الفصل التاسع/اني راحله

14.1K 299 0
                                    

تقطعت احلامها تلك الليله بصورة ماركوس و هو يترك انيتا ليأتي اليها ويدخل غرفتها عنوة .... قال انه يريدها ولم تستطع ان تهرب من يديه المداعبتين اللتين اثارتا بها الرغبه الى درجه الالم . فاستيقظت لتجد نفسها وحدها في الفراش و الفجر في السماء يبدد ظلمه الليل .كان العرق يتفصد من جبينها وتجد صعوبه في كبح شهقات انفاس باكيه ... انه حلم لكنه كان حقيقيا لدرجه تكاد تقسم بأن جسدها لا يزال يحس بلمسته .... لن تستطيع البقاء في وندشلتر لحظه اكثر من اللازم وستعود الى لندن في اسرع وقت ممكن . استردت بعضا من قوتها بعد احساسها بالماء البارد في جوفها وغيرت ملابسها ووضبت حقيبتها استعدادا للرحيل بعد الفطور مباشرة .

تمت الرحله الى وندشلتر دون حادثه تذكر . اول ما فعلته منيرفا لدى وصولهم المنزل , ان اتصلت بالدكتور براوننغ مصممه اخذ رأيه بالنسبه الى بقائها هنا ام لا :
-    لقد تحدث معي الاخصائي للتو ..... و السيدة اوكيف لم تعد بحاجه اليك ولاداعي لان تبقي هناك اذا كنت ترغبين في العودة الى لندن .
احست بالراحه لسماعها هذا مع بعض الحزن , لقد اصبحت متعلقه بايفوري اوكيف وبهذا المنزل القديم الرئع . و لسوف تفتقد لكل شيء , اخذت تفكر بهذا و هي تتمشى في الخارج نحو اقرب الحظائر دون ان تدري الى اين . اتكأت على السياج متنهده بتعاسه ... تتذكر يوم دفعتها بلاهتها لدخول الحظيرة امام الثور الهائج لتنقذ شالها ... لم تعد تضع ذلك الشال البراق الالوان مرة اخرى لكن في كل مرة تشاهده فيه كان يمثل لها دليل اذلال وبلاهه ... تنهدت مرة اخرى وهي تراقب نفس الثور يلاحق هذة المرة انثى اخرى , رأسه مرفوع الى فوق وذنبه الى الاسفل انه فعلا حيوان جميل .
-    انه يتودد الى انثاة
صوت ماركوس الاجش العميق كان خلفها تماما , وتعقدت اعصابها في عقد قاسيه مؤلمه حين تقدم ليقف قربها واضعا ذراعيه على السياج ويكمل :
-    انه عاشق صبور .... يأخذ وقته في التودد .... انه يجهد نفسه في كسب رضاها .
كان لديها ريبه شديدة في انه لم يكن يقصد الثور بشكل مطلق , لكنها سرعان ما عادت اهتمامها بما تراة امامها .. فقد تقدم الثور نحو انثاه مخفضا رأسه وكأنه سيهاجمها .... ثم اخذ يرفس الارض بقوائمه الاماميه مصدرا صوت شخير , فقال لها ماركوس :
-    الثيران عاده تفعل هذا حين حين تتحدى بعضها البعض للقتال .... و تفعله في التودد ... واضح ان الان اهتمامه منصب على الانثى التي امامه والتي تخفض رأسها الى الارض متظاهرة انها ترعى العشب ولاتهتم به ولا تظهر دليل على انها ستتقبل توددة .... المنظر هنا مختلف لكن الفعل نفسه مألوف ....... الا توافقين معي ؟
ملاحظته المثيرة ارسلت الاحمرار الى وجهها , فاستدارت تبتعد عنه وتقول ببرود :
-    لست ادري عما تتحدث
-    اذكر مناسبتين لاقى فيهما توددي الصد
نظرت اليه بغضب :
-    لم يكن لدي فكرة انك كنت تتودد ماركوس ... لو كنت اعلم لكنت متقبله اكثر
ضحك و مد يدة اليها :
-    سأتذكر هذا مستقبلا ............ ايتها المشاكسه
لكنها تحركت مبتعده عن ذراعيه القويه وقالت تغير الحديث :
-    اظن ان ماري تستدعينا للغداء
عده مرات خلال الغداء لاحظت ان نظراته مستقرة عليها بالكامل مما ملائها بالتوتر ..... لن تتمكن من تأخير رحيلها ابدا , انها واثقه من هذا الان لكن في نفس الوقت لم تكن قادرة على طرق الموضوع مع ايفوري اوكيف .
كان يوما حارا لمنتصف الربيع والصيف على الابواب . بدلا من ان تدخل غرفتها لترتاح بعد الغداء اخذت معها مجله واتجهت الى الحديقه حيث جلست بارتياح الى مقعد الحديقه تحت ظل الاشجار ... كانت تقرأ حين وصلت لويزا في سيارتها الصغيرة وتوقفت على مسافه منها حيث كانت مختفيه عن الانظار خلف الاشجار الشائكه .
ترددت منيرفا بذعر في ان تعلن عن وجودها وبين ان تبقى مختفيه سرعان ما قفزت لويزا من سيارتها لتلف ذراعيها حول عنق ماركوس وصاحت بلهجه مثيرة :
-    ماركوس ...... حبيبي !
-    توقفي عن هذا لويزا
صاح ماركوس بها زاجرا وازال ذراعيها عن عنقه ....عندها بالذات قررت منيرفا ان لا تعلن عن وجودها .... وسمعت لويزا تقول بغضب :
-    يالها من طريقه لتحيتي .... يجب ان اقول ! كان يجب ان تعودوا بالامس كما اذكر وقلقت عليك .... وهأنت تعاملني وكأني منبوذة . اين كنت طوال يوم امس ؟
-    لست مضطر الى تقديم كشف لك عن تحركاتي .... واين كنت ليس من شأنك
اهكذا يحدث الفتاة التي من المفترض ان يتزوجها ؟
صاحت لويزا بغضب :
-    لا تتجرأ ابدا على مخاطبتي هكذا
-    سأخاطبك كما اشاء ... اصعدي الى سيارتك واغربي عن وجهي ... اذهبي وجربي اغوائك على ستيفن .... فقد يكون اكثر مني لينا
انه يعرف اذن وهزتها الصدمه ..... انه يعرف ما بين لويزا وستيفن , واحست بالراحه
صوت لويزا الساخر قطع افكار منيرفا :
-    قد افعل هذا تماما ! لطالما كان ستيفن اكثر مرحا منك بكثير .
حبست منيرفا انفاسها وهي تشاهد لويزا تصعد الى سيارتها وتنظر غاضبه الى الرجل امامها :
-    اظن انني اكرهك ........ ماركوس اوكيف !
رد بنفاذ صبر :
-    طبعا .... طبعا ! والان كوني فتاة طيبه وأديري سيارتك وافعلي ما قلته لك .
استدار على عقبيه وتركها متجها الى غرفه الفرز تاركا لويزا ترغي وتزبد محدقه به , لحظه غاب عن نظرها اخذت تضرب السيارة بيديها كالطفله .... ولاحت منها التفاته الى المكان الذي تجلس فيه منيرفا وبصيحه غضب توجهت عبر المرجه نحوها وصاحت تسال :
-    اعتقد انك سمعت كل شيء ؟
-    لم استطع منع نفسي او تجنب السمع
ووقفت تواجه لويزا الغاضبه
-    انها غلطتك انت
-    استميحك عذرا !
-    انتي تحاولين اختطافه مني منذ وصلت الى هنا
-    هذا غير صحيح لويزا
-    لست غبيه .. اعرف .... كنت الاحظ كيف تنظرين اليه
ردت بسرعه :
-    بامكانك قول هذا .... فهو ليس رجلا يمكن ان تتجاهله أي امرأة .... لكنني كذلك رأيتك مع ستيفن ولم استطع الا ان أتساءل عما تسعين اليه بالضبط .
-    عما تتحدثين ؟
-    اذا كنت بحاجه الى انعاش ذاكرتك كان هذا يوم حفله النادي .... خرجت اتمشى في الحديقه وشاهدتكما معا , فهل تظني ان هذا كان انصافا لماركوس ؟
-    لم يكن هذا يعني شيئا ... لطالما كنت وستيفن ... مولعان ببعضنا البعض لكن بالنسبه للزواج كان هناك رجلا واحد لي .... وها أنت قلبته ضدي .... واستطيع قتلك لهذا ؟
-    لا تكوني سخيفه لويزا .... انا لم اخذ ماركوس منك وتعرفين جيدا كما اعرف ان لاشيء بيننا
لكن لويزا عصفت بها :
-    لست ادري ما جاء بك الى وندشلتر .... كل شيء كان يسير على ما يرام قبل وصولك ... في الواقع كل شيء كان على مايرام حتى ذهابكم في تلك الرحله الى برمنغهام . فما الذي حدث هناك ؟
-    لا شيء حدث
-    الى الجحيم بك وبما حدث ! هل غازلك هناك ؟
ردت منيرفا ببرود : لا تكوني سخيفه
وقفتا تجابهان بعضهما كعدوين كل يحاول تقدير قوة الاخر .... دون رغبه أي منهما اعطاء الاوامر بالتراجع ... لكن , كان للويزا الكلمه الاخيرة :
-    انت لن تستمعي بعد نهايه كل هذا منيرفا فارلاين
لحظات وكانت سيارتها تثير عاصفه من الغبار ورائها .... عندها عرفت منيرفا مدى تاثير الصدام عليها .. ساقاها ترتجفان وراحتا يديها مبللتان بالعرق , في اعماقها كانت تحس بالالم لان ماركوس عرف بخداع لويزا له ... ولا عجب اطلاقا كراهيته للنساء اذ كانت لويزا هي المثال .
كانت لاتزال محتارة في ان تطلب من ايفوري ان تريحها من واجباتها حيت اتجهت الى غرفتها تلك الليله بعد العشاء ... ربما لو جرى حديث هادئ بينهما سيساعدها على اتخاذ قرارها ... لكن صوت ماركوس الاجش من داخل الغرفه منعها من قرع الباب ,,, وسمعته يقول :
-    امي ... اريدك ان تريحي منيرفا من مهمتها هنا .... فأنت ما عدت بحاجه الي مساعدتها
ردت الام بعجرفه :
-    اظن انني افضل حكم في هذة المسأله .... الا تظن هذا ؟
-    لا يا امي .... في هذة المسأله لي الكلمه الاخيرة
لم تنتظر منيرفا سماع المزيد فعادت ادراجها تصعد السلم بسرعه الى غرفتها وبدا لها ان الالم يجتاحها موجه بعد موجه الى ان كادت تصيح من العذاب ... ماركوس يريد ابعادها ولسوف تحقق له ذلك .
اخرجت حقائبها وبدأـ توضبها لمجرد ان تفعل شيئا يخفف الالم لكنها كانت تتوقع بخوف ليله طويله امامها والسماء وحدها تعرف كيف ستمر عليها وكيف ستمر الليالي التي ستليها . يجب ان تشعر بالامتنان لماركوس لقد ساعدها في اتخاذ قرارها وفي مثل هذا من الوقت ستكون في شقتها بلندن تنفض عنها ماعلق بها من غبار وندشلتر ... مع انها لاتجد أي رضى من هذة الفكرة .... مجرد الم .... والالم شيء يجب ان تتعلم العيش معه ... لانها كانت حمقاء لتحب رجلا لا يحتاج اليها وعليها ان تتحمل نتيجه غلطتها لكن فليساعدها الله .... لانها لم تكن تريد لهذا ان يحدث .
لم ينضم ماركوس الى امه ومنيرفا الى الافطار في الصباح التالي مع رساله يقول فيها انه لن يأتي قبل الغداء . كل شيء كما يبدو يحصل كما ارادته منيرفا .... لكن بعد انتهاء وجبه الافطار وجبها الكثير من الشجاعه لتفتح الموضوع الذي كان يشغلها طوال الليل .
-    سيدة اوكيف ... اريد ان تعطيني الاذن لمغادرة وندشلتر
العينان اللتين التقتا بعيني منيرفا كانتا مصدومتان
-    اتفكرين بالعودة الى لندن ؟
-    هذا ما يتوجب علي في وقت او اخر . وما افضل من الان ؟
-    ارجو ان تفكري مليا في البقاء لمدة اسبوع اخر
هزت منيرفا رأسها :
-    لم تعودي محتاجه الي سيدة اوكيف
-    كنت اريدك ان تبقي كضيفه وليس كموظفه
-    لطف منك .... لكننني اخشى انني لن استطيع
ساد صمت مطبق عليهما ثم سألت ايفوري بهدوء :
-    اتريدين حقا ان ترحلي ؟
-    وهذا الصباح ... في الحال اذا امكن
ساد الصمت مجددا ثم ابتسمت العجوز بحزن :
-    يبدو لي انك مستعجله للخلاص مني
-    الامر ليس هكذا سيدة اوكيف وتعرفين هذا , كنت سعيدة بالعمل معك لكنني اريد العودة الى عملي السابق
-    وهل كانت اقامتك هنا سعيدة ؟
-    كنت لطيفه جدا معي
-    وماركوس ؟
ترددت ثم قالت :
-    ماركوس لم يكن يريدني هنا بالاساس و لاشك عندي انه سيرتاح حين اترك المزرعه
-    منيرفا ... عزيزتي ... من الافضل ان اكون صريحه معك ... كانت لي آمال رائعه في ان يرى ابني مستقبله فيك
تغشت عينا منيرفا بالالم فاخفضت عينيها بسرعه الى فنجانها الذي امامها .... و تمتمت :
-    لست ادري ما اقول
-    هل احرجتك ؟
-    قليلا ... لكن فقط لان الامر بعيد المنال
-    هذا ما يبدو , حين افكر بالعناء الذي تحملته اكاد ابكي . شجعتك للخروج مع ستيفن , مع الدكتور برايل لسبب واحد هو املي بأن يتحرك ماركوس ويلاحظ وجودك ... في برمنغهام تركتكما معا على امل الحصول على شيء لكنه بدلا من ذلك توجه لتلك المرأة ... انيتا وبصراحه منيرفا لو لم يكن كبيرا هكذا لامسكت به وضربته على قفاة
-    لا يمكن ان يحصل شيء بيني و بينه سيدة اوكيف
-    لكنني اعتقد انك مثاليه له
-    انت مخطئه
وضعت السيدة يدها على ساعد منيرفا ك
-    ارجو ان لايكون اعترافي احرجك
رفعت نظرها اليها والدموع تترقرق في عينيها :
-    احس بالسعادة لمعرفتي رايك بي
-    لقد احببتك عزيزتي .... و سأشتاق لك كثيرا
-    وانا سأشتاق لك ايضا
رفعت يدها لتدق الجرس :
-    سارسل ماري برساله لماركوس
-    لا ... لاتفعلي هذا ! افضل ان لا يعرف عن رحيلي
-    اتعني انك تريدين الرحيل دون رؤيته ؟
-    افضل هذا
-    و هل لي ان اسأل عن السبب ؟
-    لم يخف يوما انه يكرهني ... ورحيلي سيكون صعبا علي دون تحمل اهاناته
-    ربما انت على حق ... مع ذلك لا اطيق صبرا لارى وجهه حين يعرف انك ذهبت
في غرفتها بعد وضبت اخر اشيائها و اقفلت حقيبتها ... ثم حملتها ونزلت ... وداع ايفوري لم يكن سهلا عليها لكنهما تمكنا من كبح دموعهما وصافحت ماري وتريس الباكيتين ثم احتضنت ايفوري قبل ان تصعد الى سيارتها وتبتعد . خلف الاشجار المصطفه الى خارج المزرعه شاهدت كوبر ... فضغطت المكابح بحدة وفتحت النافذة :
-    وداعا كوبر ... وشكرا على عنايتك بسيارتي
-    هل انت مغادرة انستي ؟
-    انا عائدة الى لندن
-    سنشتاق اليك انسه منيرفا
-    وانا سأشتاق لكم جميعا
في قلبها .... سمعت نفسها تقول : سأشتاق الى ماركوس اكثر !
حين وصلت الطريق الرئيسيه اوقفت سيارتها جانبا ومسحت دموعها ... سرعان ما ستكون في طريقها الى لندن لكنها تركت هنا جزء لا يمكنها استردادة منها , تركته مع رجل لا يحتاج اليه .....معه قلبها في راحه يدة وهو يسحقه بوحشيه . صحيح انه لم يطلب حبها لكنها اعطته له وما تعطيه لا يمكنها استرجاعه . دوى صوت زمور سيارة من بعيد فلأيقظها الصوت من بؤسها ... فأدارت المفتاح ثانيه ودون ان تنظر الى الخلف انطلقت في الطريق الذي سلكته الى هنا منذ اكثر من شهرين .

روايات عبير/ احلام : الحب المرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن