أحد جانِبَيْ وجهه مُغَطَّى بضمادة بيضاء كبيرة ، من طرف جبينه إلى منتصف خدِّه ، معصمهُ الأيسر مُغَطَّى بضمادة ، و قدمه اليسرى كذلك.
    
    
- مـ ما.. ما هذا !؟

- ريتا ؟ كيف أتيتِ ؟! لماذا ؟ ما الأمر ؟

دمعت عيناها من مظهره الذي يُرثَى له

- أتيتُ لأطمئنَّ عليك ، علمتُ بشأن الحادث المروري ،
و عرفتُ أنك تأذَّيت كثيراً ، لم أستطع اﻹنتظار فتغيُّبك أخافني عليك

- حقاً ؟ . سألها بصدمة.

ريتا : أجل ، أتعلم ؟ ..  بقيتُ خلال هذه الأيام أنتظرك طول الصباح ، ظننتُ أنك ستتأخَّر فقط ، كان الجميع يعلم بما حدث عداي أنا ، حتى أنهم لم يفكِّروا في التحدث عنك رغم أنك دوماً تكون حديث الفتيات ، عرفتُ أنك لستَ بخير و لأنني لم أحتمل اﻹنتظار قررتُ أن أزورك اﻵن لِأُزِيح الرعب الذي احتلَّ قلبي ، كم أشكرك يا إلـهي لأنك حفظته ولم يُصَب بمكروه.
    
     
فتحت عينيها لتراهُ يقف مبهوتاً يحدِّق بها ، خَجِلَت من نفسها واستوعبت حديثها.

- المعذرة ، لم أنتبه لنفسي و أنا أثرثر بكثرة
- لا ، لا عليكِ ، أنا سعيدٌ لمجيئِك
     
     
" يا إلـهي كم هو لطيف ، لا أدري كيف يُتْقِنُ رسم ابتسامةٍ جذابة "

أشارت بأُنْمُلَتِها نحو خدِّه و أطراف جسده المضمَّدة

- كيف حصل بك هذا ؟

- في الحقيقة .. كُنتُ قد ذهبتُ لشراءِ حاجيَّات المنزل ، و عندما خرجتُ من أحد المتاجر ، عبرتُ الطريق و في تلك اللحظة ظهرت شاحنة من العدم واصطدمت بي ، و ألقت بي على منتصف الطريق ، وكما تَرَيْن فقط أطرافي اليساريَّة قد تأذَّت.
     
    
- أرى ذلك . كانت تنظر بألم مما حدث

" مهلاً ! ، أشعر أن هناك خطأً ما بي ! "

نظرت إلى نفسها ، للتو لاحظت أنها جاءت بزيّ المدرسة

وأيضاً نَسِيَت شيئاً مهمّاً كان عليها فعله قبل المجيء إلى هنا
    
    
- عذراً منك ، أتيتُ هكذا بسرعة خالية اليدين.
- لا بأس ، زيارتكِ وحدها تكفي.

تلفَّتت في أرجاء المنزل الذي كان يعمُّهُ الهدوء الغريب

- أين أفرادُ أسرتك ؟ .. لم أرى أحداً منهم.

- إخوتي جميعهم في المدرسة ، و أمي خرجت في زيارة لأحد الجيران ، لا يوجد سواي أنا و أبي.
    
   
عدَّل وضعيَّة وعاء الرَّي و هِيَ تحدِّق به و تراقب تصرُّفاته

" يا للمسكين ، تشوَّه وجهه ، لكنه يبقى وسيماً في عينَيْ

أومأت برأسها مؤكِّدة على أفكارها.
عاد يسقي الورد ثانيةً و بالهُ مشغولٌ في أمرٍ ما

عاصفة من المشاعر الثلجيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن