-2 قلب في الظلام

660 12 0
                                    

- سيليا . . سيليا. . أما زلت هنا ؟ - أنا. . أجل . أقلت أن والدك مصاب ؟ كان صوتها هادئاً ، وكأنها في حلم مزعج ، بل وكأن كارول لم تخبرها بأن برودي في حالة خطرة . ردت كارل باكية : - لقد اصطدم بشاحنه .. إنه في قسم الطوارئ في المستشفى .. لقد وقعت الحادثة وهو في طريق العودة . أحست سيليا بوهن في أحاسيسها . - فهمت . - هل ستزورينه في المستشفى ؟  صدمها الاقتراح . . ونشلها من صدمتها . . تزور برودي ؟ لا يمكنها ذلك! - لا. .  شهقت كارول : - انا بحاجه إليك سيليا . - وجدتك . . . - انهارت تماماً . . فلم يمضي وقت طويل على وفاة جدي . وقد وقع الحادث على رأسها كالصاعقة . . أعطيناه منواماً . . أنا بحاجة إلى من يحبه كما أحبه أنا . . . قاطعتها بحده : ـأنا لا أحب أباك كارول. - ولكنك أحببته يوماً . . أليس هذا ما اعترف به اليوم . . أوه سيليا أرجوك! -لا أستطيع كارول ، تعرفين أنني لا أستطيع . كان صوتها حزيناً ، ويدها قابضه بشدة على السماعة ، فرت كارول بصوت مخنوق: - ظننتك تهتمين . . ظننتك تهتمين به ! ثم سمعت صفعة السماعة في الجهة الأخرى . . فانهارت قرب كرسي قريب من الهاتف ، تحدق دون أن ترى إلى الجدار المقابل لها ز لا تستطيع الذهاب غلى المستشفى . . فما الفائده ؟ برودي لا يريدها هنالك وهي لا تريد أن تراه كذالك . ولكن كارول قالت أنه يموت ! برودي يموت ! لا . . لن تتقبل هذا الخبر.  صاحت ليندا بصوت مصدوم حين خرجت من غرفة الجلوس فرأت وجهها الشاحب: - سيليا ! ما الأمر ؟ ما الخطب ؟ بللت شفتيها المخدرتين وقالت ببطء : - وقع . . وقع لوالد كارول . . حادث وتريدني أن أتوجه إلى المستشفى لأكون معها . علت وجه لينجا تقطيبة : - فهمت على ماأظن . تعالى الإحمرار إلى وجه سيليا وهي تشؤح : - عرفت السيد بادجر منذ سنوات . - أحسست شئ من هذا اليوم . . .  - كاتا تعمل بالمستشفى ذتها . . وهذا كل شيء. ضغطت ليندا على يدها وكأنها تفهمها ، ثم صالت بلطف : - سأخبر العائله أنك مضطرة للذهاب لرؤية صديق في المستشفى . - شكراً لك . وقفت دون تردد وتجهت إلى غرفتها . لم تكن تعرف المستشفى الذي أدخل إليه برودي وقد جعلها ذلك تتأخر دقائق حتى تعرف أين هو ، ودقائق عدة أخرى لتتأكد أنه ما زال في غرفة العناية وأن ابنته في غرفة الإنتظار.  كانت كارول مجرد طيف بائس ، يجلس وحيداً في زاوية الغرفة ولكنها نظرت نظرة رجاء إلى الباب وهو ينفتح ، ثم أجهشت ببكاء هاد منحبه وهي تركض لتلقي نفسها بين ذراعي سيليا التي راحت تهدئ روع الفتاة بصوت ناعم : - لا بأس عليك . . لا بأس عليك كارول . تعلقت كارول بها : - علمت أنك ستأتين . . علمت بأنك لن تخذلينني! إذن ، كانت تفهمها أكثو مما تفهم هي نفسها ! حين أوقت السيارة في الخارج أعادت التفكير في ما تقوم به . أهي على صواب في قدومها ؟ فقد لا يتذكرها برودي . . . لأنها لم تكن تعني له شيئاً ز ز . ولربما أ.عجته رؤيتها له مجدداً . إذا كان مصاباً كما تقول كارول فلن تساعده زيارتها أبداً . سألت بلطف : - ثوة أخبار جديدة ؟ هزت كارول رأسها وتفخت أنفها ، قبل أن تمسح الدموع عن وجنتيها : - أبداً . . جلست هنا ساعات . . تقريباً ساعتين . . بدتا لي دهراً . أما الطبيب فلم أره منذ أن وقعت أوراق المعاملات لأدخاله غرفة العمليات .  - أتعنين أن برودي . . . في غلرفة العمليات الآن ؟  - أجل جمجمته مكسورة . تأوهت سيليا :  - يا رباه . . . ! لكنها أدركت أنها لن تساعد كارول بتصرفها هذا. فراحت تهدئ من روعها : - سيكون بخير . سأرى إن كان باستطاعتي معرفة شئ. اجلسي هنا وسآتيك بفنجان قهوة . تعلقت كارول بيدها مذعورة : - لن تتأخري ؟ سرعان ما وجدت الممرضة المسؤوله عن قسم الطوارئ ، فذكرت إليها من هي ثم طلبت معلومات إضافيه عن برودي . نظرت إليها الممرضة الشابة بإشفاق . - نحن جميعاً قلقون عليه . أنه رئيس الجراحين في المستشفى . أتعلمين هذا . لا . . لم تكن تعرف هذا ! - من يجري له العملية ؟ تنهدت الفتاة : - كانت حالة السيد بادجر خطره حين وصل . . وقد عمد إلى إجراء العملية مساعده الأول جوناثان هال . أحس أنني المسؤوله جزئياً
عن الحادث . عبست سيليا .. فماذا تعني الفتاه بقولها ؟ انها صغيره وجميله ليجدها جذابه : - لولا استدعائي له في حاله طارئه لما كان في هذا الجزء من المدينه . تنفست الصعداء ... مع انها لم تعرف السبب . فما برودي بادجر الاجراح ماهر بالنسبه لها الان . وهي لا تعباء بما في حياته من نساء ... فلم الغيره اذا . قالت الممرضه : -سأدخل الي غرفه العمليات لاتفقد حاله لك ... لن أتأخر . - سأكون في الانتظار ... مع كارول ابنه السيد بادجر . حملت سيليا القهوه الي كارول وقد زادت السكر ... ولكن كارول اشمأزت قليلا من مزاقها ومع ذلك راحت ترتشفها لانها ستفيدها هكذا . بعد عشر دقائق جاءت الممرضه لتقول بلطف : - سيخرجون السيد بادجر من غرفه العمليات الان . سألت سيليا بلهفه : - و ...ماذا ؟ - اجتاز مرحله الخطر ... انهارت كارول بين ذراعي سيليا : - الحمد لله  ولكن سيليا علمت ان الممرضه لم تقل كل شئ بعد ، بل رأت الشفقه في اعماق عينيها الزرقاوين . - لقد ازال السيد هال عده شاظيا من العظام المحطمه ولا نعرف بعد مدي الضرر نهائيا . شهقت كارول : - أتعنين ضرر الدماغ ؟ - انها امكانيه ... وهذا ما توقعته سيليا فشعرت بثقل كارول التي اغمي عليها بين ذراعيها . ساعدتها الممرضه علي تمديد كارول علي المقعد . - اسفه .. لكن السيد هال مشغول بحاله طارئه اخري الان . لذا اعتقد ان علي الانسه بادجر الا تتوهم كثيرا ... - كان يجب ان تعرف . - ادخل السيد بادجر الي غرفه خاصه حيث ستلازمه ممرضه ولكني لا احسب ان السيد هال يعارض وجدكمامعه اذا اردتما . نظرت سيليا الي كارول : - سيتحدث السيد هال اليكما حالما يستطيع .. ثمه امر اخر .. لقد اصيب السيد بادجر بجروح في وجهه ايضا .. يجب ان تفهمي هذا ؟ احست سيليا بقشعريره كادت تشلها .. وجه برودي الوسيم مجروح وممزق .. ماذا سيفعل ان بقي الجرح في وجهه ؟ ولكن هل سيبقي علي قيد الحياه . يالله يجب ان يكون بخير .. يجب قالت للمرضه بصوت منخفض : - سأهيئها نفسيا للخبر . وبدأت كارول تسترد وعيها متأوهه. ولكن ما من احد هيأ سيليا نفسيا لما ستواجه . كان برودي مستلقيا فوق الاغطيه البيضاء شاحبا شحوبا كبيرا وضماده سميكه حول صدغيه وعده جروح عميقه في وجهه استدعت الحاجه الي تقطيبها كما كان في يديه جروح اخري وكأنه رفعها ليحميوجهه . الله وحده يعلم ما كان سيصيبه لولاهما.
جذبت كارول دون أن تتنفس بكلمة كرسياً لتجلس إلى جانبه ، تتلمس برقه يديه المصابتين . . ونظرها لا يفارق وجهه الساكن. فجأة راحت تتحدث بهدوء مما دفع سيليا لنظر إليها بحدة: - لن أدعه يموت . - كارول. . .  - ولن أدعه يبقى صرة هامده  شهقت سيليا التي لم تكن تريد الاعتراف بهذا حتى لنفسها. لا . . لن يحدث مكروه له. . ليس وهو من ساعد الناس على الشفاء ببراعته وذكائه . كررت كارول بشراسة: - لن أدعه ! بقيت سيليا صامتة ، لا تريد قول أو فعل شئ قد يدفع كارول إلى الإنهيار . بعد ذلك خرجت لتخابر آل هاموند لتخبرهم أن برودي ما يزال صامداً . .   حين عادت إلى الغرفه وجدت كارول في الكرسي نائمه ، ولكنا لم تحاول تحريكها لئلا تزعجها ، فالنوم هو خير ما تقوم به إذ ستحتاج إلى قواها حين يسترد برودي وعيه . نظرت سيليا إلى الرجل المستلقي على السرير هامداً تفكر في ماسببه من دمار في حياتها . نعم لقد كانت صغيرة على متطلباته ، لكن صغر سنها لم يمنعها من أن تريد ما أراد . بدأ يتحرك متململاً دون إصدار صوت وجسده يقاوم الأغطية التي تقيد حركته . فعلمت أنه لم يسترد بعد وعيه ومع ذلك أرادت طمأنته بطريقة ما : - أنت بخير برودي ، نحن هنا ، كارول وسيليا . تمتم ، فانتفضت بحدة : - سيليا . . يا إللهي . . دونا . . لا تعني لي شئ . . ياإللهي أحبك . . أحبك . . أرجوك لا تتركيني ثانية . . دونا . . .  وغاص في عالم اللا واعي مجدداً . كانت الدموع تتدفق على وجه سيليا حين انتهى . . فتحركت مبتعدة وقد تقدمت الممرضة منه . . لم ينسه حتى وهو في غيبوبته حبه زوجته . . ذلك الحب الذي كان السبب في انفصاله عن سيليا . بعد أيام من رجوع زوجته إليه انقطعت عنها أخباره خاصة وقد طلب إجازة من المستشفى . وكان الداعي إلى إجازته تلك أسباب عائلية .فلقد شاهدت بعينها جمال دونا بادجر الخلاب ،  وعرفت أن برودي يريد أن يقضي بعض الوقت مع زوجته لانطلاقة جديده ، فكان وقت ذاك أن طلبت نقلها من المستشفى وقد قبل طلبها بسرعة . وحين ما عاد برودي كانت قد رحلت ولم تره منذ ذلك الوقت حتى هذه اللحظه . ويا لها من طريقة . كان يبدو ضعيفاً عاجزاً في سريره ، وهي لم تره قط عاجزاً . . . وسيحدث حتى يسترد وعيه أن يكره ضعفه هذا وعجز ه ذلك . ولكنه رجل على أي حال . . كائن بشري ، لا نصف آله كما كانت تراه في أفكارها . تحركت إحدى يديه فجأة على الأغطية البيضاء :  - كارول؟ - إنها هنا . وأومأت إلى اللمرضة لتحضر الطبيب . أدار رأسه وهو يسمع صوت إقفال الباب خلف الممرضة . . ما زالت عيناه الرماديتان على حالهما وصوته ما زال عميقاً أجشاً : - من أنت ؟ رطبت شفتيها اللتين جفتا فجأة . . وقالت هامسه : - اسمي سيليا . - سيليا . بدأ أن وعيه قد عاد إلى الضياع للحظات ، رمش بعينيه الناعستين : - لماذا تجلسين هنا في العتمة ؟ عبست ناظرة إلى عينيه ، والخوف يعصر قلبها : - أتبدو الغرفة مظلمة جداً برودي ؟ أين هو الطبيب ؟ كان يجب أن يكون هنا الآن ! بلل برودي شفتيه ، وكأنه يجد صعوبة في الكلام . هز رأسه : - ظلام شديد . . لماذا لا تضيئين الأنوار لأراك ؟ ارتجفت سيليا عاجزة عن ردع يديها عن الإرتجاف غير قادرة على فهم مايقول لها ، عاجزة عن الكلام . أين هو الطبيب ؟ - ياإلهي ! الذعر الذي يصرخ فيها انتقل إليه فجأة . فحاول الجلوس ، بعدها وجد القوة لمقاومة يديها . . فرجته متوسلة تحاول تهدئته: - أرجوك برودي . . استلق . . الحركة قد تزيد الأمر سوءاً . شهق: - سوءاً ؟ وكيف تسوء ؟ لا أرى . . .  ومأوه : - يا إلهي . . أنا أعمى . . أنا أعمى . . ! خرجت الكلمة الأخيرة ممزوجة بصرخة عذاب ، وهو يقع على الوسائد فاقداً الوعي من جديد .

طائر الظلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن