٢ - اذهبي إلى الجحيم !

7.2K 146 1
                                    

ولكنها لم تر آلان سان كلير ثانية . وبعد يومين عادوا إلى "مومباسا" وكان يخت بيتر جاهزا فى ميناء اليخوت ، قارب أبيض جميل يقف بين السفن المتنوعة الراسية في مياه الميناء . وكان اليخت يبدو على ما هو ، لعبة رجل غني فاخرة . بيتر يعامل قاربه القوي كما يعامل معظم الرجال سياراتهم الفاخرة ، قيادته للقارب في البحر لم تكن سيئة ، ولكن نورما كرهت طريقته المتهورة بإطلاق العنان لسرعته داخل المرافئ وبين السفن الاخرى . بعض الاحيان يمكن ان يكون متعجرفا أكثر مما يصدق واحيانا غبي كولد صغير .كان اليخت قد أعيد تزويده بالمؤن والوقود ، وانجزوا الترتيبات مع الجمارك ودوائر الجوازات ، وبدأ بيتر يقوم ببعض الترتيبات الأخيرة وصعدت نورما إلى اعلى القارب ، الى مركز القيادة كي تلقي نظرة على الميناء وتودع كينيا . إنها عائدة الى بلادها الى رالف . هذا التفكير لم يملأها بالسرور كالعادة . فهل هي ايضا اصبحت غير متأكدة ؟ لاقدر الله ! ونظرت الى المدينة التي تمتد حول الميناء تحدها اشجار جوز الهند اللامعة تحت أشعة الشمس ، وكان الميناء مكتظ بالسفن من مختلف الاشكال والانواع ، ولكن على الرغم من النشاط الحيوي فيه ، فإن بعض الحيطة كانت تحول دون التصادم . وبدا أن لا نهاية لأشكال القوارب المختلفة ... القوارب الشراعية العربية بأشرعتها المثلثة المدببة ، وقوارب الصيد الصغيرة ، والمعديات واليخوت الأنيقة تتهادي بين كل هذه القوارب وكأنها سيدة مجتمع أنيقة .وأصبح يخت بيتر على وشك الانطلاق وأدار بيتر المحرك الكبير الذى يسيره ، وجلس بهدوء في غرفة القيادة وحدقت نورما للمرة الاخيرة من حولها بالميناء شاعرة بالأسف ، فهي لا تريد أبدا ان تترك كينيا فالوقت الذى أمضته هنا كان قصيرا ، ولفتت شتيمة سمعتها انتباهها إلى بيتر ، الذى كان يتصارع مع المقود متذمرا من أن الدفة عالقة . لماذا الآن من بين كل الاوقات ؟ في وقت هم على وشك الإبحار ؟وجذب دواسة التختيق ، فخفق المحرك محتجا دافعا نافورة ماء إلى فوق عند مؤخرة القارب ، واقبل سيلك ستانلي نحوه .
- هل تواجه مشكلة يا بيتر ؟
- أستطيع تسويتها .
فهز سيلك كتفيه . وعاد إلى حيث كان يجلس يتابع شرابه واتخذت سينثيا وجولي مركزهما المفضل على سطح السفينة تستلقيان على وجهيهما مرتديتان اصغر بيكيني ممكن .وأعادت نورما انتباهها إلى الميناء ، وراقبت مجموعة من الأطفال تصطاد على متن قارب صيد صغير ورست سفينة شحن أخيرا عند الرصيف ملقية مرساتها ، ومراكب الصيد تهتز بحذر من حولها .
وصاح بيتر :
- حسنا .. لقد اصطلح ، تعالوا جميعا لنودع كينيا . بريطانيا .. ها نحن قادمون .
وانطلق المحرك ، فتحرك المركب مبتعدا عن الرصيف . وابتعد الاولاد الصغار بسرعة وفزع ، ونظرت إليه نورما بقلق قائلة :
- أرجوك .. كن حذرا يا بيتر .. الميناء مكتظ جدا !
- أنا أعرف ماذا افعل .وابتسم ..
وجهه كان يتصبب بالعرق . وأحست نورما بمعدتها تتقلص وصلت كي يغادروا الميناء الى عرض البحر دون أي حادث ، فقد كان بيتر في حالة نفسية غبية وغير مكترثة ، ونظر إليها من جديد فتنهدت قائلة :
- تمهل .. فأنت تسرع جدا ..
- لا تكوني قلقة هكذا ، دعي عمك بيتر يريك كيف يتدبر الامر.
كان اليخت يمر بين مجموعة صغيرة من قوارب الصيد واجفلت نورما عندما كاد يصطدم بأقرب قارب له ، ولاحظت الوجوه الغاضبة في المراكب وضحك بيتر ، ثم توقف وقطب . مدخل الميناء كان مكتظا بصفوف من المراكب تنتظر دورها للخروج إلى عرض البحر ، وخفف من سرعة القارب وهو قلق فتوقف ، واخذ يهتز بتحرك الموج من تحته . و اقبلت جولي وهي تلمع من أثر زيت الشمس وقالت متسائلة :
- ماذا ننتظر ؟
وتطلعت بسخرية إلي المراكب أمامهم . فقال بيتر :
- هذه المراكب اللعينة ، انظري إليها . لاجل الله ! أريد ان اخرج الى عرض البحر قبل الظهر .وعادت جولي تنظر الى المراكب :
- إنه منظر جميل .
- وما هو الجميل فيها ؟ الاغبياء اللعناء يتلاعبون بيخوتهم . أمل ان يسرعوا . بهذه الطريقة سنبقى هنا طوال اليوم .
وفجأة تبدل الريح ، وامتلأت الاشرعة فأمسك بيتر بالمقود وصاح:
- حسنا .. الآن هي فرصتنا . سأنفذ من خلالهم ، وليذهب الدور الى الجحيم !
واطلق العنان للمحرك فانطلق القارب الى الامام ، فقالت نورما بسرعة :
- بيتر ، توقف ! ستصطدم بأحدهم ..
- فليذهب الى الجحيم .

هزيمة القمرWhere stories live. Discover now