—————
رجع سلام للبيت بخطواته بطيئة، وكأن كل فكرة في راسه
كانت تسحب من طاقته شيء.
الممر المؤدي لغرفته كان أضيق من المعتاد، كان كل اللي يحتاجه، باب ينقفل عليه وسكون يحتضنه.
فتح باب الغرفة، رمى شنطته، جلس على السرير،
وانحنى للأمام كأنّه يحاول يحتمي من أفكاره.
اليوم ما كان طبيعي... لقاء غريب، نظرة مربكة،
واهتمام ما يدري وش يسميه .
يحاول يهرب من التفكير، بس كل ما يبعد، يرجع لنقطة واحدة:
"ليه أنا؟ ترانـي مافيني حيل"
صوت طرق خفيف على الباب ما كمل ثانية قبل لا يُفتح،
ودخل أخوه الكبير بدون استئذان، بنفس النبرة القديمة المعتاد
: حضرتك مافيك تجي تساعد أحد في البيت ولا تشوف وش عندنا
، ماتعرف غير انك كل يوم ترجّع بنفس الوجه الكئيب!
كان صوته ما بين المزاح واللوم، بس سلام عارف هالنوع من المزاح...
عارفه من زمان. رفع سلام عينه ، وناظره بدون ولا كلمة.
أخوه كمل، وهو يتكئ على طرف الباب:
على فكرة، الوالدة كانت تسأل عنك، تقول ما عاد تجلس معنا ولا تكلم أحد ولو انا قلت لها مو غريبة... من يومك كذا.
هنا... شيء صغير انكسر داخل سلام، شيء قديم. من يومي؟"
قالها بصوت هادئ، بس صلب، وكأنها طلعت من جرح قديم مو من فمه.
قام من مكانه فجأة، ووقف قدام أخوه، عيونه ما زادت حدة، لكنها صارت أهدى من اللازم.
"إذا مو عاجبك وجهي الكئيب، لا تطالع فيه."
ثم مرّ من جنبه وسكر الباب وراه بهدوء... هدوء أثقل من الصراخ.
رجع جلس من جديد، وكأن كل التعب رجع أضعاف.
اللي صار اليوم مو كثير، بس هو اللي داخل سلام دايم قريب من الانفجار... ويخاف، يخاف جدًا، يجي أحد ويشوفه من جوّا.
مرّ الوقت عليه وهو جالس مكانه لين قرر ينسى كل شي ويروح
يدرس ، يشغل تفكيره .
_____
في نفس الوقت لكن بمكان آخر .
بالنسبة لآسر اليوم مثل غيره... المفروض.
لكنه ما كان.
رأسه كان مزدحم، مو بصوت، لكن بإحساس ثقيل.
جلس على الكرسي المقابل لنافذته، مثل عادته كل يوم ، كأنّه ينتظر من الظلام يجاوب على شي ما يعرفه.
مد يده لكتاب على الطاولة، فتحه على صفحة عشوائية، وترك عينه عليه،
لكن عقله كان بمكان ثاني تمامًا.
YOU ARE READING
لأنـه هـو .
Romanceلم يكن يُجيد الحب، ولا فهم الصمت، ولا تصديق الوعود. كان يعيش بين الضحكات العابرة، والهروب من كل شيء يشبه الالتزام... حتى ظهر هو. . . . الرواية مثليّة (BxB) -ماتحب هذا النوع لا تقرأ من فضلك .
