إنها الحرب ! .

783 26 2
                                    

صدح صوتٌ مدوِي لانفجار قنبلة , مما عَكَّرَ سكون الليل . هل قلت سكون الليل ؟ . لقد قصدت مما زاد من إزعاج الليل . فأي سكون يأتي إلى دولة أنيفا. التي لا تستطيع التفرقة بين ليلها من نهارها .

نعم يا سادة إنها الحرب ! . الحرب التي أزهقت أرواح الآلاف , و شردت الأضعاف . الحرب التي لا تعرف الرحمة.

فجأة أنتشر ضوء قنبلة أخرى . مما أخفى ضوء القمر الهادئ , و كأن ضوئه يستحي الظهور من دناءة أفعال بعض البشر .

منزل في وسط هذه المدينة . يصدر أنينٌ ضعيف وسط صرخات الناس المستغيثة , أنين لا يسمعه إلا خالق البشر . أنين يعبر عن ضيق صاحبه , ذا 13 عاماً .

الفتى بدموع حارقة , تدل على معاناته . و هو يحرك جثتا والديه : " أمي , أبي . استيقظوا . " كما قال الشاعر عمرو الزبيدي ( لا حياة لمن تنادي . ) . كان مظهره يجعل الحجر يبكي , و لكن قلوب بعض البشر أقسى من الحجر .

توقف عن الأنين و البكاء , بعدما شعر إنه لا فائدة منه . استقام في وقفته و مسح دموعه بعنف , و قال عادل بشجاعة لا تناسب عمره : " لن ابكي . و سأحارب حتى يتحرر وطني . لن أبالي للموت . فليس لدي أي شيء لأخسره ! . "

بعد مرور ساعات . ابتسم عادل بألم لمكان جثث والديه الخالي , قبل أن يدفنهم الجيران . ثم قال بهمس : " أعدكم , لن أعود إلى المنزل . قبل أن أحرر وطني . " ثم هَمَّ بأخذ أسلحة والده و أدواته الحربية . مغادراً المنزل , طامحاً أن يعود منتصراً . أو الموت أفضل من أن يعود منهزماً .

في طريقه إلى معسكر الجيش , الذي كان يقوده والده , رأى السماء تنير إعلاناً عن قنبلة تغزو هدوئها . رفع رأسه ناظراً للسماء و كأنها تسمعه : " أعدك , في المرة القادمة سيكون الضوء للألعاب النارية , فرحاً بتحرير المدينة . "

استقبله غسان ( القائد الجديد للجيش . ) , قائلاً بشفقة : " أهلاً بك بني . تعازي الحارة بموت والديك . و لكن ما الذي جاء بك إلى هذه المنطقة الخطرة ؟ . "

عادل بجدية : " جئت أقاتل . " كان غسان يريد الضحك , لولا ملامح عادل الجدية . غسان : " لا تستطيع . سوف تعرقل طريقنا . " عادل : " صدقني , شجاعة قلبي أكبر من عمري ! . "

غسان بعدما تنهد بقلة حيلة : " حسناً . و لكنني لست مسئول عنك . وهناك احتمال كبير جداً بموتك . " عادل بابتسامة شجاعة : " الموت شجاعاً محارباً عن بلدي , أفضل بملايين المرات من الموت جباناً مختبئاً تاركاً المجال للعدو حتى يغزونا . "

ربت غسان على كتفه , ثم طلب من أحد الجنود أخذه إلى غرفته الجديدة . قَبَّل عادل صورة والديه , وقال : " غداً ستبدأ التدريبات , تمنوا لي التوفيق . "......

نهاية البداية .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن