لقد طال الانتظار..

105 9 4
                                    


تك .. تك .. تك .. تك .. تك عقارب الساعة تتحرك ببطئ شديد .. لقد طال الانتظار ..في كل لحظة يرسم خياله صورتها مطلة عليه .. فيهلع ناظرا متلهفا لرؤيتها من جديد .. فاذا بها فتاة اخرى من المارة ، فيزداد شوقا و لهفة و تحمسا لعودتها .. فيستمر في محاولة الهاء نفسه حتى يضيع الوقت و تحين لحظة قدومها .. يقوم من على مقعده ثم يقطع الممر ذهابا و ايابا لعله في انهاء جولته يفاجئ بمجيئها ، ظل على حاله عدة ساعات .. تمر الدقائق تليها الساعات و الساعات من الانتظار أملا في وصولها بلا جدوى .. حل الظلام المكان و هو ينتظر و ينتظر .. يغمره امل مملوء بلهيب الشوق و الحنين فلقد طال الانتظار .. فاخذ يجلس تارة ، و يقف تارة اخرى .. يتلفت يمنة و يسرة .. يجوب المكان باكمله ثم يجد نفسه عند مقعده مرة اخرى فيجلس فيه .. ادركه النعاس لم يستطع التحمل .. تملكه الياس لكن هناك امل دائما .. فقال في نفسه : أعود الى البيت و انام .. و اعود الى هنا في الصباح فاجدها بانتظاري .. و فعلا عاد الى بيته و لم يكد يدرك السرير حتى خر نائما .. بهتة استيقظ مفزوعا من صوت المنبه على هاتفه النقال .. نظر الى ساعته ليجدها العاشرة صباحا فلبس ملابسه و اعد نفسه لاستقبالها و هلع مسرعا الى محطة القطار لاستقبالها .. وصل الى محطة القطار بحث عنها في ارجاء المحطة فلم يجدها .. انها لم تصل بعد .. فاخذ مقعده المعهود و جلس فيه لتبدأ رحلة انتظاره المعهودة .. و هو غارق في التامل و الانتظار .. فوجئ بسماع صوت بجانبه فاذا به رجل عجوز يساله : يا بني اني اراك منذ شهرين و انت تاتي الى المحطة فتنتظر طيلة اليوم ثم تعود الى منزلك في اخر الليل .. ثم تاتي في الصباح لتكرر ما تفعله كل يوم .. فما هي قصتك ؟ .. فنظر اليه الشاب باستغراب قائلا : لقد طال الانتظار لكن هناك امل فربما تقدم في اية لحظة .. علي انتظارها .. فقال له العجوز : لم تقوم بانتظارها طوال هذه المدة بدلا من ان تشتري تذكرة للقطار و تذهب اليها بنفسك و تحضرها .. فقال الشاب : حاولت و لكني وجدت نفسي مقيدا بامل قدومها الي في اية لحظة .. لذا فانا مقيد بانتظار عودتها .. فساله العجوز من هي تلك التي وجب عليك انتظارها كل هذه المدة ... فتبسم الشاب و قال : هي حياتي هي الهواء الذي اتنفسه هي التي قلبي ينبض لاجلها هي فلسطين .. فضحك العجوز حتى كاد يتفجر من كثرة الضحك .. فساله الشاب باستعجاب و ما المضحك في الامر .. فقال العجوز : اني انتظرها هنا منذ أكثر من 67 عاما .. فتعجب الشاب و ساله : لم لم تفعل ما قلته لي .. لم لم تقوم بشراء تذكرة للقطار و تذهب اليها .. قال : لقد منعني ما منعك .. فكنت كلما دب في الحماس و كدت ان اقوم من مقعدي ارى نفسي مقيدا بامل عودتها لي و مكبلا باهواء الحياة فابقى منتظرا لها في مقعدي املا بعودتها مهما طال الانتظار !!

و نحن كذلك ايضا مازلنا نجلس على مقعدنا ننتظر عودتها بفارغ الصبر و كلنا امل و شوق و لهفة لعودتها .. لم نفكر في لحظة ان نشتري تذكرة لنركب بها قطار الجهاد لنصل اليها و نعيدها الينا و الى امتنا العربية الاسلامية و ان فكرنا في ذلك نجد انفسنا مكبلين باهواء الحياة و المصالح الشخصية للتجمد اقدامنا و تتشبت اجسادنا بالمقاعد و ترفض نفوسنا المخاطرة ..فالحياة مهما طال الانتظار ستبقى اولى من العودة .. فنجد اسهل و اقرب الحلول هو الانتظار ..

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jan 09, 2016 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

لقد طال الانتظار..Where stories live. Discover now