الفصل الرابع/ لماذا كل هذه المراره؟

13.7K 295 0
                                    

كان يوما باردا ملئ بالضباب مع رعد بالمطر . الجبال كانت محجوبه بالسحب الكثيفه وحتى الوقت التي قدمت فيه ماري الشاي كان المطر ينهمر بالخارج . ماركوس لم يشاركهما الشاي كالمعتاد فقد كان مشغولا باصلاح التراكتور في احد المخازن حول المنزل .... ولم يظهر سوى وقت الغداء ثم غادر فورا يتمتم شيئا عن اقراص التروس المسننه في المحرك .حين صحا الجو فيما بعد ذلك اليوم خرجت منيرفا لتتمشى سائرة دون هدى نحو المخازن المحيطه بالمنزل .... كان هناك باب موارب دفعها الفضول الى الدخول لكن قلبها كاد يخرج من حنجرتها حين شاهدت ماركوس هناك يتفحص كومه من الصوف الابيض غطاها فورا حين احس بوجودها , كتفاة تصلبا قليلا كأنه غضب لكن ابتسامه كانت مرسومه على فمه حين سألها : اكنت تبحثين عني ؟
احست بنبض مجنون يرتعش في منتصف عنقها : لا ... كنت اتمشى ..... ورأيت الباب مفتوحا ..... فاحسست بالفضول

-    دعيني اذن اتبع فضولك , هذة غرف الفرز هذا اذا كنت لم تتكهني بعد ... واذا كنت مهتمه سأريك اياها .
احست انها دخيله وتمن ان تعود من حيث اتت , لكن عيناه المتفرستان التقتا عينيها حين لم تجد فيهما سخريه قررت ان لا تتقاضى عن يد الصداقه التي مدها اليها . و اشار لها نحو طاوله عريضه مليئه بأكوام من الصوف المغطاة ..... كان بينها اكوام بيضاء ناصعه واخرى يشوبها الاحمرار او السواد كل ها مكومه بانتظام .
-    كما ترين حين يتم قص صوف الخروف نأتي بها الى هنا لنفرزها الى ابواب مختلفه متنوعه منها للنسيج ومنها لاستخدامات اخرى ... ثم نلفها برزم لنرسلها الى الشركات الشاريه وطبعا الصوف الابيض هو الاكثر رواجا من غيرة لاستخدامه في النسيج وهو المطلوب في مختلف بلدان اوروبا و العالم ... لكننا نرسلها الى مصانع مدينه ليدز الشهيرة في هذا المضمار منذ القرن الرابع عشر.
لمحت ممرا ضيقا بين سياجين من القضبان الحديديه يتدلى فوقه خطافات معلقه بسلاسل : وما هذه ؟
تقدم ليمسك احد الخطافات بيدة : هنا نسوق الماشيه , ندخل الابقار لتدمغ وتوزن قبل ارسالها الى السوق اما الخراف فتدخل الى هنا حيث تعلق قوائمها بهذة الخطافات ويتم جز صوفها طبعا خلال موسم معين .
كانت منيرفا وهو يتكلم لاتنظر الى السلاسل و الخطافات بل كان نظرها مثبتا على اليدين القويتين القادرتين .... ولسبب مجهول لها اخذت تتذكر الاحساس الذي اثارته هاتين اليدين فيها حين لامستاها فتوترت اعصابها
-    يجب ان اعود الان
-    هناك شيء اخر اريدك ان تريه
امسك بذراعها بقبضه قويه وهو يعيد الخطاف الى مكانه ثم اخرجها من المخزن الى اخر حيث وجدت رزمات من الصوف على شكل مكبات فوق بعضها البعض : هذة انتهت بالامس وفي انتظار وصول الشاحنات لاخذها . فقالت بقلق : شكرا على تجوالك بي وما شرحته لي .
-    هل وجدت الامر مثيرا للاهتمام ؟
-    كثيرا ... يجب ان اذهب الان
تراجعت عنه مضطربه لكن كعب حذائها اصطدم بشيء ما ففقدت توازنها وامتدت يدان قويتان تمسكان بها وفي لحظه كانت تصطدم بصدرة الصلب ليستغل الفرصة ويضمها اليه بشدة .
الصدمه شلت تفكيرها ومنعتها من أي رد فعل ثم استولى عليها احساس غريب سلبها كل تفكير بالمقاومه وجعلها ضعيفه مطواعه بين يديه .. لم تشعر بمثل هذا بين ذراعي رجل من قبل ومع ان عقلها الباطن كان يحذرها مما يحصل الا ان ذراعيها استجابتا دون ارادة منها فالتفتا حوله ترد له العناق . وتراخى جسدها ... فقد وجدت الراحه في هاذين الساعدين الرجوليين .... لكن ما هي الا لحظه حتى اصبحت بعيدة عنه وانتهى السحر الغريب حين صاح صوت بارد خرق الدفء الذي غلف قلبها : لقد حصلت على ما جئت من اجله .... بامكانك الان الانصراف انسه فارلاين .
احست منيرفا بذهول صاعق منعها من أي رد لكن التفهم عاودها بسرعه وارسل الاذلال موجات حرارة تجتاح جسدها فلمعت عينيها بمزيج من الالم و الغضب :
-    انت متوحش لاتطاق ! كان يجب ان اعرف ان ما اظهرته من ود كان له نيه سيئه .... لكنني كالغبيه صدقت انك راغب في نسيان مشاعرك المسبقه نحوي
-    اترغبين باعتذار .... ام بالمزيد من نفس المعامله ؟
تراجعت تضم يديها المرتجفتين بقبضتين : ما كنت لاظن يوما انني قد اقترب من كراهيه شخص كما اكرهك ... لكنك بكل تأكيد تسهل الامور علي لكراهيتك سيد اوكيف
-    وهل ازعجك اني لم احاول اقناعك بالمزيد ؟
اجفلت و كأنه لطمها وكان لصوتها نوعيه اجشه وهي ترد : انت تقرفني
-    ربما اقرفك لكنني اراهن انك تمتعت بعناقي منذ لحظات .
استدارت على عصبيتها لتهرب منه وصوت ضحكته الرنانه العميقه تلاحقها برنين كريه في اذنيها .
كان رأسها يضج بلالم حين وصلت المنزل ... لكن هذا لم يكن شيئا امام خفقان قلبها المعذب .... لم تفعل شيئا لتستح اهاناته لكن الجزء الرهيب كله انها غير قادرة على فعل شيء يثبت له مدى خطئه .... فهو لن يصدقها ولماذا يصدقها ؟ لكن الاكثر اهميه لماذا تهتم هي هكذا ؟ انه لا يهتم بها ابدا لكنها تهتم ....!
ما فكرت به اخذ يجوب بأفكارها بقوة جعلتها تواجه الحقيقه المرة ..... ارادت هذا ام لم ترد : انها تهتم به!
-    منيرفا ؟
صوت ايفوري اوقفها في جريها عبر الردهه الداخليه الواسعه فعادت خطواتها مكرهه لتنضم الى المرأة في غرفه الجلوس حيث نظرت اليها و سألتها عابسه : لم تبكين ؟
-    انا لا ..... احس بالسخافه ليس الا
-    انه ماركوس ... اليس كذلك ؟
هزت منيرفا رأسها و جلست على اقرب كرسي :
-    ربما كنت مخطئه في قبول هذا العمل في وقت يعارض بشدة وجودي هنا
-    هراء ! الامر لي فقط في القبول اذا كنت اريدك ام لا ...و انا لن اقبل سواك
تصاعد الدفء الى قلب منيرفا البارد فابتسمت :
-    انت لطيفه جدا سيدة اوكيف .... لكن ...
-    لن اسمح ان تكوني اسفه لوجودك هنا ...... مفهوم ؟
-    مفهوم تماما سيدة اوكيف
في اليوم التالي وصل ابن عم ماركوس ساعه كانوا يشربون القهوة بعد الغداء مباشرة , فسارعت ايفوري تقول بدهشه :
-    وصلت متأخرا عن الغداء ستيفن
-    تناولت غدائي عند عمتي ايفوري ... في الواقع لقد جئت اسألك اذا كان بالامكان ان تستغني عن منيرفا بعد ظهر اليوم ؟
-    أهناك شيء؟
-    لا شيء ابدا .... ارغب فقط ان تقضي بعد الظهر معنا
ترددت ايفوري لحظات ثم ابتسمت ولمعان غريب في عينيها :
-    يجب ان تطلب هذا من منيرفا ..... اليس كذلك ؟
استدار ستيفن الى منيرفا متسائلا : هل تأتين معي ؟
ثلاثه ازواج من العيون تركزت عليها فجأه لكنها كانت تعي اكثر ما تعي تلك العينان الساخرتان لماركوس فاشاحت بوجهها قائله بتردد :
-    حسنا ... انا ... هل بامكانك تدبير امرك من دوني سيدة اوكيف ؟
-    طبعا عزيزتي
التفتت منيرفا الى ستيفن : متى تريد الذهاب ؟
-    في الحال اذا لم يكن لديك مانع
-    سأصعد لاغير ثيابي اذن
احست بالسعادة وهي ترتدي فستانا زمرديا من الحرير الرائع انسدل بأناقه على جسدها الجميل .... حلت ربطه شعرها من قمه رأسها وبعد عدة ضربات بالفرشاة الى ان التمع قررت تركه منفلتا على كتفيها .
علق ماركوس ساخرا حين رأها عند اعلى السلم و نظرة يجول فيها بشكل مهين :
-    رائع رائع ! سيتلقى ستيفن اذن معامله ممتازة , اليس كذلك ؟
-    ردت بجفاء : لست ادري عما تتكلم
-    لا .... طبعا لا تعرفين .... انت فتاة صغيرة بريئه تخرجين مع رجل لاول مرة
قررت تجاهل سخريته غير المستساغة وقالت ببرود :
-    دعني امر من فضلك
تراجعت خطوة الى الوراء حين تقدم نحوها ... في لحظه كانت اسيرة الجدار حين وضع يديه على كتفيها ... فخفق قلبها بشدة و قال لها محذرا: لا تتلاعبي بستيفن كثيرا .... انه ساذج يثق بالناس . و قد يأخذ تصرفك معه بجديه .
-    الا تظن انه كبير بما يكفي ليعتني بنفسه ؟
-    ليس هناك مودة كبيرة تربط بيني وبينه لكنني لا اريد رؤيته متألما
-    و الذي يجعلك تظن اني اريد ان اؤلمه ؟
-    تبدين متحضرة للسعي وراء الاثارة انسه فارلاين ... و يبدو انه الساذج الوحيد المتوفر امامك ليقع في حبائلك
لم تعد تعرف ما اذا كان يجب ان تضحك ام تبكي ... لكن الغضب سارع لحل المشكله فسألته بأدب بارد : هل انتهيت تماما ؟
-    ليس تماما .... اريد اعطائك شيئا تأخذينه معك
لم تكن متحضرة لما ينويه لذلك كانت دون ادنى دفاع حين وجدت نفسها عالقه بين ذراعيه والجدار خلفها .... اخذت يداة تطوفان في جسدها ... حاولت صدة , دفعه بيدها على صدرة لكنه كصخرة لا تتحرك ولم يتوقف عن مداعباته الا بعد ان اخذت ترتجف بما يشبه الرغبه امام مداعبات اصابعه على ظهرها .صاحت به بعد ان تركها :
-    انت مقرف لا تطاق !
-    لا تتعثري وانت تنزلين السلم , ستيفن ينتظر بفارغ الصبر لوضع يديه على جسدك التافه
ما كان ليصيبها بألم اكثر لو انه صفعها ... فتراجعت عنه و الدم يجف بالتدريج عن وجهها ليتركها شاحبه كالاموات ,,,, و حاولت الرد ولكنها لم تستطع فاستدارت لتكمل طريقها لملاقاه ستيفن لسبب لا تدريه , كان ماركوس يحاول الاقلال من قيمتها لتصبح رخيصه قذرة , وهذا ما تركها تتحسس بحرارة في فمها

روايات عبير/ احلام : الحب المرWhere stories live. Discover now