قال مرسال دون أن ينظر إليه: "لماذا تفعل هذا؟"

أجاب كريستوف ببرود: "لأنني لست دمية بعد الآن."

رفع مرسال عينه، نظر إليه بتمعّن. في صمت كريستوف، في بروده، رأى شيئًا جديدًا... شيئًا يشبهه.

ابتسم ابتسامة باهتة، وقال: "ربما... بدأتَ تصبح ما أردتُه."

ثم نظر إلى جوروج وقال: "تابع. هو لم يكتمل بعد."

وقف كريستوف في ميناء نابولي، وجسده النحيل يلفه معطف ممزق سرقه من الحاوية. لم يكن يعرف اللغة، ولم يكن يملك المال، لكنه كان يملك شيئًا لم يكن يمتلكه من قبل… إرادة البقاء.

**

تسلل بين الأزقة، ينام في مداخل الكنائس أو تحت الجسور، ويأكل ما يجده من بقايا الطعام. كان صامتًا، لا يختلط بأحد، وعيناه تراقب العالم كما لو كان عدوًا لا يُؤتمن.

وذات يوم، في أحد شوارع نابولي القديمة، لمحته امرأة خمسينية أنيقة، كانت تخرج من مسرح قديم مهجور. توقفت وحدقت به، وكأنها تقرأ في عينيه شيئًا مختلفًا.

قالت له بالإنجليزية: "أنت وحدك؟"

لم يجب، فقط نظر إليها بعينين متعبتين.

فابتسمت: "تعال معي… يبدو أن الفن قد يجدي نفعًا مع أمثالك."

**

أدخلته إلى المسرح، حيث الأرضية الخشبية المتشققة والجدران التي تحمل عبق الزمن، وهناك، عرضت عليه مكانًا للنوم وبعض الطعام.

مع الوقت، بدأت تعلّمه الرقص مجددًا، لا كفن بل كعلاج. ومع كل حركة، كان كريستوف يصرخ من الداخل، يصرخ دون صوت، يحرّك جسده كما لو كان ينتقم من ماضيه.

**

وفي إحدى الليالي، جلس في ركن المسرح، ينظر إلى صور قديمة معلّقة على الجدار. كانت صورة تجمع تلك السيدة حين كانت شابة، برفقة رجل يضع يده على كتفها.

قالت له بهدوء: "ذاك الرجل... كان قاسيًا. لم يتركني أتنفس، لكن الفن أنقذني، كما سينقذك أنت."

كريستوف لم يعلّق، لكنه نظر إلى يديه المرتجفتين، وهمس: "هل يمكن أن أعيش دون أن أخاف؟ دون أن أكره؟"

فأجابت: "ستعيش، لكن لن تنسى. الذكريات لن تختفي… لكنك ستتعلم كيف تبني شيئًا أقوى منها."

في قصر مرسال – بعد اختفاء كريستوف

جلس مرسال خلف مكتبه، وأمامه تقارير مبعثرة ورسائل تهديد من خصومه. لم يكن يقرأ شيئًا. فقط ينظر إلى نقطة ساكنة في الفراغ، وعيناه متجمدتان كأنهما تمثال.

دخل أحد الحراس وقال بصوت خافت:
"سيدي… لا زلنا نبحث. لم نجد له أثرًا بعد."

لم يرد مرسال. رفع كأسًا صغيرًا من الويسكي، لكنه لم يشربه، فقط ظل يمسكه بيده كأنما يحمل وزنًا أثقل من الحديد.

**

مرّ أسبوع. ثم أسبوعان. لم يظهر كريستوف.

في الليلة السابعة عشر، كان مرسال واقفًا أمام نافذة غرفته، المطر يهطل، والبرق يشق السماء. همس لنفسه بصوت بارد:
"هرب… ككلب جبان. كنت أربيه ليصبح أسدًا، لكنه اختار الهروب."

دخل جوروج دون إذن، وقال:
"هل أرسلت من يبحث عنه في نابولي؟"

قال مرسال وهو لا يلتفت: "لو أراد العودة، لعاد. ولو مات… فهذا يعني أنه لم يكن يستحق الحياة من البداية."

**

في الأيام التالية، صار مرسال أكثر قسوة. لم يعد يبتسم، لم يعد يتحدث كثيرًا. حتى خدم القصر كانوا يسيرون على أطراف أصابعهم. كان مرسال يحترق من الداخل، لكن لا أحد يجرؤ أن يسأل.

وعندما حاول مجان ذات مساء أن يفتح الموضوع، قائلاً بضحكة خفيفة:
"أظنه الآن يرقص في شوارع إيطاليا..."
صفعه مرسال بقوة أسقطته على الأرض، ثم قال ببرود:
"لا تذكر اسمه… مرة أخرى."

**
باجر راح ينشرون اسماء العفاء ادعولي دعاء الغريب مستجاب

لاكنك ابي Donde viven las historias. Descúbrelo ahora