بياض ورياض

- 4 -

قالت السيدة : بل تأتينا اﻵن في كل يوم جمعة فإنا هاهنا ، ثم قالت له : يا بياض هل تعرف الصبية المتكلمة معك لو قد رأيتها؟

قال : لا وحياتك يا سيدتي.

فقالت له السيدة : هذه! وأشارت إلى رياض ، فنظر إليها بياض وقال : لا شك.

فقالت السيدة : بحياتك يا بياض أليست مليحة؟

قال لها : يا سيدتي إنما يضيء القمر والنجوم من ضياء الشمس والشمس تضيء من ضياء هذه.

قالت له السيدة : فبفضلك وصحيح ودك وطيب أصلك وذكاء عقلك اكتم كل ما تراه ولا تبح به وافعل فعل الكرام.

فقال لها بياض : يا سيدتي وفي هذا يتكلم ، أو عبدك ممن يوصى ويعلم؟! عياذاً بالله وبرسوله من هذا.

قالت العجوز : ثم إن السيدة أمرت جارية لها تغني فأخذت العود وسوته واندفعت تغني بهذه الأبيات حيث تقول [كامل] :

أسرجت طرف الحب إسراجا

وسلكت للأشواق منهاجا

حكم الهوى بمذلتي أبداً

فجعلت ذلي في الهوى تاجا

وبسطت خدي في التراب له

(إذ) -1- لم يكن للعز محتاجا

وأرى سقامي حلة وبهى

أزهو به زهواً وإن هاجا

ولقد رضيت بما ألاقيه

إني ألاقي منه أمواجا

إني وإن أبلى الهوى بدني

ما كان عنه القلب قد عاجا -2-

فلما فرغت الجارية من شعرها قالت لها السيدة : أحسنت بارك الله فيك.

[8و] ثم قالت : يا سرور فديتك غننا (لئلا) -3- ينقلب ضيفنا مستهزئاً بنا.

قال بياض : (أيتها) -4- السيدة ولا كرامة.

قال : فأخذت الجارية العود وسوته واندفعت بهذه اﻷبيات حيث تقول [طويل] :

(رأيت فنائي) -5- واستبان فسادي

(وأهرقت) -6- دمعي واضمحل رشادي

وأصبحت خدن الحب مشتهراً به

وبدلت من طعم الكرى -7- بسهاد

وعلقت أوجال الصبابة جاهلاً

(فجرعن) -8- أوصاب -9- الغرام فؤادي