الفصل الثاني

3K 316 62
                                    

"حسناً"
قالها لي ثم اتجه نحو المائدة ليبدأ بتناول الطعام.
أما أنا،فقد كنت جالسة على تلك الأريكة أطالع كتاباً ما،بين يديّ .
بالطبع هو لم ينادِني لتناول الغداء معه ،فهو لايهتم لي ،إن أكلت أم لا .

تذكرت ذلك اليوم حينها،لقد حُفِر في ذاكرتي ولن أنساه أبدا.

ً

الحادي عشر من يونيو في السنة التاسعة بعد الألفين،كانت شوارع نيويورك حينها شبه خالية ،مبللة والازدحام قلّ عما كان عليه بل إنه يتلاشى في الأوقات التي يكون فيها البرد شديداًً حيث أن صبّارة القُرّ ،تلف المدينة بردائها
كانت الطبيعة خارجاً في ثورة وهياج.

لمع البرق وزمجرت السماء ،لقد كان صوت الرعد يقصف في الجو كطلقة مدفع قوي.
ثم أخذ المطر يهمي ويتساقط

ارتعشت وجرت قشعريرة في جسدي فأنا أخاف أصوات الشتاء،أغلقت ستائر النافذة وعدت لأختبئ داخل ملابسي الصوفية ،جلست على الأريكة وكورت نفسي تحت الغطاء،بكيت بصمت،لا يوجد أحد في المنزل.
ف(ميّار)ذهب للعيادة ،وأنا هنا !

بقيت على هذه الوضعية أكثر من نصف ساعة إلا أن غصت في نوم عميق.

استيقظت على صوت مباريات عالي جداً
قمت من مكاني لأرى ماذا يجري
إنه ميار يشاهد التلفاز ويأكل الفشار

"متى عدت للمنزل"
تحدثت اليه بدون أن استدير له بوجه خالي من التعابير

"منذ ساعة، ولكن لما؟"
قال وهو يقلب القنوات على الشاشة

"لا لاشيء ولكنني ..كنت.خائفة"
"من ماذا"
قالها وهو يمسك علبة الفشار ليكمل تناولها

"من صوت الرعد "

"نسيم ،انضجي قليلا انتي في الحادية والعشرين ؛ربما الطفل الصغير لايخاف من ذلك"
قال تلك الكلمات مبتسماً ابتسامة صفراء

صمت قليلاً لأستوعب، وأخذت تلك الكلمات تتردّد على مسامعي واحدة ًتلوَ الأخرى.
لم أكن أتوقع ان تكون ردة فعله كذلك،كنت أتخيل بأنه سيقوم باحتضاتي ويقول لي "لاعليكِ حبيبتي" او ربما"لاتخافي لن اتركك مجدداً لوحدك"

ولكن لا ماذا سأنتظر من رجل بارد خالي من المشاعر!!

بينما كنت أسرح في أحلامي بعيداً وأحاول أن اعيش في الخيال لا في الواقع ؛شعرت بالغثيان
وضعت يدي على فمي ورحت أهرول الى الحمام

انتبه لي فركض مسرعاً باتجاهي بينما كنت أخرج واضعةً يدي على رأسي

"مابكِ "
قالها بسرعة

"فقط أشعر بالدوار"
رفعت رأسي لأقابله وأتفاجأ بأنه كان يبتسم
اقترب مني وعانقني
"اووه عزيزتي سآخذك الى الطبيب حالاً"

ارتسمت ملامح الصدمة على وجهي؛هل هذا هو ميّار ،لقد قال منذ قليل عزيزتي وهو الآن يعانقني .لابد أنني أحلم او ربما كنت أفكر بصوت عالي!

"لا..لا فقط دوار بعد قليل سيذهب"
أجبته وانا ابتعد عنه
"لا سنذهب الى الطبيب والآن"
سيطرت الجدية على عباراته هذه وقالها مصرّاً

"انظر في الخارج الجو ليس مناسب للذهاب الآن .ثم إن الساعة الحادية عشر مساءً اتركها لغد."
اجبت مبررة له
"سأنتظرك في السيارة بينما تبدلين ملابسك عزيزتي،لاتتأخري"
قالها واتجه نحو الباب
"لكن."

"لاتتأخري وحسب"

لم هو مصر هكذا على ذهابي للطبيب ،على كل سأنفذ ماطلب.
بدلت ملابسي بسرعة وخرجت اليه
اغلقت باب المنزل وقمت بإقفاله،هبت الريح وهي تدوي كانت ترمي الوجوه بوخز كالإبر ،وضعت يداي في جيوبي وركضت نحو السيارة .

"لماذا تريد الذهاب للطبيب مجرد دوار لا أكثر"
قلتها مرة ثانية مؤكدة له

"لا أعلم"
قال وهو يقود وينظرللأمام

"حسناً"
اجبت باستغراب

عند وصولنا ترجل من السيارة وفتح لي الباب لأنزل
دخلنا العيادة ،لتستقبلنا سكرتيرة الطبيب

"اهلا ،اجلسوا من فضلكم هنا"
قالت مشيرة لنا لمقاعد الانتظار

"أين الطبيب جونسن"
قاطعا ميّار ..وعلى وجهه ملامح الحماسة والفرح

"في الداخل ،فقد انتظر لأخبره"

"قولي له الطبيب ميّار يريدك"
اجابها
"حسنا"
"أخبريه بأن يتفضل بالدخول "
سمعت ذلك الصوت الذي خرج من سماعة صغيرة موضوعة امامها

أمسك يدي واتجه نحو الغرفة .

.
.
.
.
.
.
.
.
صبارة القر:اي البرد الشديد
زمجرت:رعدت
يهمي:يتساقط-يهطل


ً

نِــســـيَــانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن