"سيجارة"

79 4 0
                                    

 اتذكر جيداً عندما كنت صبى يافع متعجرف حاد الطباع فى سّن المراهقة. اتأفف من كل شئ وغير راضٍ عن اى شئ من حولى وناقم على حياتى..
ذات يوم جئت لامى اخبرها اننى اريد تدخين السجائر. اصابتها الدهشة والذهول لقولى هذا! ولكن تلاشت هذا الذهول فى غضب منها ونهرتنى عن هذا القول.
غالباً ما كنت ارى امى شخصاً متصلتٍ ينهر ويأمُر فقط!! ولكننى اصريت على مجادلتها فى هذا الامر..
..
-انا اريد تدخين السجائر!!
-وانا قلت دعك من هذا الهراء!!
-ولما!!
فى محاولة منها لعدم الافلات باعصابها وبذمام الامور اجابتنى بنبرة غاضبة..
-لان فى هذا خطر عليك!!
-ما الخطر!
-انها شئ مضر ومؤذى لك ولصحتك الا تخشى الموت!!
-لا يهمنى..
•بدأت حينها اشعر بتغير نظرتها ونبرة صوتها لى، وجدت شئ حنون بداخلها لم المسة من ذى قبل..
-ولكننى اخشى ان افقدك يا بنى!
-ولكننى احب ان ادخن السجائر!
-لا يوجد شخص ناضج يحب الاشياء التى تؤذية وتهلك روحة وهذا الامر سيدمرك لا محال!!
•صمت لبرهة ثم جاوبتها فى خوف وخجل قائلاً..
-ولكنك مازلتى تحبين ابى على الرغم من انه تركنا ورحل منذ سنوات ولم يعد! اسمعك كل ليلة تبكين لاجلة ومازلتى ترتدين خاتم زواجكم باصبعك. ومازلتى ايضاً لا تسكرين الباب ليلاً بالاقفال فى ظنٍ منك انه سيعود!! كل هذا يهلك روحك ومازلتى تفعلينة ما الفرق اذاً..
•نظرت امى لى فى ذهول تام وعيناها تملأها الدموع ولم تقل لى اى شئ، فقط اتجهت لغرفتها واغلقت عليها الباب..
_______________
"فى غرفة الام"
بعد مرور بضع ساعات شعرت بالقلق حيالها اتجهت نحو غرفتها وطرقت الباب، لم يكن محكوم الغلق فدخلت خشية وظننت انها لا تشعر بى.. كانت تجلس على احدى الكراسى بالغرفة وهى تشاهد البوم صور قديم يجمعها مع ابى وتدخن السجائر......!!

كانت تشعر بوجودى بالغرفة، اعتدلت فى جلستها ونظرت لى وعيناها متورمة اثر البكاء وقالت..

-اعلم اننى قاسية وترانى بشكل سئ وتصور هذا فى رسوماتك، احاول جاهدة لجعلك افضل مما انت علية ولكننى افشل دائما. كل ما اردتة سعادتك حتى اننى افشل فى اعطائك تلك السعادة، امنعك من اشياء وانهرك عنها وانا افعلها خفية! اعلم اننى اسوء مما ابدو وربما اسوء من تصورك لى! ولكن ربما لم اجد من يخشى هلاك روحى! فاصبحت بهذا السوء الظاهر! ولكن على الرغم من كل هذا السوء، ما انا متيقنة منه وما يبقينى صامدة هو انت.. ف انا اخشى عليك..
•لم يستعبنى الامر غير اننى قمت باحتضانها وانا ابكى حتى انها تفاجئت من هذا الفعل، يذكر اننى لم احتضن امى منذ ان كنت رضيعاً. احتضنتها بشدة وقلت لها ..
-انا هنا اخشى عليكى ايضاً..
•ابتسمت امى وقبلت جبينى واطفأت سيجارتها ولم تشعلها مرة اخرى حتى توفيت منذ عامين، نقشت فوق قبرها تلك الكلمة التى جعلت كلانا يحيا من جديد، حينما يضيق بى الحال ولم تسعنى هذة الحياة، اذهب لاجدها مختذلة فى كلماتها الحنونة لتجعلنى احيا واصمد من جديد ..
"انا هنا اخشى عليك ايضاً"..



•نورهان المسعودى•  

 •نورهان المسعودى•  

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
"سيجارة"Where stories live. Discover now