نهضت الليدي كاثرين معها, وعادتا إلى المنزل. "إذن أنت مصممة على أن تستولي عليه؟".

"لم أقل شيئا من هذا القبيل. إني مصممة فقط على القيام بما يحقق سعادتي".

"حسن جدا! أعرف الآن كيف سأتصرف. لا تتصوري, يا آنسة بنيت, أنك ستحققين في يوم ما طموحك. لا تشكي في ذلك! فأنا من سيفوز في هذا النزاع!"

تكلمت الليدي كاثرين على هذا النحو حتى وصلتا إلى عربتها. ثم التفتت وأضافت: "لن أقول لك وداعا يا آنسة بنيت. لن أبعث برسائل إلى والدتك. أنت لا تستحقين مثل هذه الكياسة. إني في غاية الاستياء".

لم تعط إليزابيث أي جواب, وعادت بهدوء إلى المنزل. قابلتها والدتها بأسئلة متلهفة عن زائرتهم. فاضطرت إليزابيث إلى إخفاء الحقيقة, فقد كان من المحال شرح موضوع الحديث.

...................................


الفصل الحادي والأربعون

كلمات دافئة

أقلقت هذه الزيارة غير العادية إليزابيث لوقت طويل. فهي لم تستطع أن تتكهن من أين انطلقت الإشاعة حول خطبتها. لكنها, عندما تذكرت أن زفافا واحدا يجعل الناس تتلهف على آخر, قررت أنها لا بد انطلقت من آل لوكاس إلى أل كولينز ومن ثم إلى الليدي كاثرين نفسها.

كانت غي مرتاحة لنتائج تدخل الليدي كاثرين. بدا من المحتمل أنها ستتحدث إلى ابن أختها بعد أن فشلت معها. فإذا كان مترددا بشأن ما سيفعله, وهذا ما بدا محتملا, فإن نصيحة خالته ستوطد كل شك. وفي هذه الحالة لن يعود أبدا. ولربما رأته الليدي كاثرين في طريقها عبر لندن, وإذ ذاك تتغير خطته بالعودة إلى نذرفيلد.

قالت لنفسها: "إذا قرر ألا يأتي, سأفهم الأمر تماما. وعندئذ سأتخلى عن كل أمل بحبه, وسأكف عن الالتياع له".

ولكن بدلا من أن يتلقى السيد بنغلي مثل هذا الاعتذار إذا به يصطحب دارسي إلى لونغبورن بعد بضعة أيام فقط من زيارة الليدي كاثرين. وصل السيدان باكرا, واقترح بنغلي, الذي أراد الانفراد بجاين, أن يخرجوا جميعا للنزهة. فتمت الموافقة على ذلك. سار بنغلي وجاين في المقدمة, بينما سار دارسي وكيتي وإليزابيث معا. ولم يقل أي منهم كلاما كثيرا. ثم تركتهم كيتي أخيرا لتقوم بزيارة آل لوكاس, فيما تابعت إليزابيث السير معه بشجاعة. وبينما كانت الشجاعة تلازمها, قالت في الحال:

"إني إنسانة أنانية جدا يا سيد دارسي. لذلك من أجل مشاعري الخاصة, وعلى الرغم من أنني قد أحرجك, ينبغي أن أشكرك على معروفك الكبير تجاه شقيقتي. لطالما كنت متلهفة على التحدث إليك عما أشعر به من امتنان".

فأجاب دارسي بصوت يعبر عن دهشة: "آسف, آسف جدا لأنك علمت بذلك. لقد ظننت أن السيدة غاردنر يمكن أن تكون أهل للثقة".

"لا يجب أن تلوم زوجة خالي. إن ليديا هي التي أخبرتني بذلك من دون قصد. دعني أشكرك ثانية باسم عائلتي للعاطفة النبيلة التي جعلتك تتجشم المشقة وتتحمل الكثير من الإحراج من أجلنا".

فأجاب قائلا: "إن كان ينبغي أن تشكريني, فافعلي ذلك لوحدك. لا أنكر أن الرغبة في منحك السعادة كانت أحد أسبابي. أما أفراد عائلتك فليسوا مدينين إلي بشيء. إني أحترمهم, لكنني لم أفكر إلا فيك".
كانت إليزابيث محرجة بحيث لم تنطق بكلمة. وبعد صمت قصير أضاف رفيقها: "أنت سمحة النفس بحيث لا تستخفين بي. أخبريني في الحال إن كانت مشاعرك ما زالت على حالها كما في نيسان (أبريل) الماضي. إن عواطفي وأمنياتي لم تتغير, لكن كلمة واحدة منك سوف تلزمني الصمت بشأن هذا الموضوع إلى الأبد".

وجدت إليزابيث نفسها مجبرة على الحديث, وعلى الفور, مع بعض الارتباك, أظهرت له أن مشاعرها قد تغيرت كثيرا, بحيث أنها تستطيع أن تتلقى حبه بامتنان وفرح. وقد سمع جوابها بسعادة أكبر من أي سعادة شعر بها في حياته. ولم استطاعت إليزابيث أن تنظر إلى عينيه لرأت تعبيرا عن السرور الشديد, ولكن على الرغم من أنها لم تقو على النظر, تمكنت من الاستماع إليه, فعبر عن نفسه بكلمات دافئة مثلما يفعل أي رجل يعصف به الحب العنيف.
كان هنالك الكثير مما يشغل الفكر والشعور والحديث حتى أنهما لم يفكرا إلى أين هما يسيران. وسرعان ما أدركت إليزابيث أنهما مدينان باتفاقهما الحالي إلى خالته. فقد توقفت في لندن لتخبر دارسي عن زيارتها إلى لونغبورن. فرواية الليدي كاثرين عن أن إليزابيث رفضت أن تعد بأنها لن تصبح مخطوبة أعطى دارسي سببا للأمل. فقال لها: "أدركت لو أنك مصممة على رفضي بصورة قاطعة لكنت قلت ذلك بصراحة إلى الليدي كاثرين".

احمرت وجنتا إليزابيث وضحكت وهي تقول: "أجل, أنت تعرف ما فيه الكفاية عن صراحتي! فبعد أن كنت فظة جدا في وجهك, لم أكن لأتردد في أن أكون فظة فيما يختص بك مع أقربائك".

"أنا أستحق كل ما قلته لي. فتصرفي معك لا يمكن الصفح عنه. لن أنسى أبدا كيف قلت أن لا شيء يستطيع إقناعك بقبولي".

"أوه, لا تكرر ما قلته آنذاك. لطالما أحسست بالخجل منه".

"لا, لقد كنت أنانيا لفترة طويلة. وبما أنني كنت الولد الوحيد, فقد دللني والدي. كانا طيبين, وخاصة والدي, لكنهما سمحا لي وحتى شجعاني على أن أكون أنانيا ومتكبرا. تمنيا أن أفكر على نحو رديء في كل شخص خارج عائلتي. وهكذا كان يمكن أن أبقى لو لم ألتق بك يا أعز وأجمل إليزابيث! يا لكثرة ما أدين به إليك! لقد علمتني درسا قاسيا, لكنه ضروري. لقد علمتني كيف أن كل كبريائي لا يستطيع أن يرضي إمرأة تستحق كل إرضاء".

تابعا التجول حتى اكتشفا أخيرا أن الوقت حان للعودة إلى المنزل. تساءلا: "ماذا يمكن أن يحل بـ جاين و بنغلي؟" وقد أدى ذلك إلى مناقشة شؤون صديقيهما. كان دارسي فرحا بخطبتهما. وهو نفسه أخبر بنغلي أنه أخطأ التفكير في أن جاين لا تكترث له. وقد منع التواضع بنغلي من الاعتماد على حكمته. لكن اعتماده على صديقه جعل كل شيء سهلا.

تابع الحديث حتى وصلا إلى المنزل. . ثم افترقا في القاعة.

رواية كبرياء وتحامل العالميةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن