( 4 )

344 18 25
                                    

كان أمر القيادة وأنا في مثل هذه الحالة أشبه بإلقائي إلى التهلكة ، ومع ذلك فقد رحت أركض وأسرع بالسيارة كما كان خالي يفعل ، وكنت بين الفينة والأخرى أختلس النظر إلى أروى وإلى خالي الذي كان مذهولاً متوتراً عبر المرآة ، ومن جديد راح خالي يصرخ : إنتبه إنتبه ستقتلنا أيها الأحمق.

إنزلقت السيارة على حافة الطريق بالقرب من النهر، ولم أستطع السيطرة على عجلة القيادة ، وكنا جميعاً قاب قوسين أو أدنى من السقوط والموت والهلاك أو على الأقل الوصول لمستقبل مجهول غامض ، حاولت بكل طاقتي الضغط على المكبح لتوقيف السيارة وتغيير الإتجاه بخفة، ولكن السيارة لم تتوقف وقفزت قفزة إلى الأعلى وتهوي ، ثم راحت تتأرجح على الطريق وتدور في وسط الطريق دورات كاملة ، وتتأرجح معها قلوبنا وأرواحنا وتدور أيضاً دورات غير كاملة ، سألتني نفسي أو سألتها " ما هذا الذي يحدث لى ، ويحدث لهذه المسكينة ، وهل يكفي ضجر خالي فاعل الخير بل ولعناته التي لم تتوقف لكي يشفى صدره مما حدث له بسببي من ليلة أمس حتى هذه اللحظة ، آإلى هذا الحدن أن أحمق مرعون ".

كانت تصحبنا دعوات أمي التي لاشك أنها تعيش هذه اللحظات في إنتظارعلى أمل إكتمال سعادتي التي هي كل سعادتها ، والتي صارت يقيناً أشبه بالمستحيل بعد هذه المصيبة التي حلت عليَ وعلى الجميع ، فكانت تلك الدعوات من قلبها الطيب أقوى من كل شيء ، توقفت السيارة قبل أن يتوقف نبض قلبي الذي راح يقرع فوق أوردتي وشرايني بكل قوته محدثاً رعشات بل صخب في كل أرجاء جسدي المتهاوي ، وكأنه خروج للروح بعد عقوبة ربانية لجريمة لا إنسانية إقترفتها يداي الغاشمة ، ولكن حفظنا الله يقيناً من نهاية دامية لا أعرف إن كانت هي الأكثر ألأكثر أم الأقل قسوة وألماً من النهاية التي تنتظرني هذا اليوم .

ارتطمت رأسي بعجلة القيادة وأصبت بجرح دامي في الجبهة ، وأصبت أيضاً بكدمات وردود وردود في مناطق متفرقة من جسدي ، ولكنني لم أفقد الوعي ، رغم أن كل شيء يقول أنني بلا وعي وبلا عقل أو يقين منذ أن طالعت وجه أروى هذا الصباح ، واستفز فيّ وحش تربى في الغابات ، بل منذ أن تهورت ولطمتها تلك اللطمة القاسية التي أفقدتها الوعي ، تحاملت على جسدي الذي خار إثر الإرتطام ، ونزلت أتفحص خالي وأروى التي على ما يبدو أنها مازلت فاقدة للوعي أيضاً في الكرسي الخلفي ، وقد إنزلقت إلى أرضية السيارة إلى جوار خالي الذي يبدو أنه قد أصيب أيضاً دون أن يفقد الوعي ، نظر إليّ خالي نظرة لائمة ، وكأنه يقول إليَ " لم أجرم في حقك يا ابن أختت ، فلماذا جنيت عليّ وآذيتني " .

وما هي إلا لحظات حتى أحاطت بنا سيارة كانت تتبعنا منذ أن إنطلقنا ، يقودها ذلك الشاب الذي كاد يفتك بي بعد اللطمة التي وجهتها لهذا الوجه الرقيق لذلك الملاك المنغمس في غيبوته ، وبعدها بقليل كانت سيارات الإسعاف تحمل ثلاتنا ( أنا وخالي وأوى ) وتنطلق بنا نحو المستشفى ..

وفي المستشفى هرول الأطباء نحونا حملوا أروى على كرسي متحرك وإنطلقوا بها لإجراء الإسعافات اللازمة .

نظر إليّ أحدهم وهو يحاول توقيف الدماء التي تسيل من الجرح القطعي الذي أصاب جبهتي وقال : ماذا جرى ..؟؟

قلت له : إنزلقت السيارة وكادت تنقلب إثر مشكلة على الطريق ، دعك مني وطمني على أروى ؟؟ إنها الشابة المغشى عليها والتي أجلسوها فوق الكرسي المتحرك وانطلقوا بها إلى الداخل ..

قال لي الرجل اطمئن يا رجل فمعها فريق من الأطباء الأكفاء وحمداً لله على سلامتك ، ولكن دعني أتطلع للأمر وأخبرك عنها بعد قليل .

دلف للداخل وبعد قليل عاد يخبرني أنها بحالة مستقرة وأنها لديها ارتجاج طفيف في المخ ، وبعض الردود بمناطق مختلفة من جسدها جراء الحادث وقد أجريت لها الإسعافات الأولية وستصير بحالة مستقرة تماماً .

تنفست الصعداء وحمدت الله كثيراً ، وإنطلقت أبحث عن خالي الذي كان برفقتنا ولم أنتبه لوجوده منذ أن وصلنا للمستشفى كي أبشره بالخبر المفرح .

ذهبت لغرفة الطواريء فوجدت خالي ممدد على سرير طبي ويقوم أحد الأطباء بلف شريط طبي فوق مرفقه الذي يبدو أنه قد أصيب إصابة بالغة ، أخبرته بأن حالة أروى الآن مستقرة وأنها تعاني من إرتجاج طفيف في المخ ، وأنها ستستريح في المستشفي لمدة يومين ، نظر إليَ غاضباً ، ويبدو أن ما كان يعانيه من آلم شديد حال بينه وبين أن يسكب باقي ما في جوفه من حنق ضدي ، ووقتها كانت السيدة رقية والسيد رضوان والدي أروى يهرولان تجاهنا إلى داخل المستشفي فزعين يبحثان عن أروى ، فاستقبلتهما وحاولت طمأنتهما .

قلت لهما : حادث بسيط والحمد لله الذي نجانا .

قالت السيدة سعاد : ابنتي أين ابنتي ..؟؟

قلت لها : أنها في الداخل تعاني من إرتجاج طفيف في المخ جراء الحادث ، وأنها ستسريح يومين في المستشفى كما قال الأطباء وهي بحالة مستقرة فاطمئني ..

كانت المرأة فزعة وثائرة ' وانطلقت وزوجها قبل أن أكمل كلامي نحو الطابق العلوي ليطمئنا على ابنتهما ، وفي هذا الوقت حدث ما لم يكن بالحسبان ، فكان الشاب الذي تتبعنا بسيارته ورجلي شرطة يدخلون ويتجهون ناحيتنا أنا وخالي الذي راح يغط في نوم جراء حقنة مهدئة راحت تسري في أوردته .

كانت المرأة فزعة وثائرة ' وانطلقت وزوجها قبل أن أكمل كلامي نحو الطابق العلوي ليطمئنا على ابنتهما ، وفي هذا الوقت حدث ما لم يكن بالحسبان ، فكان الشاب الذي تتبعنا بسيارته ورجلي شرطة يدخلون ويتجهون ناحيتنا أنا وخالي الذي راح يغط في نوم جراء حقنة مهدئ...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
وجه أروى (Wattys2016)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن