الباب الثالث عشر.

2.6K 102 41
                                    


( • صفاء  • ).

- سلاماً لِمَنْ طرقَ الباب ، فوجدَهُ مُغلقاً ، فَعذَرَ وأَمهلَ وصَبرَ ورابَطَ وأبَى الانصراف ، ومَكَثَ غيرَ بعيدٍ ، يَتَحَيَّنُ فُرصةً ، ويَتَرصَّدُ ثَغرةً ، حتَّى رأى نصفَ انفراجةٍ ، فانْتَهَزَها ، وجازَ وعَبرَ واخترقَ ومَرَّ إلى قُلوبِنا ، فَأنارَ ومَنحَ وطَبْطبَ وأحيَا وأعانَ وعَوَّضَ واحتوى .. !

- لماذا يتحول الحُب إلى شرط إجتماعي،وألتزام مثل واجب دراسي؟

- ‏كنت مسرعاً نحو غاية لا أعرفها، في لحظة ما أدركت أنني لا أعرفني!
و أن ما مضي من عمري لم يعد موجوداً

- ‏كنت مسرعاً نحو غاية لا أعرفها، في لحظة ما أدركت أنني لا أعرفني!‏و أن ما مضي من عمري لم يعد موجوداً

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

- كم احتاج ذلك الغريب الذي أشاطره المقعد ذاته في رحلةٍ طويلةٍ على متن قطار مزدحم بالحكايا .
غريبٌ ألتقيه صدفةً ، يجلسُ مقابلي بعد أن يستأذنني ويومىء لي برأسه ملقيًا التحيّة .
غريبٌ لا يعرفُ من أنا ولا أعرف له هوية ، ولا نريد أن نعرف أبدًا .
نصمتُ طويلاً ، يمُيلُ كلانا رأسَه على النافذة ، غارقين في ما مضى وفيما سيأتي .
أرمقه بين الحين والآخر ، أراقب حركاته ومظهره وأغوصُ عميقًا داخل رأسه محاولةً فهم أيّ انسانٍ هو، من أين أتى وإلى أين يذهب .
وأعود إلى نفسي بعد عشرات القصص والسيناريوهات التي ألّفتها حول حياته . أغمض عيناي، أتنفّسُ بعمق وأعيشُ أفكاري لوحدي مجددًا.
يستوقفُنا بكاء طفلٍ صغير في المقعد المجاور ، يترّبعُ في حضن أمّه التي تحاول جاهدةً إسكاته ، فتهزّه تارةً وتمسحُ على رأسه تارةً أخرى .
نبتسم ، وتلتقي نظراتنا في طريق عودتها إلى النافذة . وهنا يبدأُ الحديث .
آه كم أعشق محادثة الغرباء والذين أطلق عليهم لقب " أحاديّي اللقاء، فلا خلفيّة واضحة ولا أفكارٍ مسبقة ولا وعود قادمة .
يبدأ حديثنا بسؤالٍ عابرٍ لا يتعدّى جوابه كلمة واحدة . ومن ثم وعلى حد جواب أمي في كلِ مرةٍ كنت أسألها عن سبب تأخرّها بزيارتها لجارتنا:
" كلمة تجرّ كلمة" .
يتطور حديثنا ويطول ، يزدحمُ بالأسئلة والإجابات والأفكار والآراء . فتشعرُ وكأن بحوزتكَ بطاقةِ حديث مفتوحة الرصيد ، وليس عليكَ أن تدفع أي فائدة على ما تقول .
يتوقفُ القطار في محطتّه الأخيرة ، نعبّر أحدنا للآخر عن مدى سعادتنا بهذا الحديث .
عند باب القطار نفترق ، كلٌ بمسلكٍ مختلف ، يحمِلُ معه ضعف ما كان من مشاعرٍ وأفكار .
ومن جديد غرباء إلى الأبد .

1 عبور | إقتباسات. Where stories live. Discover now