الثَالِثْ.

277 35 11
                                    

شكرًا جدًا ليكم Miasteamsupportx و لكل اللي دعموني💜
___________________

تنظر والدتهُ إليه ببعض خيبة الأمل، فبالرغم من أنها على علمٍ بِحماسهِ بشأن إقتراحها وتنفيذه، فعيناه لا تكذبان! يُمكنها رؤية مدى إحباطه وألمه.

"أعذريني أمي لكن لماذا تنظرين إليّ بتلك الطريقة؟" تساءل بعدما أفاق من شروده وأدرك أنا تُحدق به، ترمقه بنظراتٍ غير مفهومة.

"لا شيء بُني، كُنت فقط أُفكِر إن كان بمقدورِك العودة إلى عملك من جديد.." أفصحت عمّا كان يجول بخاطرها بحنان و إلحاح.

إبتسم بسُخرية ناظرًا إلى ذلك المشروب الساخن بكوبه المُحاط بأصابعه النحيلة الذابلة، "لا أظن ذلك، إن إختلطتُ بالمجتمع خارجًا سأُفسِد كُل شيء، هكذا أفضل"

نظرت له بحسّرة وضيق، أكثر ما يؤلم الأم عندما ترى أحد أولادها مُتألِمًا و بالرغم من مُحاولاتِها تفشل بطريقةٍ أو بأخرى، فبتلك اللحظات تتمنى لو أمكنها إعادة الزمن والتحكُم بكُل شيء حتى لا يشعُر أولادها بهذا الحُزن.

لكن للأسف، ليس بيديها فعِل شيء، هو تمامًا كالزُجاج الهشّ، كُسِرَ و إن أقترب منه أحد بالطريقة الخاطئة فسيتأذى، و حتى إن إقترب منه بالطريقة الصحيحة وتمكن من لملمة أشلاءه فللأسف، لن يعود كما كان مُسبقًا.

"لن أضغط عليك فأنا مُقدِّرة ما تمُر به .."

أراحت يدها الحنونة على ظهره لتمسح عليه بهدوء آمِلَة أن تبعث إليه الطمأنينة والسكون.

لم يقُل شيء، فهو بالكاد يتحدث و يتمكن من إخراج ما بداخلهِ، فمِن كثرَّة آلامه و أوجاعه هو لا يقدِر على الإفصاح عمّا يؤرق روحه.

"شكرًا أمي" تفوه بها بصوتٍ مُختنق ينُم عن مدى إرهاقه النفسي وعن مدى صمودِه.

-

"عليّ الرحيل الآن صغيري، سأتصل بك بأقرب وقت و متى تُقرِر تنفيذ إقتراحي فأعلمني"

قالت وهي تُعانقه بثباتٍ و حنوّ، تمسح على شعره و تُربت على ظهره ليشعُر هو بالراحة، فيتمنى لو كان بإمكانه البقاء بِعناق والدته هذا حتى يستمدّ عافيته و قوته من جديد.

"حسنًا" تمتم و كادت هي أن تسمعه.

فَصَلَ هو العِناق ليُكمِل بلُطف و تشُق الإبتسامة طريقها إلى وجههِ تلقائيًا، "هيا بنا لأوصلكِ"

كان على وشك إرتداء حذائه، فبعدما جلس على الكُرسي ليبدأ بإرتداءه، تُمسك والدته ذقنه ليرمي بنظره إلى أسارير وجهها الحنون.

غاياتٌ دفينةٌWhere stories live. Discover now