الفصلُ الثامن 🦢 احتِراق

Start from the beginning
                                    

غَمز لها آخر كلامه، أما هي فأعجبها ما قاله، فبالنسبة لها المُحاماة أسلوب حياة، عندما تدرسها وتمارسها ستُضيف لشخصيتك الكثير من المزايا سواءً كانت حسنة أم سيئة، من المستحيل أن تزورك دون أن تترك أثرها فيك.

- هٰذه أخبارٌ مُبشرة، لن أقوم بتعليمك من الصفر.

أخبرته مُبتسمة ثمَّ محت الابتسامة سريعًا وقد علقت جملته في ذهنها لذا سألت بنبرة حائرة:

- هل قلت بعض القضايا الجنونية؟ كيف هٰذا؟

ابتسم إثر سؤالها وأخبرها بحماسة وإثارة بينما يشرح بيديه الكلمات التي ينطقها:

- قضايا جنونية نعم. القضايا التي في العادة تُرهق والدي وكارل إرهاقًا لا أراه في غيرها من قضايا مثلًا : القضايا الجنائية التي يكون فيها أحد أفراد الأسرة هو القاتل مع عدم وجود أدلة كافية لإدانته، فيعمل الجميع على جعله يعترف أو يتتبعون أثار الجريمة خطوة خطوة لدرجة أنَّ كارل كان يتقمص شخصية الجاني ليعرف كيف يفكر عقله وما الذي يقدر على فعله، هٰذا يثير جنونه وجنوني أيضًا وبالطبع هناك فرق بين جنونه وجنوني.

صمت لعدة ثواني ثم أتبع:

- أو القضايا التي تتعلق بخسارة فادحة لإحدى الشركات تتسبب في جعلها على محك الإفلاس، أتعجب كيف يكون الشخص يملك نفوذًا ومالًا وبين ليلة وضحاها نظير خسارته صفقة ما أو في بعض الحالات مُراهنة صاحب الشركة عليها- يا لهم من أغبياء - يخسر كل شيء.

نَظر لها وقد بدا لهُ أنَّها شاردة في اللامكان واللازمان لذا قَام بفرقعة أصابعه أمام وجهها وهتف بحماس:

- هٰكذا.

انتزعها من شرودها لتنظر له، كم يبدو مُستمتعًا وهو يشرح!
قالت بصوت مُثقل بالاستغراب والهجوم:

- هل يُثير جنونك خسارة الناس لأملاكهم؟ إنَّهم بشرٌ بالنهاية وكلنا نرتكب الأخطاء، كيف تُسعدكَ تعاسة غيرك من الناس؟

- هووب. على رُسلك أيتها المُحامية، أنا قلت أنّ هٰذه القضايا تثير جنوني لٰكنه ليس جنون السعادة ويا إلٰهي كم يبدو الآخرين رائعون وهم تُعساء ويمرون بمحنٍ كبرى. كلا، أقصد بالجنون هنا، الشغف لمتابعة كلّ ما يحدث من تفاصيل وتتبع الخيط من البداية مُرورًا بالعقد المُتداخلة بعضها ببعض وصولًا للنهاية. تشعرين وكأنكِ مُحققة وتقوم بتقفي الآثار من مسرح الجريمة وصولًا إلى فاعل الجريمة. هٰذا ما أقصده.

كان يرغب بمقاطعتها منذ البداية لٰكنه لم يفعل، لا يدري كيف صمد دون فعل ذٰلك. حال انتهائها تحدث مُوضحًا سوء الفهم، كان يتحدَّث ونبرة صوته تعلو وتنخفض، ويتحدَّث بجدية تارة ومازحًا تارة أخرى، استطرد مُذكرًا إياها:

- كما ألست أنتِ من قال قبل قليل أنّ المحاماة مغامرة وإثارة وهناك قضايا تصدمك وتخيفك؟ ما الذي حصل الآن؟!

Themis | ثيميسWhere stories live. Discover now