٦/ فاتنه لكنها مخادعه

Bắt đầu từ đầu
                                    

يا إلهى ! إنها فائقة الجمال !
هذا ما خطر لـ فيرغوس حين دخل مطعم الشيف سيمون بعد نصف ساعة ورأى كلويه تجلس إلى إحدى الطاولات بانتظاره
بدت كلويه غافلة عن نظرته المنتقدة إذ كانت تنظر متأملة من النافذة . وكان وأضحاً أنها تنتظر وصوله فقد أسندت ذقنها بيدها فيما بدت عيناها زائغتين وشفتاها ملتويتين من دون ابتسام.
يبدو أنها تتوقع أن يفى فيرغوس بوعده ويأتى إلى الموعد ,يا للغرابة !إن رؤيتها تجلس بانتظاره لم تجعله يشعر بالرضى كما كان يتوقع بل شعر بكتلة باردة من الغضب تتجمع لتستقر فى صدره من دون أن تترك مكاناً لأى شعور آخر.
حتى رؤيتها وقد أشرقت أساريرها بسرور بالغ ما إن استدارت ولمحته تقترب من الطاولة , لم تتمكن من التخفيف من مقدار غضبه منها.
حياها باقتضاب:"كلويه"
وعانقها قبل أن يجلس فردت وهى تسبل أجفانها فوق عينيها الزرقاوين الحائرتين :"فيرغوس"
راقبته بحذر وهو يجلس بتوتر إلى الطاولة شاعرة أن عناقة لم يكن تلقائياً على الإطلاق.
علق على حركتها بسخرية :"ما الأمر كلويه؟هل شعرت بالتوتر لأننى عانقتك ؟ظننت أننا حبيبان ,ألسنا كذلك؟"
بدا الأرتباك على كلويه امام عدائيته الواضحة .الأرتباك!لكن ذلك لا يعد شيئاً أمام الأنفعالات القوية التى تغلى فى داخله . لم يعد يشعر برغبة فى شنقها .بل سيشعر بالرضى أكثر لو وضعها فوق ركبتيه وقام بجلدها!
أدركت كلويه بقلق أن ثمة خطب ما . لقد تأخر فيرغوس عن موعدهما خمس عشرة دقيقة . وبعد أن حضر بدا عديم الرحمة بارداً وكانه غريب تماماً عنها .
لقد أرتدى ثياباً سوداء من قمة رأسه حتى أخمص قدميه وبدت تعابيره صلبة متوترة.
كيف يمكنها أن تتحدث معه عن والدها وهو فى مزاج سئ كهذا؟
لقد أختارت ملابسها بعناية اليوم فارتدت بذلة من الحرير لونها أزرق كلون عينيها تماماً . كما تركت شعرها الحريرى منسدلاً بحرية فوق كتفيها . لكنها أدركت الآن أنها لو ارتدت كيس من الخيش لما لاحظ فيرغوس الفرق
بعد لحظات طويلة من الصمت سألته:"ما المشكلة فيرغوس ؟"
بدت عينا فيرغوس داكنتين كقطعتى فحم وهو ينظر إليها عبر الطاولة :"مشكلة؟ ولِمَ تظنين أن ثمة مشكلة ما؟"
شعرت كلويه برجفة تتسلل على طول عمودها الفقرى . فـ فيرغوس لم يكن من قبل رجلاً يسهل التحدث إليه , لكنه اليوم بدا غريب الأطوار بارداً ومتباعداً إلى أقصى الحدود . ابتلعت ريقها بصعوبة وقامت بمحاول ثانية :"إنك تبدو...مختلفاً اليوم"
التوى فمه بتكلف :"مختلف من أى ناحية؟"
قطبت كلويه وقالت باستسلام:"لست واثقة"
هز فيرغوس رأسه منكراً:"ليس لدى فكرة عما تتحدثين كلويه . كما أننى لست واثقاً منك أنا أيضاً"
أضاف هذه العبارة المهينة قبل أن يلتقط لائحة الطعام ويقترح:"هل نطلب الطعام؟"
استمرت كلويه فى النظر إليه بتفحص ولم تعجبها تلك النظرة المتحدية التى ظهرت فى عينيه حين بادلها النظر . كانت تعلم قبل أن تأتى اليوم أن هذه فرصتها الأخيرة للتحدث إلى فيرغوس
فما أن يقابل بيتر أمبروس غداً حتى يعرف بالضبط من هى . لكن كيف يمكنها أن تفاتحه بموضوع والدها وهو فى هذا المزاج السئ؟
فجأة قال فيرغوس من بين أسنانة:"ما الذى تريدينه كلويه؟"
سؤاله المفاجئ قاطع أفكارها المضطربة وجعلها تشعر وكأنها مذنبة .
وأخيراً أجابت بارتباك :"أ....أنا لم أكن أريد شيئاً"
التوى فمه مرة أخرى ثم تشدق بسخرية :"كنت أشير إلى الطعام"
ثم رفع نظره ليشير إلى النادل فيما علا الاحمرار وجه كلويه:"أوه!"
وبسرعة راحت تنظر إلى لائحة الطعام لتقول بصوت مكتوم :"سأتناول الغسباتشو مع طبق السمك المحمر وبعض السلطة"
وأعادت لائحة الطعام إلى الطاولة مطلقة زفرة خفيفة .استدار فيرغوس نحوها ما أن أصبحا وحيدين مرة أخرى :"إذن...هل كنت تعملين طيلة فترة الصباح؟"
بالكاد فعلت , فقد كانت تشعر بالقلق من موعد الغداء هذا حتى إنها وجدت صعوبة فى التركيز على تصاميمها . كما أنها تشعر بأن فيرغوس لا يهتم مثقال ذرة بما كانت تفعله هذا الصباح...
ردت باستخفاف :"ليس تماماً"
رفع حاجبيه الداكنين :"وهل قمت بنشاط مميز خلال عطلة نهاية الأسبوع؟"
هزت كلويه كتفيها وقد باتت مقتنعة أكثر فأكثر بأن فيرغوس لا يهتم البتة مهما كان جوابها . فى الواقع ساورها شعور غريب بأن مشكلة ما سوف تحصل. وأن هناك سيفاً مسلطاً فوق رأسها .حسناً! هذه اللعبة يلزمها شخصان . هزت كتفيها ثانية :"لا شئ مميز . ماذا عنك أنت؟"
بطريقة ما ولأسباب تجهلها كلويه كلياً أنقلبت الأمور رأساً على عقب
أجابها:"مازالت أجرى أبحاثاً من أجل كتابى الجديد"
أومأت كلويه:"تعنى روايتك السياسية؟"
وأخيراً سار الحديث على النحو التى ترغب فيه فأضافت من دون اهتمام :"هل بدأت بكتابتها؟"
حاولت ألا تبدى اهتماماً بجوابه . فراحت تقطع الخبز فى صحنها فيما قال فيرغوس :"ليس بعد.أفضل أن أقوم بكافة الأبحاث أولاً لكى أكون واثقاً من المعطيات اللازمة كلها"
- ألا تخشى أن يقاضيك أحدهم بتهمة تشويه سمعته؟
حاولات إغاظته بسؤالها إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً فوالدها لا يستطيع مقاضاته .إذ أن هوية والد طفل سوزان ستيرلينغ الذى لم يولد مازالت مجهولة حتى الآن
قال فيرغوس يحثها بنعومة:"أنا محام كلويه.وأعرف ما هى حدودى لكن هل تهتمين أنت بالسياسة؟"
شعرت كلويه بأن أنفاسها علقت فى حنجرتها , أنها تتنفس السياسة كالهواء فكيف تستطيع ألا تهتم بها؟
أصر فيرغوس قائلاً :"ها قد أصبح لديك مدخل إلى الموضوع "
ثم أضاف بسخرية لاذعة :"لكنى أتساءل هل لديك الجرأة للتحدث فيه!"
نظرت كلويه إليه بحدة فشعرت أن اللون اختفى من خديها حين واجهت مرة أخرى تلك النظرة المتحدية فى عينيه البنيتين المليئتين بالغموض .إنه لأمر غريب ! عندما التقته أول مرة شعرت أن عينيه دافئتان كالشوكولا الساخنة أما اليوم فهما أشبه بكرتين بنيتين من الجليد البلورى.ابتلعت ريقها بصعوبة :"ماذا تعنى؟"
أجابها ببرودة:"لا أحب ألألاعيب الملتوية كلويه ولم أحبها يوماً"
ثم أضاف :"كما أنك سحقت قطعة الخبز فى صحنك حتى غدت فتاتاً"
أبعدت كلويه يدها بسرعة ما أن لاحظت أنها حولت قطعة الخبز إلى قطع صغيرة. صغيرة جداً.لا يمكن لذلك أن يبدل عدم اهتمامها بموضوع الحديث!
كرر فيرغوس بخشونة :"سألتك إن كنت تهتمين بالسياسة كلويه"
حاولت أن تتكلم لكنها شعرت وكأن فكيها التصقا ببعضهما:"أ....."
إنه يعلم ! لا تعرف كيف توصل إلى ذلك .لكنها واثقة من أنه يعلم...
انحنى فيرغوس فوق الطاولة حتى غدا وجهه على بعد سنتيمترات قليلة من وجهها وقال من بين أسنانه :"هيا كلويه فوكس هاملتون.أجيبى عن سؤالى.عليك اللعنة!"
كلويه فوكس هاملتون .نعم إنه يعلم!
بللت كلويه شفتيها الجافتين"فيرغوس...."
قال فيرغوس بهدوء :"ليس لدى فكرة كيف توصلت إلى معرفة موضوع كتابى الجديد لكننى أؤكد لك أننى سأكتشف ذلك فى وقت قريب"
ثم أضاف بحدة :"إلا أننى أعرف أمراً واحداً آنسة فوكس هاملتون وهو أن خروجنا معاً لن يؤثر مثقال ذرة فى رغبتى فى كتابة هذه الرواية .هل هذا واضح؟"
وهكذا أنهى كلامه بإعلان بارد كالثلج
إنه واضح كالكريستال!

نهاية الفصل السادس

روايات احلام/عبير :ليل الغرباءNơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ