قصة بياض ورياض

ابدأ من البداية
                                    

قالت العجوز : فقال لي يا أماه : مالي ما أقول لك إذا قلت الحق ، ولكن الهوى ضيف الكرماء وحلية اﻷدباء وخدن الظرفاء.

فقلت له : فما أنت [2و] صانع والله رأيت رياضاً على أضعاف ما أنت عليه من محض الوداد وصفاء المحبة والاعتقاد ، وسيدتها محبة في الذي تد[عو] إليه من النزهة وإحضارك ليطيب المجلس ، ونحن على وعد ليوم الجمعة إن شاء الله ، فإذا [أنت] حللت فيه فاحكم لنفسك واملك عليها ملك من يحكم عقله ، فإذا نظرت فليكن نظرك إلى السيدة وإلي كأنك لا تجد في نفسك شيئاً ، فخير الناس من قاس قبل القطع ودبر قبل الفصل ، فإن رأيت محبوبتك (رياض) ذات وقار وصمت وحلم وسكون كالذي يظهر من رجوتها ، وإن رأيتها ، خفيفة طياشة فلا تعلق بها نفسك واصرف عنها قلبك ، فالعقل أحسن ما خلق وخير ما العبد رزق ، فا حفظ وصيتي يا بياض.

[3ر] قالت العجوز : فلما أكملت وصيتي قام إلي وقبل اﻷرض بين يدي ، فقلت له : يا بني ما أريد منك هذا وإنما أريد منك أن تحضر ذهنك وتزن كلامك وتنظم ألفاظك لدخولك قصر امرأة شريفة.

فقال لي : (إن كان) -8- هذا كله على هذه الصفة فلا أقدر على الدخول في قصرها أبداً.

فقلت له : والله إنه لكذلك ، ولكن إنما تظن السيدة أنه لمزاح وسلو (ونزهة) -9- ، وهذا كله لترضي (رياض) (لحبها) -10- فيها وإن الملوك يحبون النزهات في البساتين.

قالت العجوز : فقال لي : يا أماه (جزيت) -11- خيراً فلو رأيت أن تحققي الوعد وتعرفي ما اتفق من بعدك وتسيري نحو القصر وتعرفي تحقيق اﻷمر.

قلت : نعم.

[ثم نهضت] إلى القصر فا ستأذنت فأذن لي ، فدخلت فلما حصلت في القصر [رأيت (رياضاً)] كالكوكب الدري في ظلام الليل ، وعليها غلالة خضراء ، وقد تمنطقت بمنطق من الحرير اﻷحمر على خصر يكاد والله ينقطع من رقته وهي تكاد تنقصف رقة وليناً ، تمشي يميناً وشمالاً وتنظر فيما يصلح من أمر (النزهة) والخدم بين يديها بأواني الطيب وأنقال -12- الشراب وأنواع الحلاوات ، وبيدها قضيب [خيزران تضرب] به الخدم بين الهزل والجد ، فأخذت بيدها وأخرجت(ها) (من بين خوا)صها -13- فقلت لها يا رياض : بياض يقرأ عليك السلام (لقد ذاب) -14- من محبتك فقولي كيف تكون الحيلة وكيف يكون اﻷمر؟

[فقال : من بياض]؟

قلت : الغلام اﻷديب الشاعر الذي كنت رأيت من أعلى الشجرة و [استغرب وأنشدك] وكان الوعد بينكما ليوم الجمعة.

قالت العجوز : فلما أخبرتها بذلك [3و] غشي عليها ، فجاء الخدم وقلن : ما بال حبيبتنا رياض فقد والله تكدر عيشنا وانقطع أملنا إن أصابها شيء ، فتداركنها بماء ورد وكافور ونضحن -15- وجهها.

_____________________________

1- يوجد تلف في أول الصفحة ، يبدو فيه أن العجوز تحدث بياضا عما رأت.

2- في المخطوط (نهدها).

3- بزعت الجارية : ظرفت وملحت. (اللسان).

4- في المخطوط : (المال).

5- هناك قشط في المخطوط بمقدار كلمة ورجحنا أن تكون الكلمة التي أثبتناها.

6- كلمة (أهل) لم ترد في المخطوط والسياق يقتضي إثباتها.

7- في المخطوط : (اجتنيته) .

8- في المخطوط : (إن كل).

9- في المخطوط : (ونزاهة).

10- في المخطوط : (بحبها).

11- في المخطوط : -(جزيب).

12- هكذا باﻷصل واﻷنقال جمع نقل وهو ما ندعوه باللغة الدارجة المكسرات أو الكرزات ، وربما ﻷن الكلمة جاءت مضافة إلى الشراب (أنقال الشراب) قد تعني مكسرات الشراب أي (المزة) !؟.

13- في المخطوط : وأخرجت . . . ا . . . صها والسياق يقتضي ما أثبتناه.

14- (لقد ذاب) ساقطة من المخطوط والسياق يقتضي إثباتها.

15- النضح : الرش. (اللسان).

بياض ورياضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن