8 " إنجلت المشاعر "

Start from the beginning
                                    

كتم أنفاسه بعد انفتاح المكالمة ، أجابت بصوتها
الهادئ الذي يغلب عليه الجمود و الرسمية ، غلَّفهُ
التوتّر الشديد و ما عاد قادراً على تنظيم تنفُّسه

أجابت مرةً ثانية ببعض التعجُّب.
- من المتكلِّم ؟!

أخذ نَفَساً عميقاً و تحدَّث ببعض الخجل ،
و الحرارة تعصف بوجنتيه

- مرحباً ، ريتا.

صمتت بدورها لِتُجِيب بخفوت : أهلاً.

- أعتذر عن إزعاجِك.
- لم أكُن مشغولة.

" ما هذه المهاتفة الباردة ، قل شيئاً جديراً "

- كيف حالكِ ؟
- بخير ، أشكرك.

فتح نافذته بسرعة لِيَعْبر الهواء الغرفة

- هل أنت بخير ؟
سألته بعدما سمعت صوت الرياح تتلاطم بالستائر

- أجل ، كُنتُ سأسألكِ..سؤالاً..هل بإمكاني ؟
- بالتأكيد ، إسأل.

- هل أصبحنا فعلاً صديقين ؟ .. أعني أنكِ تعتبريني صديقاً حقيقياً ؟

- يمكنك قول ذلك ، نعم.

ساد الصمت بينهما سوى من الرياح التي تعبر من النافذة لديه ، أقبل على سؤال شيءٍ آخر لكنه تراجع في النهاية

- أتريد شيئاً ؟!

" تمنَّت أن يقول نعم لِتُطِيل المكالمة ، برأيها هذه فرصة لا تُعَوَّض في سماع صوته "

- إن كُنتِ متفرِّغة..بإمكاننا الخروج معاً ؟

دُهِشَت من طلبه المفاجئ ، زفَر بقوة كأنه أخرج
كلَّ ما كتمه بداخله

- أَعِد ما قلته !
- هل بإمكاننا الخروج غداً ؟

أبعدت سماعة الهاتف و تلفَّتت حولها.
" أنا لم أُجَن بالتأكيد ! "

- هل شُفِيتَ تماماً لتخرج من المنزل ؟
- أجل ، عدا وجهي الذي تشوَّه ، فأنا بخير.
- لا تقل ذلك ، ستتحسَّن مع الدواء.

" أخبرتكم من قبل أنها لطيفة ، يا لروعتها ! "

- إذاً .. ما جوابكِ ؟ .. هل توافقين ؟

- حسناً، سأكون مسرورةً بذلك.
لفظت كلماتها بخجل.

تهلَّل وجهه حبوراً ، أنهى المكالمة و بدأ الإستعداد لِلِّقاء من هذه اللحظة ، إحتضنت هاتفها بكفَّيْها و الإبتسامةُ الكبيرة تُزَيِّن وجهها.

- لا أصدِّقُ أنه طلب مني الخروج معه ، يا إلـهي أنا سعيدة بقدر صدمتي !

" أيها اللطيف ، مهما كُنتَ ستظلُّ جميلاً ، و جرحك يزيدك بهاءً ".

¡¡¡¡¡¡¡¡¡

[[
"
أخبرتُ أمي و أخي بأمر خروجي ، وقد شجَّعاني
بذلك ، كان جوابهما غريباً علَيْ ! ، تساءلتُ في نفسي
" ألا يخافان عليَّ في طريق ذهابي !؟ "

ربما لأنهما يعلمان بمقدار شجاعتي لأحمي نفسي ،
كما أنهما يثقان بـ وَعْيِي و نوع الأشخاص الذين أخرج معهم عادةً ، و لكنني مرتاحةً لعدم تضييقهم عليَّ بكثرةِ الأسئلة.

مرَرْتُ بمتجرٍ صغير ، شدَّتني مناظر الحلوى المصوَّرة على الزجاج ، دخلتُ واشتريتُ منها ثم خرجتُ
و أكملتُ وِجْهَتي نحو المكان الذي اتفقنا عليه.

كُنتُ أشعر بالرضا عن كلِّ ما أفعله ، عن صداقتي لنيار
و لقائي به ، أشعر و كأنَّ السعادة تُقَرِّبُ خطواتها من قلبي ، بدأتُ أفكِّرُ باعترافي له بِـ كم هو شخصٌ مهمٌّ في حياتي ، في وقتٍ قصيرٍ فقط أصبح لوجوده معنى.

ماذا يمكننا أن نفعل في هذا اللقاء ! .. في ماذا سنتحدَّث !

لابد ألّا يكون بين الأصدقاء أسرارُ خفية ، كيف سأحدِّثهُ عن حياتي .. و الماضي !! .. لديَّ ذكرياتُ سيئة
و طفولة مُرَّة ، لا أقدِرُ على اﻹفصاح عنها ، حتى له ، سيتفهَّم موقفي بكل تأكيد ، فهو لم يصادقني عبثاً
أو لذلك ، بل شأنه أكبر.
"
]]

وصلت إلى المكان المنشود ، شاهدت العديد من التجمُّعات ، الناس هنا معاً لقضاء العطلةِ الأسبوعية بالمُتَنزَّه و المرح يستوطن تصرُّفاتهم

بحثت عنه عند المقاعد لكنها لم تجده ، إتصلت به
فوصف لها مكانه ، ذهبت إليه لتراهُ يلاعبُ طفلاً
صغيراً ، منظرهُ أشعل رغبةً في نفسها لمراقبته
عن بُعْد.

إلتفت عندما شعر بوجودها ، إبتسم بعفوية و حُمْرَةُ خجلٍ تعتلي وجنتيه ، تبسَّمت هي كذلك و تقدَّمت ناحيته.

" ستبقى قصةُ ماضيِّ مخفية عن الجميع ، حتى نيار "

قلبي لا يحنُّ لماضٍ ،
أنا أتطلَّع للمستقبل ،
ولا أبقى مع الذكريات.




"' تــمَّــت '"




'ــــالــــنـــهـــــايـــةــــ'







عاصفة من المشاعر الثلجيةWhere stories live. Discover now