٦- جراح قديمه

5.3K 127 1
                                    

الجو في قناه السويس كان حارا والابحار فيها طويل مضجر وجلست نورما تعبه في ظل غرفه القياده تراقب الصحراء على الجانبين التي تبرز قليلا من فوق جدران القناه الاسمنتيه وكانا قد مرا عبر البحيره المر الكبرى عند الصباح عندما كانت تنام بعد نوبه حراستها الباكره لتستفيق وتجد ميليسا قد اصبحت داخل القناه الطويله
حلمها برؤيه الاهرامات يبدو لن يتحقق كما ادركت وحدقت في التلال الممتده من حولها وفكرت الان ... لقد كانت رده فعله غاضبه عندما سالته عن الزواج...
لماذا؟ هل حدث شئ له شئ جعله يشعر بالمراه باتجاه النساء! هذا على الاقل قد يفسر تصرفه القاسي المرير نحو المراه فهل سببت له امراه الاذى امراه كانت قاسيه وحمقاء انها بحاجه لان تعرف عنه اكثر لان تجد اشياء اكثر عنه لتتمكن من ان توضح مشاعرها نحوه ربما كابينته في اول فرصه وترى ما تستطيع ان تجده وامتدت القناه امامها تغلي من الحر موجه هواء ساخن تلفح كل شئ وكانما الارض تشتعل بالنار السماء لم تعد زرقاء
بل رماديه غامقه معتمه والهواء رطب وخرجت نحو السطح ترتدي البيكيني وقبعه قش الايام القليله الماضيه على متن ميليسا ازالت كل شحم زائد في جسدها واصبحت نحيله واكتسبت اللون الاسمر اللذيذ لو ان شعرها فقط يطول بسرعه اكثر! انه مازال كتله قصيره ذهبيه وقد سارعت الشمس في تحويله الى اللون البلاتيني الابيض عند قمته حتى بدا وكانه الخوذه ومع ذلك فقد قال الان عنه انه جذاب وتذكرت اصابعه القويه وهي تمر برقه واثاره من خلاله واحست برعده كان واقفا على السطح يراقب القناه امامه من خلال منظار فقالت
متذمره
-الجو رطب ولا احبه وللسماء لون رهيب
-اجل وانا لا احبه ايضا يمكن ان نواجه طقسا سيئا في وقت قريب كما تنبأ مكتب المراقبه الجويه
-وهل تعتقد هذا؟
-اجل...ويجب ان تنتبهي بشكل خاص الى تقرير الطقس هذه الليله
والتفت اليها وطافت عيناه فوق جسدها
-يبدو ان ميليسا قد افادتك
-كنت اتمنى لو ان شعري يطول بسرعه
-النساء دائما تافهات... في الواقع قصه الشعر هذه تناسبك تماما يا نورما
-اتظن هذا؟ في الواقع اكثر الناس تفاهه ممن قابلتهم في حياتي كانوا من الرجال
-ربما ولكن ليس بالنسبه للامور مثل شعورهم او ثيابهم...اتمنى لو اننا نخرج من هذه القناه اللعينه الى المتوسط فلا تعجبني فكره مواجهه عاصفه بوجود بحار واحد هو انت!
-وما المشكله معي؟ الم اكن ناجحه؟
-اجل...اعتقد ان ما قلته ليس عادلا لقد كنت رائعه ولم اقصد ما قلته كما بدا لك
-اذا ستواجهه العاصفه معي؟
-سنرى...
واحست وكانه يصرفها فابتعدت عنه غاضبه ..
.لماذا لا تستطيع ان تخترق دفاعاته؟ لماذا عليها هي ان تخرج دائما مهزومه وباكيه من صداماتها؟اللعنه لو تستطيع ان تؤثر عليه بطريقه ما...
في منتصف بعد الظهر كانا يمران باخر مئه يارده من القنال ليدخلا بحيره ميناء بور سعيد القذره من الصعب التصديق ام مياه المتوسط النظيفه الزرقاء لاتبعد كثيرا عن هذا الميناء المكتظ الرطب ورفعا كل الاشرعه المتوفره معهما وهما يخرجان من بين الحواجز الاسمنتيه عند مدخل الميناء ودفعت ريح منعشه ميليسا الى الامام باتجاه الامواج الزرقاء وثبت الان الحبال وقال انه سوف يتفحص المحرك الايمن لليخت
-صوته لا يعجبني...ربما يكون هناك مشكله صغيره والافضل ان يكون المحركان جاهزان في حال قدوم طقس سئ.
كانت تسمع الان وهي واقفه على السطح تراقب يعمل في المحرك ونزلت الى الكابينه لتحضر كتابا تقراه وكان باب كابينته مواربا وترددت للحظه وقلبها يخفق بشده الان سيكون مشغولا لساعه على الاقل
فهل تستطيع ترك مكانها على السطح لدقائق؟ ودفعت الباب ودخلت وقد تملكها شعور بانها تتجسس
وتطلعت حولها فوق الطاوله الصغيره رف كتب
وتقدمت لتنظر الى الكتب هناك مزيج غريب كتابان عن الملاحه بضع نسخ قديمه من مجله التايم بضع قصص مثيره مختارات من الشعر بعض الكتب بالفرنسيه كتاب في المكيانيك نسخه مغلفه بالخلد من رباعيات الخيام ومدت يدها واخذت الكتاب وفتحت الصفحه الاولى منه
كان عليه اهداء بخط انيق لامراه يقول بكل بساطه
-الى الان...مع كل حبي
دون توقيع واحست بالغيره تسري في جسدها وهي تعيد الكتاب من هي التي تمنح كل حبها لالان؟
تحت رف الكتب البوم صور تفحصته بضع صور لرجل فضي الشعر رجحت بانه والد الان وصوره امراه مسنه يجب ان تكون والدته من تشابه العينين وصور اخرى لمراكب واخرى لهليوكبتر تطير مرتفعه قليلا عن الارض وحدقت بالصوره الطيار كانه الان والى جانبه امراه لها شعر بني طويل وترتدي نظاره وفتشت في المجموعه محاوله معرفه شئ عن الان
على الطاوله وجدت عده رسائل وفواتير وسندات ثم وجدت رساله فتحتها كانت تبدا بكلمات
-يارجلي الحبيب...
وبدات تشعر بالغيره تتاكلها كالاسيد وتطلعت بنهايتها لتجد الامضاء المخلصه لك جودي واهتزت الرساله في يدها هل من حقها ان تقراها؟ بالطبع لا الخط كان يشابه الاهداء على كتاب الشعر وكرهت نفسها لفضولها هذا ولكنها امسكت بالرساله وهي تعلم بانها اذا لم تقراها الان فسوف تطاردها الافكار حولها الى الابد وكانه التاريخ منذ بضعه اشهر وقرات اول سطر وارتعدت عندما فتح الباب ودخل الان وهو ينظف يديه بخرقه من القماش..
والتقت عيناه بعينيها بدهشه بارده
-تركتني ...وفي جيبها ثلاثه تصميمات من اخر تصميماتي لقد تعلمت من ذلك النذل الذي هرب الى بلجيكا وكان عندها تمييز كاف لتعرف التصميم الثوري المناسب عندما تراه وهكذا اخذت ثلاثه تصمميات لبناء الطائرات اقتصاديه خفيفه الى شركه منافسه وقدمتها مع جسدها لصاحب الشركه وكان عرضا لم يستطع رفضه وهكذا بينما اناضل كي افي بالفواتير بمليون جنيه وبقلب محطم كانت قد اصبحت زوجته وامتلكت قصرا في كومبريا واخر في اسكتلندا
وصمت قليلا فقالت نورما
-ثم ماذا حدث؟
-ثم بدات العمل من لاشئ ..استطعت ان ادفع اجور موظفي بطريقه ما...وكانوا متفهمين جدا...وانجزنا بعض التصاميم وانتظر المصرف باركهم الله ونفذنا بعض العقود وفي نهايه السنه المنصرمه اصبحنا متعادلين تقريبا وفي الوقت الحاضر يدرس البوليس الالماني احد التصميمات طائرا هليوكبتر من اجل الدوريات الجويه
واذا وافقوا عليها فهذا يعني انتاج الفي قطعه خلال السته اشهر القادمه واحاول ايضا ان ابيع بعض الطائرات الجاهزه الى السعوديه .. وهو نوع قد يستخدمه الامراء في التنقل لحضور الاجتماعات
-وجودي؟
-نلتقى معا بالطبع...ولم اترك ماحدث يظهر ابدا على وهذه الرساله التي كنت تقراينها كانت عرضا منها لمقابلتي في مكان ما لاقامه علاقه اضافيه معي ولقد استبقيتها للذكرى كشاهد شرف وصدق البشر...على كل الاحوال..
عندما اصبحت مرهقا واحتجت الى فرصه وهكذا اقترح على والدي ان احقق هذه الفرصه وامرني ان اخذ ميليسا في اول تجربه ابحار لها واحصل على عطله في نفس الوقت وهكذا ابحرت مع بيت البحار الذي اصيب ووصلنا الى كينيا حيث دخلت انت واصدقائك في حياتي
وتنهدت نورما واكتشفت ان راحه يدها اصبحت متعرقه وقالت
-لقد بدات افهم لماذا غضبت كثيرا في مومباسا.
عندما افكر كيف تصرف بيتر والاخرون ..يالهي دمي يغلي من الغضب الان ..هذه قصه شجاعه خارقه واعتقد انك اشجع رجل قابلته في حياتي
والتقت عيناه بعينيها ثم القى راسه الى الخلف وضحك وقال لها وهو يبتسم
-نورما...كم تبدين طفله احيانا!
-واعلم الان لماذا تكره النساء ولماذا تريد ان تحول كل عاطفه الى رغبه فقط
وسمعا قرقعه بسيطه عند الطاوله...
فنظر الى مصدر الصوت الساعه الصغيره قرب المصباح كانت تتحرك تصطدم بالمصباح ثم تعود ثانيه وادركا فجاه ان ميليسا قد تغير نمط ابحارها من النعومه الى القساوه واخذت تتحرك بقوه جعلت نورما تشعر بعدم الارتياح ونظرت الى الان فتنهد وبدت على وجهه نظره قلقه
-لقد وصلنا منطقه الضغط الجوي المنخفض اظن ان من الافضل ان نصعد الى السطح نقفل جميع الفتحات والافضل ان لا ترتبك
على السطح كان الظلام مخيفا ماعدا شعاع اصفر عند الغرب يشير الى ان الشمس لم تغب تماما بعد وكانت ميليسا لاتزال تشق صفحه المياه بمقدمتها التي تشبه السكين
ولكنها بدات الان تغوص وترتفع مع ان الامواج لم تصبح عاليه بعد وتحركا فوق السطح بسرعه واغلقا كل الفتحات والنوافذ...
ولاحظت ان الان كان يتفحص بعنايه الزورق الصغير في مؤخره اليخت وادركت للمره الاول بأنهما حقا يواجهان طقسا رديئا
بعد ان امنا كل شئ على السطح اخذت الاشرعه تحدث اصواتا حاده وتنفخ بفعل الريح المتزايده ونظر اليها الان مفكرا فسالته
-هل تريد ان تنزلها ؟
-ليس بعد اذا ساءت الامور اكثر .اجل..
.لنذهب ونستمع الى تقرير الطقس
بينما كان الان يستمع الى التقرير والسماعات فوق اذنيه حضرت نروما كوبين من الكاكاو الساخن لقد اصبح الكثير من الامور واضحا لها حول الان خلال النصف ساعه الاخيره حتى انها لم تستطع استيعابه كله وحملت الكاكاو الساخن اى غرفه القياده وبدا على الان التفكير الجاد وهو يدون اخر الملاحظات امامه ...وسالته
-هل الانباء سيئه؟
-جدا هناك عاصفه قادمه نحونا وبسرعه واتساءل ماذا كان علينا العوده الى بور سعيد للالتجاء هناك...
-هل انت قلق؟.
-لا اريد خساره صوراي ميليسا
وبتسم قليلا واضاف:
-لاتظني انني احاول النيل من المعلوماتك الملاحيه
-الاتستطيع الوصول الى الاسكندرريه والانتظار هناك؟
-نستطيع هذا مع انني لا احب فكره الهروب
-ليس هناك جبن في الخوف من البحر
-لديك اسباب جيده لتعرفي هذا..نعم..
-انت على حق ولكن الامر لايجدي اذا ادرت ظهرك للبحر ولكنني اكره ان اخذل والدي
-الان...جودي ويلفورد كانت ساقطه...
-هذا كلام كبير يصدر منك.
-اشعر به ماحدث لك...لايعني ان كل النساء سواء...ولايجب ان تشعر...
-اعتقد انني اعرف ماذا تحاولين ان تقولي ..انت تعتقدين بانني اشعر بالمراره ..اليس كذلك؟
-حسنا..
-انت مخطئه يانورما انا عملي فقط واكبر سنا منك لذا ارجوك لاتلقى على محاضرات عن الاخلاق الانسانيه...اوكي؟
وهزت كتفيها وهي تجلس وتقول:
-اوكي الان ..هل استطيع ان اسال سؤال واحدا بعد؟
-ماذا؟
-حول جودي ...لقد كتبت لك تلك الرساله هل قبلت دعوتها؟ وكيف تشعر نحوها الان؟
-اتعنين هل اركض اليها لو دعتني ثانيه؟
-شئ من هذا القبيل
-هل يمكن لك ان تكرهي شخصا كنت تحبينه فيما مضى؟
-ليس ان كان حبا حقيقيا
-هذه مساله لم اجد لها جوابا بعد يانورما ارجوك لا تتحدثي بعد عن حياتي الخاصه الامر يضجرني علينا ان نفكر بانفسنا وباليخت
ونشر الخريطه امامه واشار باصبعه فوق سوريا وقال
-من هنا العاصفه قادمه
-من خلفنا؟
-اجل ...
لذا اذا كان علينا ان نعود الى مصر فيجب ان نسرع وانا شخصيا اشك في اننا سننجح هل تريدين ان نحاول؟
-هذا عائدا اليك يا الان؟
وتلاقت عيونهما وفي الصمت الذي تلا تهاوت ميليسا بعنف مفاجئ ثم استقرت ثم عادت ترتفع وتهبط ثانيه ودوى صوت عنيف هز اليخت ..
فقال الان بسرعه:
-لم يعد الامر بيدي ...

هزيمة القمرWhere stories live. Discover now