سرور

1.5K 7 19
                                    

بعد ان مضى سرور والكسندرا نصف الليل يتبادلان الرسايل على الواتساب قررا ان يتوقفا عن ذالك، خاصة بعد ان باغت النوم سرور لينهي المحادثه

- طيب انا خلاص هانام

- اه وانا كمان

- سلام

- سلام اكلمك بكره

غط  سرور سريعا في النوم وكأن محادثة الكسندرا تخفف عنه الام الحياه وجحيم تفكير ماقبل النوم، تنسيه كل شيء فينام بهدوء وطمأنينة لايفكر في هذا المستقبل الذي ينتظره، من يدري .. ربما لاينتظره شيء.

في الصباح يخترق صوت اجراس المنبه اذان سرور , هذا الصوت اللعين الذي يتخبط بين ارجاء الغرفه يترك كل شقوق الجدران ولا يستقر الا في اذان سرور ليقطع عليه احد احلامه التي تداعبه.

يستيقظ سرور , يغتسل , ولا ينتبه لجوعه فقط شربة ماء تروي جنبات معدته المتقلصه وترطب جوفه وحلقه، يذهب الى العمل وما ان يصل حتى يستقبله مسعد مشرف المندوبين ذالك الاحمق ذو الابتسامة الصفراء والشعر المجعد شديد السواد انه من هؤلاء الاشخاص الذين نطلق عليهم << بضين >> كلماته خبيثة تحمل ورائها احيانا استفسارات غبيه وهوا يعرف مالذي يؤخر سرور، لاشيء غير المواصلات ولكنه يصر على ان يخاطبه بتلك اللهجه، يسائله كل مرة وكانه لايعرف , انه شخصية بضينه حمقاء .

- عاوزك النهارده تخلص كل البضاعه اللي هاديهالك

- طيب ياستاذ مسعد اتمنى ذالك

- بص ياريت لما اكلمك تكلمني باريحيه بلاش لغة المثقفين انت ناسي انك من بني كجه ( ضحكه سخيفه بضينه )

- حاضر هات البضاعه طيب عشان انجز

- روح استلمها .... حفاضات ماشي ؟!

- ماشي

انصرف سرور وهوا يتميز من الغيظ ولكن مايهون عليه انه سيسوق لحفاضات, انه يعرف انه وفي هذا الجحيم الذي يعيشه سكان بني كجه لايكفون عن التناسل، اصبح هناك المزيد والمزيد من السكان يستهلكون الكثير من المنتجات، خاصة تلك التي تخص مؤخرة الاطفال، وبعض المنتجات الاخرى التي لها علاقه بالاعضاء التناسليه، انهم مجانين بتلك المنتجات، لا احد يعرف السبب سوى المتزوجون، ينتهي من عمله اليوم مبكرا , ليذهب الى مسعد وليس معه الا ايراد المبيعات، يستقبله مسعد

 – عملتها يابن بني كجه ..... ياسلام عليك لو تستمر كده على طول

يكره سرو محاولات مسعد في اغتصاب افكاره، انه وبعد كل هذا البؤس مازال يظن انه حال البلاد سينصلح وانه سيجد عملا مهما يقوم به في هذه الحياه غير توزيع الحفاضات على الصيدليات، كلمات مسعد تجعله يشعر وكأنه سوف يقضي عمره في هذا العمل الذي لافائدة منه، سرور شاب مثقف يفهم في السياسه لذالك تم منعه من الكثير من الوظائف التي يستحقها ليجد نفسه اما بائع علب كبريت او موزع حفاضات تلك المنتجات السخيفه التي لو انتقلت البشرية الى العيش في مجرة اخرى بالطبع لن تنتجها، هذا مايتمناه سرور.

انتهت ساعات عمل سرورر وسيذهب الى البيت تواقا لمحادثة الكسندرا يجلب معه من كشك بقال العماره بعض المعلبات رخيصة الثمن مجهولة الهوية و المصدر ليتغذى عليها، يسكن سرور في شقته التى تقع في الطابق السابع , الطابق ماقبل الاخير , شقته تشبه احد المقابر الجماعيه لعبيد احد ملوك الفراعنه جدرانها مليئه بالشقوق، اثاث شقته يسمع له صرير وكأن الكرسي يحادث السرير، يالهم من مثرثرين، في الحقيقه البناية كلها هاكذا ومن المفترض ان يهجروها لانها آيلة للسقوط ، ولكن من يأبه لذالك لافرق بين حيات بني كجة وموتهم .

يقضي سرور في اعداد طعامه الذي لاإعداد له ولكنه يوهم نفسه بذالك ليتلذذ بالطعام، يفتح الواتساب ليجد رساله من الكسندره

- سرور اذيك عامل ايه ... اتمنى انك تكون بخير ... لما ترجع البيت هاكون اونلاين على فكره تقدر تجاوب عى سؤالي ..... هوا انت بتحبني ؟!

تفاجأ سرور بتلك الرساله، هوا لايعرف اذا كان يريد تلك الرساله من الكسندرا ام لا، هوا اصلا لايعرف شعوره تجاه الكسندرا، قرأ الرسالة وهوا يشعر بخيبة امل، لايعرف بماذا يجيب، انه يجهل كل شيء الان، انكمش وتذكر انه ابن ال35 عاما، تذكر انه مازال على قيد الحياة، باغتته بعض الكلمات، حب ...زواج ..زواج .. عائلة .. مسؤولية .. استقلال .. حياة .. منزل ..اطفال ..مضاجعه ...

انتهى سرور من دوامة الذكريات التي لم يحياها اصلا ولكن عقله لطالما صور له ذالك، يده ترتعش واثار العرق على جسده، اراد ان يغتسل ثم يعود ليمسك هاتفه ويراسل الكسندرا

- اهلا اذيك الكسندرا انا بخير تمام .... اتمنى انك تكوني بخير , خليني اسألك انا كمان هاتلاقي اجابتي في سؤالي !

- اتفضل

- هوا انتي ازاي اسمك الكسندرا وجميله كده ... ازاي جميله وسمرا ...ازاي انتي من اسكندراسوان وتعرفيني ...ازاي واحده ممكن تحب واحد ماشفتهوش غير في صورتين تلاته وماكلمتهوش غير كتابه على الواتس ...ازاي واحده زيك ممكن تعمل كده ...ايه اللي يخليكي تحبي واحد زيي من بني كجه مش لاقي ياكل اصلا ...ممنوع امنيا انه يشتغل .. نحس ... هزيل ... ضعيف ... عايش في عشه مش شقه في مبنى المفروض انه هايقع فوق دماغ سكانه قريب ... ممكن حتى الليله

- انا مش مؤمنه بكل الكلام اللي انت بتقوله ... مفيش فرق بين واحد والتاني

- لا ... انا مؤمن بقى تخيلي ! ... انتي بس حياتك متاح فيها التناقض شويه ... روحي شوفي واحد من بلادكم تحبيه ... سبيني انا اعيش في وسط الكلاب الاوباش اللي بتكرههوهم والغلابه لما بتحبوهم بين الشحاتين لما بنمد ايدينا ونقول حقنا، من الخدامين لما بتشغلونا، من الحاقدين لما بنجيب سيرتكم ومن المتحرشين لما بنمسك ايديكم نسلم عليكم، من النصابين لما بنبيع ليكو نفسنا، بين بني كجه واسكندراسوان كتير.. حدود بالألف ميل اخر حد عماره بتنهار فوق دماغنا اللي بناها شركة ابوكي بعدها الحدود بتروح واحنا معاها.

- ممكن تقولي عنوانك بالظبط ؟!

- جاري الكتابة ....................................................................................................

صباحا : خبر انهيار احد العقارات بحي بني كجه المعدم.

احمد عمران 

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Apr 10, 2017 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

سرورWhere stories live. Discover now