الجزء 4

557 28 48
                                    

فرأى نظافته وترتيبه،ورآه على حالة غير الحالة التي تركه عليها، فأدرك أن أمه في الدار.

قالت الأم وهي تسرد قصتها للقاضي: كنت أنا وابنتي وحفيدتي نائمات في غرفة واحدة، فتسلل هذا الوحش المفترس إلى غرفة نومنا، وهجم على الطفلة الصغيرة يريد فعل الفاحشة بها.

ولم أستيقظ إلا على صراخ ابنتي فاستيقظت فزعة من نومي فرأيت ابني قد هجم على حفيدتي النائمة ليغتصبها، وابنتي تحاول تخليصها من بين يديه وهي تصيح وتستغيث وتتوسل إليه ان يترك الطفلة الصغيرة ولا يتعرض لها بسوء.

في تلك اللحظات فقدت عقلي و قلبي، ألا يكفي هذا الولد العاق ما سببه لنا من الألم والمصائب والحزن؟
ألا يكفيه أنه قد شوه سمعتنا عند القاصي والداني؟
وبدد أموالنا وباع أثاثنا، ثم هو يريد الآن أن ينتهك عرض هذه الطفلة الصغيرة؟!.

أسرعت إلى المطبخ، وأحضرت سكينا، وأتيته من خلفه وهو يتعارك مع أخته التي طالما لاعبها وضاحكها وداعبها وهما صغار وهي تحاول تخليص ابنتها من بين يديه.

غرزت السكين في ظهره، فخرجت من جسده نافورة من الدماء وسقط على الأرض أحسست (بهستيريا شديدة).

لدرجة أنني لا أعرف كم مرة طعنته حتى الموت، وأحسست أن العار قد مات والفشل قد مات، والإدمان قد مات، وبعد دقائق عاد إلي وعيي ورشدي، وأفقت من حالتي الهستيرية..فإذا أنا قد قتلت ابني، الذي طالما سهرت الليل لينام، والذي وطالما أخرجت الطعام من فمي ووضعته في فمه، فكم من ليلة تعريت فيها ليكتسي هو، وكم ليلة سهرت فيها لينام هو، وكم ليلة تألمت فيها ليرتاح هو، أهكذا تكون النهاية؟!أهكذا تكون الخاتمة؟!

جلست بجوار الجثة أبكي على ما كان من ابني يوما ما..أبكي على من أرضعته من ثديي أبكي على من كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وفخذي له فراشا ووطاء.

سيدي القاضي:صدقني إذا قلت لك:أنا القاتلة وأنا القتيلة.
صدقني:أنا المذبوحة..وأنا الذابحة.
صدقني:أنا المسكينة..وأنا السكينة.

ثم انخرطت في بكاء مرير، يفتت الجبال الرواسي، ولما هدأت العجوز، وتوقفت عن البكاء والنحيب، قال لها القاضي:أكملي حديثك..وماذا حصل بعد ذلك؟!

قالت الأم العجوز بصوت متهدج يملأه الأسى والحزن:جلست أنا وابنتي نفكر في أمر الجثة والفضيحة والحكومة.

وكانت حفيدتي طوال الوقت نائمة، وترتعد من الخوف، بل هي لم تكن نائمة بالمعنى الحقيقي للنوم، ولكنها أغمضت عينيها، من هول المشهد وبشاعة المنظر، فلم يكن يسيرا عليها أن ترى خالها يسبح في بركة الدم، وجاءت لابنتي فكرة، نحن نسكن في الدور الأرضي من البيت، ويمكن إخفاء الجثة داخل المنزل، ثم نشيع عند الناس بأن الإبن قد هاجر، أو ترك البيت، ثم أرحل عن بيتي وأسكن مع ابنتي في بيتها دون أن يعلم أحد بموضوع الجثة والجريمة.

وفعلا رفعنا البلاط من الأرض، وحفرنا قبرا، وألقينا فيه الجثة، وأعدنا كل شيء إلى ماكان عليه.

ولكن بعد فترة قصيرة من تلك الجريمة جاءت الشرطة، ووجدت الجثة، فالطفلة روت ماشاهدته للناس، والناس ابلغوا الشرطة.

هذه هي القصة وانتهى محضر التحقيق مع الأم العجوز.

صاح حاجب المحكمة وسط القاعة قائلا:محكمة!!

ودخل رئيس المحكمة ثم تبعه بقية القضاة..وبدأ القاضي في النطق بالحكم، وساد الصمت الرهيب في القاعة، وبدأ يتلو حيثيات الحكم..ثم قال: ولهذه الأسباب حكمت المحكمة ببراءة المتهمة وابنتها!!رفعت الجلسة!

وهذه كانت نهاية هذه المأساة المريرة، والفاجعة الأليمة وهكذا كانت (المخدرات) سببا في ضياع هذه الأسرة الكريمة، وتشتت شملها، وضياع أموالها، بل وقتل الأم الحنون لولدها الوحيد، فهل من معتبر يا                أولي الأبصار؟!...

_____________________________________
أشكركم على حسن القراءة...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 08, 2017 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أم تقتل ابنها...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن