إنه زوجي !

299 16 8
                                    

الفصل الخامس :

الصفحة 10/ اليوم الرابع : اصنع ذاتك وتعرف عليها

القصة الحقيقية وراء كلمة الذات هي أننا لا نقصد بها النفس ! الذات حينما تريد أن تتكلم عن ذاتك فليست هي أن تذكر اسمك أو عمرك أو بلدك أو حتى هواياتك ، الذات يا عزيزي هي أن تنتمي إلى روحك ! أرى تساؤلات كثيرة على وجهك فما الروح وما الذات وما النفس ؟ أليست كلها تستقر في الجسد الواحد ولها مكمن واحد؟ في الحقيقة هي ليست كذلك . دعني أقرب لك الفكرة فبالمثال يتضح المقال . ذات مرة أضعت ذاتي فذهبت للبحث عنها ! وأول ما بحثت بحثت عند جارتي أم فاروق ، لقد كانت امرأة مسنة وحكيمة ولها طبع حاد ولكنها فيلسوفة ذات كلمات مرحة . طرقت بابها وأنا أسأل '' يا حجة لقد أضعت ذاتي فهل مرت بكِ أو على رؤياكِ ؟ '' قالت بدون أن تستغرب كلماتي من خلف بابها الخشبي : '' اذهب وابحث عنها في مكان ثان ، ابحث عنها في أنقاض روحك وشتات بالك وحين تجدها يا بني عد إلي '' ابتسمت لها وقلت : '' وماذا ستفعلين بي يا حجة ؟ '' قالت : '' سأقول لك حينها أنه عليك أن تعيد أساسيات نفسك و ترفع جدران روحك كما كانت قبلا ، يا بني عليك أن تلم أشلاءك قطعة قطعة حينها فقط متى يمكنك أن تجد ذاتك و تصنعها وتحافظ عليها من الضياع '' قلت : '' شكرا لك يا ام فاروق '' هل فهمتني الآن عزيزي القارئ ؟ أظنك ستشكرني عندما تدرك أن الخمسة أيام قد انتهت الآن ! ...

*********************************************************************************

إنه زوجي

30 ديسمبر/كانون الأول عام 2017

إنه يوم مولدي! لم أعد مثل قبل أعظم ذلك اليوم من كل سنة فلم أعد أريد حفلات يوم الميلاد ولا هداياها ولا الكعكة الجميلة ذات الألوان الباهية ، أصبحت تمر مثل هذه الأيام مر الكرام وكأنها ليست إلا ذلك اليوم الذي يضاف فيه رقم واحد جديد إلى الأرقام التي يتكون منها عمرك . مرت 17 سنة من عمري وبدأت أشعر بأنها سنوات ضائعة لم أفعل فيها ما يستحق الذكر و يستحق أن أمضي من أجله سنوات أخرى بعد .

نزلت صباحا لطاولة الفطور فوجدت أغلب المتواجدين ليسوا مهتمين لا بهذا اليوم الشتوي الماطر – المميز – ولا بالثلاثين من ديسمبر ولا حتى بالعام الجديد الذي يحل بعد يوم واحد بدا كل شيء عاديا مملا، رغم قلة اهتمامي إلا أني ما زلت أحب اهتمام الآخرين به ! قالت أمي بعد أن سكبت لي كوبا من الحليب الساخن : '' هل ستذهبين للمدرسة في هذا اليوم الماطر ؟ '' قلت : '' ليست مشكلة ، لدي بكالوريا هذه السنة أمي ولست أريد أن أتغيب يوما عن دروسي '' قالت أمي : '' صحتك أولى يا فتاة وأنا أخاف عليك المرض '' قلت مستنكرة : '' صحتي ؟ أمي ما بالك هذا اليوم إنه مطر فقط مطر ، ثم انها ليست أول مرة أخرج فيها في المطر '' قالت بلهجة ماكرة وهي تقدم الخبز المحمص : '' وليست المرة الأولى التي أراك فيها مصابة بنزلة برد حادة بعد يوم ماطر '' هنا نطق والدي قبل أن أتكلم : '' جهزا نفسيكما أنتِ وأختك ، سآخذكما في السيارة '' رأيناه كلنا بعيون مستغربة ، أبي العظيم يأخذ وردة و جميلة إلى وجهتهما ؟ أنى لك هذا يا أبي ؟ ! قالت له والدتي بعد أن نهض عن كرسيه مغادرا :'' ولكنهما .... '' قاطعها دون أن يتجه بأنظاره إلينا : '' لا تخافِ عليهما سأعود لأخذهما عندما ينهيان إذا ما كان المطر ينزل '' يال الروعة والغرابة !! إنه لأغرب يوم بحياتي وفي غرابته طعم مميز جميل ، جميل كاسمي !.

ذاتWhere stories live. Discover now