٦/ فاتنه لكنها مخادعه

5.8K 123 3
                                    

6 ـ
فاتنة لكنها مخادعة !

- كيف حال جميلتك كلويه؟
كان فيرغوس يجلس على المقعد المواجه للنافذة فى محترف برايس وقد بدت نظراته شاردة وكأن أمراً هاماً يشغل باله . لم يحرك ساكناً عند سماعه هذا السؤال المتعلق بـ كلويه لكن نظراته غدت باردة كالفولاذ
لاحظ برايس تلك النظرة الفولاذية فاستدرك قائلاً ببطء:"ربما,ما كان لى أن....أسألك؟"
أخذ فيرغوس نفساً حاداً وأستدار لينظر إلى قريبه الواقف أمام اللوحة التى يرسمها .
لقد مضى على وجوده عنده ساعتان وهو لا يزال جالساً على ذلك المقعد أمام النافذة مستغرقاً فى أفكاره الخاصة من دون ان ينبس بكلمة واحدة.ولا يمكن القول إنهما يتمتعان بصحبة بعضهما البعض.
أكد فيرغوس بمرارة:"ما كان عليك أن تسأل"
واستدار من جديد ليعاود النظر من النافذة المواجهة للحديقة حيث تنشر الشمس أشعتها الذهبية.
ما الذى تفعله كلويه؟
اللعنة ! لقد طرح هذا السؤال على نفسه مرات ومرات فى الساعات الأربع والعشرين الماضية . والآن لم يبقى سوى ساعة قبل موعد الغداء مع كلويه وهو لم يتمكن بعد من التوصل إلى جواب.
لن يصدق بعد الآن أن تحرشها به يوم السبت الفائت ومرافقتها له بعد ذلك إلى منزله هو مجرد صدفة .وإن لم يكونا مجرد صدفة فما هما إذن؟
راح برايس يراقب أبن خالته بعينين ضيقتين ثم حثه باهتمام :"هل تود التحدث فى الموضوع فيرغوس؟"
عم يتحدث ؟هل يمكن لـ برايس أن يتوصل إلى تفسير ما حصل الأسبوع الماضى إذا كان هو نفسه لم يصل إلى أى تفسير ؟
تعمدت كلويه أن تقترب منه يوم السبت وتعمدت أن ترافقه إلى منزله.وعلى الرغم من أنه لم يفكر بالأمر من قبل إلا أن كلويه كذبت عليه.لكن...ما هو السبب؟
كلمة واحدة تبادرت إلى ذهنه ! كلمة جعلته يشعر بالخجل من لتفكير بها...ابتزاز....
أجفل فيرغوس حين تبادرت الكلمة إلى ذهنه
تراجع برايس إلى الوراء مبتعداً عن قطعة القماش التى يرسم عليها لوحته ثم تمتم وقد بدا عليه الرضى :"رائـــع !"
نادى أبن خالته بحماسة:"تعال فيرغوس وأنظر"
وقف فيرغوس وسار بتمهل إلى حيث يقف برايس . وسره أن يُنشله برايس من أفكاره السوداء . لقد أنعكس مزاجه الكئيب اليوم بوضوح حتى فى الثياب التى يرتديها وهى عبارة عن قميص أسود وبنطلون أسود.
بدت اللوحة رائعة حقاً ! لا شك أن برايس تمكن من إظهار جمال دارسى . ولا شك أنه يملك أسلوباً متميزاً.
قال فيرغوس مؤكداً :"لابد أن لوغان سيحبها كثيراً"
رد برايس :"آمل ذلك"
ثم استدار لينظر بأهتمام إلى فيرغوس ويقول بجرأة :"هل أنا مخطئ فى اعتقادى بأن مراوغاً آخر من المراوغين الثلاثة وقع فى الفخ؟"
أجفل فيرغوس لسماعه هذا التعليق .وغدت نظرته أكثر صلابة ما أن أدرك ما يعنيه برايس بالضبط.وبالكاد تمكن من كبت غضبه حين قال :"أنت مخطئ تماماً إذا ما أعتقدت ذلك"
لم يقع فى حب كلويه فوكس...وكل ما يريده هو أن....يشنقها.
رفع برايس حاجبيه الداكنين مشككاً ثم تشدق :"حقاً؟لكن لا أظن أننى رأيتك على هذا الحال بسبب امرأة من قبل"
التمعت عينا فيرغوس بقوة :"أى حال؟"
هز أبن خالته كتفيه :"لقد مضى على وجودك هنا أربع ساعات وبالكاد تفوهت ببضع كلمات .وإذا كان مزاجك كئيباً إلى هذا الحد فلابد أن كلويه وراء ذلك"
التوى فم فيرغوس وقال نافياً بشدة :"وهل يعنى ذلك أننى وقعت فى حبها؟"
ابتسم برايس أبتسامة عريضة :"ذلك يعنى أن تأثيرها فيك يفوق تأثير أى امراة أخرى"
كلويه..إنها تؤثر فيه حقاً!لكنه كلما فكر فى الأمر أكثر كلما بات مقتنعاً بأنها خططت لذلك ولم يكن الأمر مجرد مصادفة.
لا شك أن لقاءهما فى المقهى ليلة السبت الفائت مجرد حظ فهو نفسه لم يكن يعرف مسبقاً أنه سيقصد ذاك المكان .لكن ما تلا ذلك كان بالتأكيد مخططاً له من قبل كلويه .
بعد أن شعر بالحيرة لأيام توصل إلى نتيجة مفاداها أن كلويه تهوى إقامة علاقات غرامية مع المشاهير.لكن تبين له لاحقاً أنه أخطأ فى اعتقاده هذا .أما المشكلة الحقيقية التى يواجهها الآن فهى كيف سيتعامل مع الموضوع؟
أطلق تنهيدة عميقة ثم هز رأسه :"على ان أذهب الآن برايس فأنا على موعد على الغداء مع كلويه بعد نصف ساعة"
لقد أمضى معظم فترة الصباح وهو يفكر فى ما إذا كان عليه أن يلتقى كلويه أم لا. لكنه قرر الآن أن تأخره عن موعده معها خمسة عشر دقيقة كافٍ لإفقاد كلويه بعضاً من تلك الثقة البالغة بالنفس التى تتمتع بها. لقد حان الوقت ليجعل الآنسة كلويه فوكس تشعر بالحيرة.
رمقه برايس بنظرة ذات مغزى :"أنها صغيرة جداً فى السن فيرغوس"
بل أنها كبيرة بما يكفى . وهو وحده يعلم ذلك جيداً!
ضاقت عينا فيرغوس وفكر ملياً بما قاله أبن خالته :"ماذا يفترض بذلك أن يعنى؟"
هز برايس كتفه:"يبدو واضحاً أنك غاضب منها لسبب ما"
هز رأسه باشمئزاز قائلاً بحدة:"كلمة غضب ليست كافية لوصف ما أشعر به "
أومأ برايس مرة أخرى :"هذا ما أراه"
فقال برايس متشدقاً :"لن أشنقها اليوم فى مطعم الشيف سيمون فهو مكان معروف جداً"
ابتسم برايس وقال :"سيكون من المؤسف أن يتشوه ذلك العنق الجميل"
ابتسم فيرغوس ابتسامة متكلفة ولم يفاجأ بملاحظة برايس عن جمال كلويه .فجمالها يفوق الوصف.لكن المشكلة هى أنها امرأة لعوب ومخادعة .وإذا كان بإمكانه التعامل مع الصفة الأولى إلا أن خداعها له لا يسعده.
أجاب باقتضاب قبل أن يستدير مغادراً:"سأخذ ملاحظتك فى الحسبان برايس "
وإذا بـ برايس يعلق من خلفه :"لقد أعجبتنى تلك المرأة"
اللعنة! لقد أعجبته هو أيضاً .أعجبته كثيراً .حتى انه لم يعد واثقاً من مشاعره نحوها على الأطلاق

روايات احلام/عبير :ليل الغرباءWo Geschichten leben. Entdecke jetzt