13_فُتِحَت أبواب الألغاز

ابدأ من البداية
                                    

_بصي أنا جاية أقولك إني أخيرًا خدت القرار وعرفت أنا عاوزة إيـه، خلاص هتخطب وهخلص آخر سنة في الجامعة وبعدها هقرر اللي المفروض أعمله، لكن قبل كدا مش هقدر آخد أي قرار يا "مهرائيل" صحيح الخطوبة دي أنا كنت ضدها طول سنين الدراسة بس طالما آخر سنة خلاص مفيش مشاكل، مش كدا أحسن؟ 

سألتها بضياعٍ وصوتٍ مُضطربٍ إن دل على شيءٍ فهو يدل على إضطراب الشخص ذاته فيما زفرت شقيفتها وأغلقت الكتاب ثم تركته بجوارها وأعتدلت تواجه الأخرى وهي تحدثها بثباتٍ: 

_عارفة مشكلتك إيه بجد؟ إنك عاوزة كل حاجة في سن صغير كأن العمر كله النهاردة وبس، عاوزة تنجحي وتكوني شاطرة وفي نفس الوقت تعيشي حياتك زي أي حد في سنك وفي نفس الوقت عاوزة تعملي شغل باسمك وتسافري تحققي أحلامك وفي نفس الوقت عاوزة تدخلي علاقة رسمية علشان تكوني حققتي كل الإنجازات دي في سن صغير وعاوزة تنجحي في كل حاجة وللأسف دا مش صح يا "مارينا" لأن الحياة أصلًا متقسمة فترات وكل فترة ليها دور مهم في تشكيل حياة الإنسان، أنتِ أو غيرك دلوقتي كبنات في أول العشرينات عاوزين تعلموا كل حاجة في نفس الوقت من غير ما تدوا للحاجة حقها، دلوقتي أنتِ طالبة بتتخرج وبعدها بنت جميلة هتتخطب وتتجوز زي أي حد في سنها هتفتح بيت وتملاه بنجاحها، ولو الشغل ليه وقت ومجهود محدش هيقولك لأ، إنما كله مع بعضه دا غلط، أنتِ مش قطر بيجري وبعدها ترجعي تستغربي ليه فيه طرق فشلتي فيها، أكيد علشان مش كلها خدت حقها منك، فهمتي؟. 

لفتت نظرها بكلماتها إلى ما غاب عنه عقلها وقد شردت الأخرى في حديثها بعدما استشفت الصدق فيه، فهذه هي كارثتها الكُبرى أنها تصارع نفسها في سباقٍ وهمي وتبغىٰ تحقيق كل الإنجازات بل وحصد الثمار منها، وهذه لم تكن مشكلتها وحدها، بل هي مشكلة جيلٍ كاملٍ يسعى لتحقيق العديد من الإنجازات بالنظر إلى الأمور بصورةٍ سطحية دون التعمق في أي منها، وهي كذلك تود فتح كل الأبواب بنفس اللحظة، غافلةً عن تعبها عند هبوب الرياح القوية وهي وحدها من تتحمل عناء غلق تلك الأبواب، وعلى النقيض تمامًا شقيقتها الواعية التي تفهم جيدًا ضرورة تقسيم المراحل العمرية بل وعيشها كاملةً كل منها على حِدة لكي ينتج عنها الأثر المطلوب للمرحلة التالية. 

حينها صدح صوت هاتفها برقم "بيشوي" فابتسمت هي بحماسٍ ملتهبٍ كما الجمر المشتعل ثم ققزت من فراشها تخطف هاتفها وهي تتجه إلى الشرفةِ لكي تتحدث معه فوجدته هو يبادر بقولهِ الرزين: 

_أنا قولت أكلمك دلوقتي علشان مخنوق بصراحة، بقولك إيه؟ البت "فـيولا" أختي علطول كانت بتهرب مننا وتنزل تقابل "چورچ" بحجة صابون المواعين الخلصان، ما تخلصي الصابون عندكم وتنزلي أشوفك؟ يلا أنا مستنيكي، أبوكِ على القهوة مش فاضي. 

ضحكت هي على طريقته وحديثه فيما هتف هو بنبرةٍ جامدة يزيد من إصرارهِ على ما يريد قائلًا: 

غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن