11_قُرِعَت طبول الحرب

ابدأ من البداية
                                    

في الخارج بجوار مقهى شعبية قديمة يجاورها عربة شعبية تقوم بصنع الطعام الرسمي والروتيني لعامة الشعب حيث "الـفول والفـلافل" وهناك جلس "أيـهم" برفقة "بيـشوي" يتناولان الفطور سويًا ومعهما "چـورچ" زوج شقيقة الثاني ومحامي "عـهد" وفي هذه اللحظة زفر "بـيشوي" حانقًا وهتف بنبرةٍ محتدة بعض الشيء لرفيقه المتبلد: 

_يابني خلصنا!! يلا خلينا نتنيل ندخل. 

أبتلع "أيـهم" الطعام الذي يلوكه في فمهِ ورد عليه بنفس التبلد اللامتناهي مُضيفًا له بعض اللامبالاة: 

_أنتَ مستعجل ليه مش فاهمك؟ ليه محسسني إنها ليلة فرحك على بنت "جابر"؟ فوق يا حبيبي إحنا داخلين نيابة، ولا علشان خلصت طفح هتصدعنا، أركن ياض. 

زفر"بـيشوي" حانقًا ثم وقف يسحب مفاتيحه وهاتفه مُتعجلًا كإشارةٍ منه بقرار الرحيل فيما أمسكه "أيـهَم" يمنع تحركه بعدما أنهى تناول طعامه ثم هتف بضجرٍ مصطنعٍ وكأنما أفسد الآخر عليه متعته: 

_قايم، قايم خلاص سديت نفسي داهية في معرفتك.

أنهى جملته حينما وقف وترك ورقة مالية بالحساب وقد وقف أمامهما "چـورچ" الذي ابتسم عليهما ساخرًا وكأنه يرافق طفلين صغرين لم تنفك المشاكسات في حضرتهما سويًا ثم بعدها توجه الثلاثة نحو الداخل في إنتظار قدوم وكيل النيابة. 

في الداخل كانت "عـهد" تقف كورقةٍ في مهب الريح تخشىٰ قدوم فصل الخريف خوفًا من هشاشتها وتصدع جذورها التي لم تكن ثابتةً من الأساس، فهي مجرد فتاة ضعيفة ترسم قوة كاذبة تحتمي خلفها من البشر وقلوبهم، تحاوط نفسها بكلا ذراعيها وتستمر في العد شفهيًا كما أوصتها "فُـلة" حينما استشارتها في هذا الأمر وجاوبتها الأخرى أن تلتزم على العد شفهيًا والتسبيح بذكر الله، وقد ألتزمت هي بتلك النصيحة حتى دُبَّ الخوف في قلبها بظهور والدة "سـعد" أمامها ترمقها بسهام عينيها القاتلتين بنظرةٍ حادة، وقد ابتلعت "عـهد" لُعابها مُبتلعة معه الغِصة التي توقفت في حلقها فيما أقتربت منها الأخرى تقف أمامها مُباشرةً وهي تُهددها صراحةً بقولها: 

_مش هسيبك وهاخد حق ابني منك، قدامك فرصة أخيرة أهو تغيري أقوالك وتعترفي على الواد التاني، أكسبي نفسك قبل ما أحطك في دماغي، وأنا هضمنلك إن ابني مش هيقرب منك تاني، هتاخدي حريتك علطول. 

حسنًا هي من تبدأ حرب المناوشات فعليها أن تتحمل النتيجة، خاصةً إذا كانت نابعةً من قلبٍ مكلومٍ وأحزانه ترتص فوق بعضها مثل الرُكام، وقد تصدت لها الأخرى بقولها:

_أعلى مافي خيلك أركبيه، أنا مبغيرش كلامي ولا بتنازل عن حقي، أنا واقفة زي ما أنا آخد حقي وحق سنين عمري اللي فاتت منه، وإذا كنتِ فاكرة إنك بكلامك بتخليني كدا أخاف، فأنتِ غلطانة يا ست، علشان كلامك وراني قد إيه أنتِ ضعيفة، وأنا في مركز قوة، رَّيحي بقى على جنب. 

غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن