بعد دقائق من جلوسها على مائدة الإفطار، حملت رشا حقيبتها وخرجت من الباب الكبير بخطوات مترددة. عينيها اتسعتا بدهشة وهي ترى أمامها سيارة ليموزين سوداء فخمة تقف بهدوء عند مدخل الفيلا، تلمع تحت أشعة الشمس كأنها قطعة ثمينة من الزجاج الأسود.
وبجانب السيارة، وقف شاب في بداية الثلاثينيات، طويل القامة، وسيم الملامح، يرتدي بدلة رسمية سوداء مع ربطة عنق بسيطة. تقدم بخطوة نحوها وانحنى قليلًا باحترام وهو يقول بصوت هادئ ورزين:
– صباح الخير يا أستاذة رشا.
انا وسام الحارس والسائق الشخصي بتاعك.
توقفت رشا للحظة، كأنها غير مصدقة أن هذا الموقف يخصها هي، ثم ردّت بخجل واحترام:
– صباح النور يا أستاذ وسام.
ابتسم وسام بهدوء وهو يفتح لها باب السيارة بخفة، مشيرًا لها بالدخول:
– تفضلي.
خطت رشا إلى الداخل بحذر، عينيها تجولان بدهشة داخل المقاعد الجلدية الواسعة، والعطر الفاخر الذي يملأ المكان. لم تستطع أن تمنع نفسها من الابتسام، كانت فرحتها كبيرة… ليس فقط بالسيارة أو الفخامة، لكن لأنها تعلم أن هذه اللمسة جاءت من ليان، وأنها هي من اختارت لها هذه السيارة وهذا السائق.
جلست على المقعد الخلفي، قلبها يخفق بخفة كطفلة صغيرة حصلت على هدية ثمينة، بينما أغلق وسام الباب برفق، ثم صعد إلى مقعد القيادة.
من خلف زجاج النافذة، أخذت رشا نفسًا عميقًا، وابتسمت لنفسها… ،و شعرت أنها ليست غريبة في هذا البيت.
-----
وصلت ليان إلى الشركة بخطواتها الثابتة ووجهها البارد المعتاد، بدلتها الزيتية الأنيقة تزيدها هيبةً وسط دهشة الموظفين الواقفين عند المدخل. ما إن دخلت حتى وقف الجميع للترحيب بها بانحناءات خفيفة وكلمات مجاملة رسمية، وهي لم تُبدِ أي اهتمام سوى إيماءة قصيرة برأسها، قبل أن تواصل السير بخطوات واثقة.
تقدمت سما، سكرتيرتها الشابة، بابتسامة واسعة وهي تقول بحماس:
– صباح الخير يا أستاذة ليان، نورتي الشركة.
لكن ليان اكتفت بردٍ جاف وهي تعبر من أمامها:
– صباح الخير.
دخلت مكتبها الكبير الواسع، جلست خلف مكتبها الزجاجي وألقت حقيبتها جانبًا، قبل أن تلتفت لتجد سما ما زالت واقفة عند الباب بتردد واضح في ملامحها. رفعت ليان حاجبها وهي تراقب ارتباكها، ثم قالت ببرود نافذ:
– مالك؟ في حاجة؟
بلعت سما ريقها بخوف، وكأنها تبحث عن كلمات مناسبة، ثم ردت بصوت متردد:
– الحقيقة… في خبر مش حلو. الوفد البريطاني اللي كان عندنا اجتماع معاهم النهاردة… لغوا حضورهم. بيقولوا عندهم ظرف طارئ ومش هيقدروا ييجوا.
سكتت ليان لثوانٍ، ثم فجأة تغيّرت ملامحها كليًا، اشتعل الغضب في عينيها وهي تضرب بيدها على سطح المكتب الزجاجي بقوة جعلت الأوراق تتحرك:
– إيه؟! لغوا الاجتماع؟!
YOU ARE READING
في منتصف الطرق ♡
Romance"في منتصف الطرق" حكاية عن التقاء عالمين متناقضين... فتاة ولدت وسط الثروة والسلطة، وأخرى نشأت بين البساطة والدفء. يجمعهما القدر في لحظة غير متوقعة، لتبدأ بينهما رحلة مشاعر تختبر الصداقة، الولاء، والحب، وسط صراع مع الواقع وحدوده القاسية.
