها بحرارة : - ألن تتناولي الفطور ؟ - في العاشرة والنصف ، إنه وقت الغداء . . لا سأنتظر ، سأتفقد السيد بادجر أولاً . . . - إنه ليس في غرفته . - ليس في غرفته ؟
- أنه في الحديقة يتناول فطوره فيها هذا الصباح . لم تصدق ما تسمع ، فأخيراً قام برودي بخطوة أخرى لكسر سجنه !  - وكيف نزل ؟ - نزل وحده . . . هكذا . . وكان يتمتم لاعناً . . أظنه صدم رأسه بضع مرات . كان صدمة العمر حين دخل المطبخ يطلب الفطور !  - أستطيع تصور صدمتك . . سأخرج إليه حالاً . . .  كانت الشمس مشرقة في الخارج ، برودي جالس تحت مظلة مبهرجة الألوان ، وإلى جانبه كوب عصير . . كان أول من شعر بها بوبي الذي هبَّ من رقدته أما قدمي برودي وقفز إليها يحييها بابتهاج . فالتفت برودي إليها وسأل بصوت منخفض : - سيليا ؟ - أجل . فدعاها إلى الجلوس : " هيا شاركيني جلستي هذه ؟ " أخذ بوبي يشم يدها فقال برودي مازحاً : - يريد البسكوت الذي تقدميه إليه عادة . - وكيف عرفت ؟ - لقد شمَّ يدي حين خرجت . . . سيليا . . أعتذر عمّا بدر مني ليلة البارحة من إهانات . . .  - لا بأس . . كانت غلطتي . . كا مان يجب أن . . .  صاح نافذ الصبر : - أنت لا تفهمين . . أنا آسف لانني حاولت التطفل على حياتك الخاصة فأفسدت عليك مزاجك . - فهمت . - أشك في هذا . وأنا لست في وضع يخولني تأكيد ذلك لك وقد لا أتمكن إطلاقاً . . .  - لا أفهم إذن . - ولا أريد أن تفهمي . ثم هبَّ واقفاً وهو يقول : " هل اقودينني إلى غرفتي الآن . . أريد الاستلقاء قليلاً ، فقد أمضيت ليلة مضطربة " .  وضعت يدها على ذراعه ، ثم راحت توجهه بدقة لئلا يتعثر . . .  - أتريد أن أبقى معك ؟ - لا . . سأراك في الساعة الثانية . - والغداء . . .  - ليس اليوم سيليا . .  احترمت رغبته في الانفراد وفهمت الاضطراب الذي يعتمل في نفسه ترقباً لما سيحدث عندما يذهب إلى المستشفى . عندما قادت السيارة إلى المستشفى جلس إلى جانبها متوتراً يرفض الكلام . . . وكان قبل خروجه برفقتها قد أصَّر أن تذهب كارول إلى الكلية بدل مرافقته ، وفهمت رغبته في إبعادها . فلو ثبت أن الفحص سلبي ، فلن تشهد كارول إنهيار أحلام أبيها . وإذا كان إيجابياً فأمامهم وقت طويل للإحتفال بالمناسبة . قابلها جوناثان أمام أبواب المستشفى الرئيسية مرحباً . بعد الترحيب انتلقوا إلى المستشفى فالتقى برودي باشخاص كانوا يسارعون لإلقاء التحية . أما سيليا كانت تشعر بتصاعد توتره مع كل خطوة . حين وصلوا إلى غرفة الإنتظار قال لسيليا : - انتظري هنا . نظرت إلى جوناثان : - أوه . . ولكن . .  قاطعها بشراسة : - قلت إنتظري هنا ! - حسن جداً. قال جوناثان : - برودي . . أعتقد . . .  صاح برودي بوحشية في وجه الرجل الآخر : - أتتصور أنني أريد من يشهد هذا ؟ ابقَ معها هنا إذا أردت . . ولكن لا تدعها تدخل معي . لا أريدها . . اتفهم ؟  ردت سيليا بحده : - أفهمك برودي . حين لامس جوناثان كتفها بعد قليل كانت تقف متجهمة . - سيليا . . برودي مع بيانشن وقد طلب مني أن أكون معك . - لتلتقط القطع التي بعثرها ؟ - بل لئلا تذهبي . - أليس هذا ما يريده ؟ - تعرفين العكس . . في هذه الللحظات يريد برودي أن يضرب في كل اتجاهات . . . ولعله اختارنا في خط المواجهة . - تنهدت : - نعم . . أعرف هذا تماماً . ولكنني لا أستطيع تحمل هجومه . .  - اصبري قليلاً . . هه ؟ تنهدت : - سأصبر ولكنني لن أسمح له بإغضابي . . فأنا أحبه ، وهذا ما يجعل كل شي مختلفاً . بعد عشر دقائق ، بدا أنها لن تضطر إلى الإنتظار دقيقو أخرى فقد خرج رجل طويل أشقر من غرفة الفحص تدل خطواته الطويلة السريعة على استرخائه . فعرفت أن هذا المقبل إليها هو سام بيانشن . سألته بهفة : - هل أنهيت الفحص ؟ ارتفع حاجباه بتساؤل وقال بصوت هادئ: - هل أنت . . . . ؟ - سيليا . . سيليا هالام . . . ممرضة السيد بادجر . .  تجهم وجهه : - كيف أستطيع مساعدتك آنسة هالام ؟ - كيف كانت نتيجة الفحص ؟ أيمكن إجراء عمليه له ؟ لم تستطع إخفاء القلق عن صوتها . - لن تفيد العملية الجراحية السيد بادجر أبداً . . . إنه . . .  لم تسمع سيليا ما تبقى من كلامه , فقد أجست بصوت مزعج يهدر في رأسها ، أعقبه ظلام دامس . . سيبقى برودي أعمى طوال عمره !
7 – رجل غيرك !      هيا . . استيقظي عزيزتي . . سيليا افتحي عينيك ! كان الصوت يأمرها ، فستجابت لا ارادياً . فتحت عينيها ببطئ تنظر إلى الوجه الوردي البرونزي ذي الشعر الأشقر الذي زادته الشمس شحوباً  - أوه . . يا إلهي ! أين أنا ؟ - في غرفة الفحص . أقنعت جوناثان بنقل مريضك إلى بيته . - أوه . . لا! ماذا يظن برودي بي ! - يظننا نتشاور بخصوصه . وما الفائدة ؟ لن يرى مجدداً . . ولا شئ يقال . هز الاخصائي الشهير رأسه ، والتوى فهمه : - لو تركتني أتم كلامي منذ دقائق لما أغمي عليك . . .  - ما . . ماذا تعني ؟ هز كتفيه العريضتين بثقة : لو تركتني انهي كلامي لقلت لك إن برودي بادجر لن يحتاج إلى العملية جراحية حتى يستعيد بصره . . . وإن الوقت . . . كفيل بإعادة بصره إليه . . إما لا تسأليني متى . . . ولكني سيرى مثلي ومثلك . . . انظري ! حتى أنا اضطر إلى إرتداء نظارة طبية . وابتسم ساخراً . فعرفت أنه يقصد بدعابته هذه بعث الفرح إلى نفسها وقد نجح في ذلك فسألت
- أتعني أن عماه مؤقت ؟ - إنه مصاب بما نسميه : العمى الهستيري . وهو يعني . .  نظر إليها بحدة وقد رأى وجهها يشحب من جديد : - هاي . . لا تفقدي وعيك ثانية ! قد أغمى عليك حين ظننت أن عماه دائم وكدت تقعين ثانية حين قلت أن عماه مؤقت . هل أنت حقاً ممرصة ؟ ردت معتذرة : - أنا أتورط عاطفياً مع مرضاي . نظر إليها بريبة : - هكذا إذن . - برودي بادجر آخر من قد يصاب بعمى هستيري. - تعرفين جيداً أن هذا مجرد وصف لحالته ، فأنا أوافقك الرأي ، فهو آخر من قد يصاب بهستيريا . سمعت أنه أفضل جراح في هذه البلاد . . ولكنني كلي ثقة بعودته إلى حاله ، فقدان البصر مؤقت عنده وأحسب السبب صدمه عاطفية سبقت الحادث . . . الضربة التي تلقاها على رأسه منحته عذاراً لاذ به من الواقع . وهي طريقه لصّد ما يزعجه .  كانت سيليا تعرف تماماً معنى هذا التشخيص , ولكنها لم تصدق أن برودي قد يتعرض إلى ما يشير إليه . - أتعني أنه نفسياً لا يرغب في الإبصار . - إن ردة فعله هذه غير واعية لأن عقله الباطني هو من يندوب عنه باتخاذ هذا الحل . . ثمة ما لا يريد عقله الباطني مواجهته أو يعجز عن مواجهته . . . وهو تجنب المواجهة بهذه الطريقة . وما إن يزول ضغط حالتة النفسية . . حتى يسترد بصره ثانية . . ولو عرفت السبب ، لما تكبدت مشقة المجيء إلى انجلترا ولاقترحت عرضه على طبيب نفسي . - وهذا ما يرفضه !  - تعرفين مريضك جيداً ! - أوه . . لا ! ضحك الأخصائي : - أعتبر هذا الوصف من رجل كبرودي إطراء ً . - هو على الأرجح كذلك . ابتسم لها : تعجبينني آنسة هالام . . . لن أغادر أنجلترا قبل الغد . فما رأيك أن نتناول العشاء معاً الليلة ؟ هزت رأسها متأسفة : - قد يحتاجني برودي . - اسمعي . أنا أقيم في فندق الغلوستر ، فإن وجدت نفسك حرة ، اتصلي بي قبل السابعة والنصف . حسناً ؟ اشفقي على رجل وحيد في بلد غريب . - أحسن أنك لن تكون وحيداً أينما حللت . - هذا ما أحاوله . - والآن . . عليّ العودة . . قد طال التشاور . ثم ابتسمت مازحة .  كانت كارول مع والدها حين وصلت سيليا إلى المنزل فكان أن اغتنمت الفرصة لتدخل غرفتها بغية إنعاش نفسها . . لو علم برودي بردة فعلها أمام بيانشن ، لعرف دون شك أنها تحبه . بعد فتره غير طويلة طرقت كارول بابها ، ودخلت لتجلس على حافة السرير فيما كانت سيليا تردتي جينزاً ضيقاً ، وقميصاً أسود . . قالت كارول : - لا يبدو مسروراً حتماً ! - إنه مسرور ولكنه يعجز عن تصديق الحقيقة . - وأنا كذلك أكاد لا أصدق ، فقد أخبرني جوناثان حين وصلت . . فتوقعت رؤية والدي مبتهجاً فإذا به. . . أوه . . أوه . . لا أدري . . غير واثق . . كما أعتقد . . ما رأيك ؟ - لم أره بعد المعاينه . . وها أنا ذاهبة إليه ألآن . - حسناً . . لا تتوقعي شيئاً لأن والدي لم يقتنع بتشخيص بيانشن . اكتشفت سيليا هذا بنفسها بعد دقائق وذلك حين سألها برودي غاضباً : - أين كنت ؟ - مع بيانشن . - أوه . . . صحيح ؟ وهل أمضيتما ساعتين في التشاور بأمري ؟ - في الواقع لا . . لقد تمشيت قليلاً بعد مغادرة المستشفى . - أوه . . . أجل . . . مع بيانشن ! - لا . . . احتجت فقد إلى بعض الهواء النقي . - وهل أخبرك بتشخيصه ؟ - أجل . .  - عمى هستيري ؟ إن الرجل أحمق !
- هذا ما ذكره لي . . برودي . . ماذا حدث لذلك الرجل الذي خرجت لإجراء عملية طارئة له ليلة الحادث . . ؟ - هه . . محللة نفسية هاوية سيليا ؟ - أرجوك برودي . . أجبني فقد . . فقد قال بيانشن إنه عمى هستيري ، ولكنه يعني صعوبة في التصديق ضربة نفسية . . أرجوك برودي . التوى فمه ساخراً : - لقد غادر المستشفى قبل مغادرتي إياها . . وقد استعاد صحته تماماً . . ابحثي عن سبب آخر سيليا ! - لماذا لا تصدق أن بصرك سيرتد إليك ثانية . . كارول في غاية الإضطراب . . وأنت تزيد من احباطها . . وأنا . . - نعم ؟ أنت تتوقين إلى ترك عملك هنا . . ولكن فكري في الناحية الإيجابيه سيليا . . لقد التقيت رجلين رائعين وأنت في خدمتي . . جوناثان ، ومن ثم بيانشن . ما كانت في أي ظرف من الظروف لتترك إهانة كهذه تمر ولكنها صبرت قليلاً لأن صاحب الإهانه هو برودي . - وأنت أيضاً . - انا ؟ ليس لي حساب . - حقاً . . ؟ ولكنني لا أوافقك الرأي . - أيدهشك أن تعلمي أناني لا آبه البته برأيك ؟ رفضت حتى إظهار اشمئزازها من احتقاره ، فردت ببرود: - لا . . لا يدهشني هذا . ولكنك ستستمع إلى رأيي شئت أم أبيت . . .  سحبت نفساً عميقاً ثم أردفت تقول رأيها : - سترى مجدداً برودي . . وهذا ما يسرني . لذا أرفض أن أدعك تفسد علي سعادتي بإهاناتك . والآن ، هلا عذرتني . . عليَّ الذهاب . - ستخرجين مع بيانشن ؟ - عفواً ؟ - هل دعاكِ للخروج ؟ - أجل . . ولكنني . .  - هذا ما أعتقده . بدا لي من خلال صوته شاباً . كم يبلغ من العمر سيليا ؟ - أنه في أوائل الأربعين . - أكبر مني سناً !  - أجل . . ولكن . . . ابتعد عنها  - لم أؤخر . . قد يكون بيانشن مسلياً أكثر مني . .  - أنا واثقه أنه كما تقول . . ولكن . . .  ردت بغضب رافضة استنتاج ما يشاء دون انتظار دفاعها : أنا لا أسمح لنفسي بالتأخر عن رجل ينتظرني ولن يكون سام الاستثناء . إنه رجل فاتن . - إذن . . إذهبي اللعنة عليك ! إذهبي إلى رجل قادر على وصف مفاتنك . . .  شهقت : - ماذا قلت ؟ التوى فمه : - اعرف أنك تحتاجين إلى من يطري على جمالك ، ويثني على هندامك . . وأنا عاجز عن ذلك . . أليس كذلك ؟ تصاعدت أنفاسها بصعوبة وهي تحاول السيطرة على أعصابها ، ولكنها لم تنجح ! - يا الله ماذا تقول ؟ أنا لا أحتاج إلى ثناء . ولكنني رفضت البارحة محاولة استغلالك لي . رد سخراً بحدة : - أتشيرين إلى طهارتك . . لقد فقد هذه الطهاره من سنوات . . دون شك . جعلها عنف كلماته تشهق : - هذا صحيح . . فماذا يهم إن أضفت إلى لائحتي رجلاً آخر . . عد إلى قوقعتك وأشفاقك على ذاتك برودي . . . ولكن لا تتوقع مني أن أشاركك فيها . غادرت الغرفة ، تصفق الباب وراءها ، مرتجفة غضباً ، تشعر أنها على شفيرة الإتهيار . كان آل هاموند بالنسبة إليها أفضل دواء لقلبها المجروح . اتصلت ببيانشن فأبلغته عدم قدرتها على قبول الدعوة ، ثم قادت سيارتها إلى منزل هاموند حيث وجدت كارين التي رحبت فيها أفضل ترحيب . . عندما جلست أخذت تخبرها بما حدث لبرودي بادجر . . لم تكن تعي ما تكشف عنه حتى رأت نظرة العطف في عيني كارين , فأشاحت بوجهها عنها متورة الخدين . - وكيف هو شعور برودي ؟ - إنه لا يطيق أحداً . . وهو إلى ذلك فظ . بل رهيب . أضافت كارين بنعومة : " وأنت تحبينه كثيراُ " .  تنهدت سيليا : - أجل . . يا الله . . يجب أن أبتعد عنه ولو فتره. . . .
- أفهمك . . لقد توقعت شيئاً من هذا القبيل منذ قابت كارول للمرة الأولى . . لن أتطفل عليك عزيزتي ، فالصداقة لا تعني الفضول . . وبما أننا صديقتان فلم لا تبيتين عندنا ليتك ؟ امنحي نفسك فرصة . - لا أستطيع . - لماذا ؟ سنحضر غرفتك القديمة بسرعة ، وسيقوم جاون صباحاً بحمل الفطور إلى فراشك ليرد جميل عنايتك به . أعجبها هذا الإقترح فابتسمت : - سيكون ذلك رائعاً . .  - جيد إذن . . اتصلي بكارول وبّلغيها . الأمسية لها ، والغد كذلك . . لذا فهي حرة في عمل ما تريد . استقظت في الصباح التالي على صوت جون وهو يحمل صينية الطعام غلى غرفتها . - هيا أسرعي . . سنصحبك أنا وليندا في رحلة هذا الصباح . . . فلا تتأخري . . . كانت أمي عادة تجذب عني الغطاء إن لم أخرج من السرير سريعاً . أمسكت سيليا بطرف الغطاء بشدة : - لن تجرؤ ! بقي يضحك على ردة فعلها وهو ينزل الدرج . أما هي فاستلقت على الوسادة ثانية متنهدة . أنها تعبة . . وآخر ما ترغب فيه هو القيام بنزهة . ولكن ، تبين لها في النهاية أن رحلة عائليه . . . فقادهم جون إلى خارج لندن ليمضو اليوم في التفرج على املاك الدوق بدفور الذائعة الصيت ، فراحو يطوفون في الحديقة العامة التي تحيط الأملاك التي فتحها الذوق للزوار . . أثناء العودة إلى لندن قالت كارين بأسف : - من العاد ما يفعله مثل هؤلاء في أملاكهم التي هي أساساً بيوتهم . ردّ زوجها جاك : - لو لم يفعل بها ما فعل لما كان لديه حل إلا البيع . ابتسمت المرأة إلى سيليا : - لماذا الرجال عمليون دائماً . قاطعها جاك يقول :  - نستطيع أن نكون رومانسيين متى شئنا ذلك . فتلقّى نظرة صارمة من ليندا وضحك الجميع . كانت الساعة قد تجاوزت السادسة حين وصلوا إلى لندن . . . فلمّا دعوها إلى العشاء رفضت الدعوة لأن برودي رغم قسوته وعنفه ما يزال المريض الذي عُهِد إليها رعايته . كانت كارول وجدتَها في غرفة الجلوس حين وصلت ، وقد سارعت كارول تخبرها ان برودي عاد إلى عزلته رافضاً صحبة احد . فسألتها كريستبال بلؤم : - أكان يومك وليلتك ممتعين آنسة هالام ؟  - نعم كانا رائعين . . شكراً لك ، سأتفقد مريضي . .  وغادرت الغرفة قبل أن تتمكن العجوز من إلقاء إهانة أخرى في وجهها .  تصلب برودي عندما شعر بها تدخل الغرفة ، ولكنه بقي مشيحاً لها وجهه . - لقد عدتِ إذن ؟ - قلت لك أن ما من أحد قد يجبرني على الحيل . - أشم رائحة عطر ما بعد الحلاقة ، مختلف هذه المرة . - حقاً ؟ - أجل . . . ألم يكن بيلنشن ؟ - لا . - رجل آخر ؟ - صحيح . - من ؟  - مجرد رجل . - مجرد . . . ! لا أصدق هذا عنك سيليا ! فما هذا التصرف يصدر عنك . - ومن أين لك أن تعرف كيف أتصرف ؟ - تبدين ناعمة وبريئة . - ألم تقل لي " صوتاً قاسياً " . - صحيح . . ولكنه أحياناً ناعم ولطيف . لماذا نتجادل كثيراً سيليا ؟ - " نحن " لا نتجادل ، بل أنت من تجادل . تنهد بغضب : - من كان الرجل سيليا ؟ - صديق قديم . - ألديك عدد كبير من الأصدقاء القدمى ؟ - القليل . . ولكن لدي الكثير من الجدد . كما تقول أنت دائماً. - لماذا عدلتِ عن بيانشن ؟ - ليس المرأة مضطرة لشرح ما يدفعها إلى تغير رأيها . . .
- أخبرتني كارول أنك كنت على ما يرام أثناء غيابي . - وماذا تعرف هي ؟ - إنها مجدّة في دراستها وقد اصبح طبيبة راائعة . - أهذا رأيك المهني ؟ - بالضبط . حسناً . . تبدو في مزاج جيد فاتن . . سأترك إذن وحدك . . فأنا بحاجة إلى النوم باكراً الليلة . - متعبة ؟ - في الواقع ، أجل لم أنم كثيراً ليلة أمس ، وعليّ غداً أن أقوم بأعباء نفسي ، فلا أظن أن هناك من قد يحمل الفطور إلى غرفتي . - حبيبٌ يعرف كيف يراعي شعورك . - أجل .. كثيراً . . أتريد شيئاً قبل ذهابي ؟ - ما أريده . . لا تستطيعين تأمينه لي . ولكنني سآخذ حبوباً منومة . حين نزلت سيليا كانت كارول قد انسحبت إلى فراشها ، ولم يبق في الغرفة إلى كريستبال إير . . . وهذه الليلة لم تكن مختلفة أبداً عن سابقاتها معها . إذ قالت كريستبال متشدقة بزدراء : - إذن لقد غيرت رأيك آنسة هالام . .  رطبت سيليا شفتيها / تستعد لاستقبال عش الدبابير الكامن في لسان العجوز ، وسألت ببطئ : - بشأن أي أمر ؟ - لقد عدلت عن جعل نفسك أمراً واقعياً لا يستطيع برودي الاستغناء عنه . . بطريقة ما . - الممرضة لا يمكنها إلا أن . . .  - عنيت كإمرأة آنسه هالام ز أترين . . أعاني أحياناً من الأرق . . .  انتفضت سيليا : - نعم ؟ - وحين أقلق أسعى إلى السير قليلاً . وهذا ما فعلته يوم الخميس . ضمت سيليا يديها لتمنع إرتعاشهما . . لم تقابل قط إمرأة حقوداً ككريسبتال إير . ! والتوى فم العجوز بزدراء : - وهل اعتقد أن زيارة برودي لغرفتك قد تمضي دون أن يلاحظها أحد . - سيدة إير . . .  وقفت المرأة برشاقة : أردت أن تعرفي فقد أن تصرفك أللا متناهي بات معروفاً . . وانا أعرف بالضبط إلى أي مدى أنت مستعدة للمضي في الاعتتناء بمصالح مرضاك . ولكن تذكري آنسة هالام وهو أنه كان من السهل عليه التخلص منك يوماً . . وهذا ما سيحدث مجدداً . .  عرفت سيليا أنها لن تطيق المزيد ، وأن المرضوع بات شائكاً . . . فماذا سيقول برودي لو علم أن كريستبال والدة محبوبته دونا ، تعرف أنه زارها في غرفتها ليلاً؟

طائر الظلام Where stories live. Discover now