الحلقة الثانية عشر:

20 0 0
                                    

الحلقة الثانية عشر:

ـ يظنُّ أني قد أميلُ لغيرهِ

أنّى وقلبي بإسمِهِ مكتوبُ

أنا ما شربتُ الحبّ إلا مرّةً

والكلّ بعدكَ كأسهُ مسكوب

‏يا ليتَ قاسيةَ الفؤادِ ترفقَتْ

بمُتيَّمٍ لَمَحَ الجمالَ فذابا

ما ضَرَّها لو أنها ابتسمَتْ لهُ

فلَرُبَّ مبتسِمٍ ينالُ ثواب

...

في صباح اليوم التالي مدت أشعة الشمس الحارقة أشعتها الذهبية في ذلك النهار النابض بالحرارة الشديدة لتداعب غرفة نوم (قيس) في المشفى ليفتح الأخير عينيه بانزعاج وألم شديد أحاط صدره (مكان الجرح) لعن شاتما هذا الألم قائلاً :اللعنة وهو يتحسس مكان المنطقة المصابة بشيء من الألم وهذا ما توضح من خلال تجاعيد وجهه الذي بينت الوجع
ثم لفت نظره الجرس الموصول بالسرير فهزه قليلاً ليصدر صوتا وبذات اللحظة حضرت الممرضة ذاتها (التي تشاجرت مع (نازلي) أمس) فنظر لها بغضب صارخا بها بقوة : ما الذي تفعلينهُ هنا يا لعينة ألم أمرك بعدم دخولك هذه الغرفة!
شعرت الممرضة بالخوف الشديد من صراخه فاعتذرت قائلةً : اسفة لكني ... لكنه لم يسمح لها باكمال جملتها إذ أنه هتف بصراخ حاد : غادري واللعنة غادري. أنت مطرودة
كانت الممرضة ستغادر لكنها توقفت للحظات مستديرة له بوجه شاحب مصفر اللون وأرادت الاعتراض قائلةً : لك... إلا أن صراخه الحاد فاجأها وأرعبها منه وهو يردف قائلاً : إن لم تخرجي الأن سأحرص على رسم بجثتك لوحة رائعة عندها شعرت بالذعر فهرولت خارجة وهي تلعن نفسها لأنها أغضبت التمساح وانسلت دموعها فهي الأن فقدت عملها وأيضاً حبيبها وعلمت أن عليها هذه المرة أن تستسلم وكل هذا بسببها
وعند باب الخروج من الغرفة اصطدمت ب(نازلي) بقوة لدرجة أنها خلخت توازنها وكادت أن تسقط أرضاً بل وقعت أرضا فرفعت رأسها غاضبة من الشخص الذي أوقعها لكنها صدمت حالما رأتها فقالت بنفسها : تكلم عن الشيطان فيظهر أمامك لم تشعر (نازلي) بكراهية المرأة نحوها بل مدت يدها لها مساعدة إياها على النهوض من الأرض قائلة معتذرة بابتسامة : أسفة جداً لم أنتبه عليك هل أنت بخير!
قبلت المرأه مساعدتها على مضض وهي تتوعد لها بالقتل لكن ليس الأن بل عليها أن تتقرب منها وتكسب ثقتها هذا إن أرادت الرجوع لمكانتها هنا
فتظاهرت بالبكاء وأسدلت دموع التماسيح وغيرت من صوتها مخرجة النشيج والنحيب باكية صادمة (نازلي) والتي شعرت بالخوف الشديد عليها فقالت وقد بدأت تطبطب على ظهرها برفق شاعرة بالارتباك : مابك أنستي هل تشعرين بالألم؟ أنا أسفة لم أقص...؟
إلا أن المرأه بكت أكثر قائلةً : أنا أسفة.. وخرجت راكضة باكية
كانت (نازلي) دهشة مستغربة منها فقالت موجهة كلامها لزوجها والذي كان يناظر مسرحية المرأة بلا مبالاة و عدم اكتراث : ترى ما بها! أتعرف شيئاً (قيس)
رفع الأخير كتفيه بلا مبالاه مدعيا عدم المعرفة وقال: لا أعرف حقا وحين رأى (نازلي) تستدير للحاق بها قال لها: أين تظنين نفسكِ ذاهبةٌ
قالت بغضب: ألا تر ساذهب لتقفي أثارها فلا يمكن أن تكون قد ابتعدت كثيرا كما أني أريد أن أعلم السبب الذي جعلها تبكي
فقال (قيس) : لا تتعبي نفسك صغيرتي فأغلب الظن أنك لن تجديها؟
استدارت له (نازلي) قائلة وقد وضعت يديها على وركيها باستفهام وشمت رائحة شيء سيقوله لن يعجبها ومع هذا تجرأت وسألت : حقا ولماذا لن أجدها ثم أشرق عليها الفهم فقالت متسائلة وهي تدعي أن لا يكون ما في بالها صحيح : هل فصلتها من عملها؟
ابتسم (قيس) بشيطانية مقرا بما فعله فاقشعر بدن الأخيرة ثم قالت بواقعية : هيا لا يمكن أن تكون جاداً (قيس) لا يمكنك طردها فالمرأة قد فنت سنين حياتها هنا في هذا المشفى وفي الأخير تأتي حضرتك لتطردها لأي سبب طردتها اصلا هل لي أن أعرف!
قال (قيس) وفي نيته غلق الموضوع مديرا وجهه عنها : لأنها أتت من نقطة ضعفي وأنا لن اسامح ولن اغفر لأحد أن يأتي منها وينفذ سالماً من العقاب! ثم غيري الموضوع
تفرست (نازلي) في تقاسيم وجهه عساها تلمح أثر للمزاح لكنها لم تجد أي أثر له فابتلعت ريقها دهشة واستغراب منه فكيف له أن يقول هذا وهل هذا يعني أنه بات يعتبرني نقطة ضعفه هذا لا يعقل بتاتا!
وأرادت قول شيء إلا أنه غير الموضوع قائلاً : اقتربي جميلتي ودعيني أرى بنفسي كم أزددت جمالا !
ودون وعي منها تحرك جسدها لوحده متقدماً إليه
وشعرت بجيوش الخجل تكتسح وجهها حمرة فبدا شكلها فاتن آسرا لعين التمساح والذي قد رغب بها الأن دون هوادة لكنه تذكر أنهم بالمشفى فأوقف نفسه بصعوبة ولعنها قائلاً : اللعنة متى سأخرج من هذه اللعنة اللعينة التي سجنت بها! فلدي أعمال كثيرة علي القيام بها وهم يأسرونني هنا؟
رفعت (نازلي) حاجبها معلنة استغرابها قائلةً : خيرا ما هذه الأعمال التي تريد القيام بها الآن!
نظر لها (قيس) بطرف عينيه وقال بمكر وهو يمرر عيناه على جسدها جاعلا جسدها يشتعل : أعمال تتعلق برغبتي بك جميلتي الحلوة!
تشرعت عيناها صدمة ونطقت بتلعثم وهي تحاول أن تجمع الحروف التي تبعثرت في داخلها من شدة الحرج الذي ألم بها من كلامه ووجهها قد تحول للأرجواني واشتعل خجلا وصار لونه يتراوح ما بين القرمزي والقاني فما هذا الرجل ألا يخجل أبدا!
ثم رفعت يدها اليمنى وضربته على كتفه بخفة قائلة: ما أشد وقاحتك؟ ألا تخجل أبدا!
لينفجر(قيس) ضاحكا الأمر الذي جعلها تدعي الغضب وبلا أي قصد منها قامت بلكمه على صدره لكمة خفيفة لم تؤثر به أصلا لكنه ادّعى عكس ذلك فقام ليتأوه من الألم وقد جحدت عيناه وجعا
عندها شعرت (نازلي) بالذنب والندم فقالت: أسفة ثم أخفظت رأسها لتصل لصدره لتنسف على مكان الجرح إلا أن الأخير جذبها مسقطا إياها في أحضانه لترفع رأسها ناظرة له بغضب ثم تحركت لكنه لم يسمح لها وهو يهمس لها ثم يقترب من شفتها مقبلا إياها قبلة شغوفة مليئها باشتياقه وحنينه إليها لتمر لحظات حتى شعرت (نازلي) بالاختناق فبدأت تحاول ابعاده عنها لكن دون فائدة لتتجرأ في الأخير على لمس الجرح ليبتعد (قيس) وكأن أفعى قد لدغته وهو يشعر بأن النار قد بدأت بحرقه فابتعد عنها لتتنفس الهواء وهو ينظر لها بتألم فيما كانت هي تسعل بقوة مكافحة ليدخل الهواء رئتيها
وهي تفكر بأنه كاد يقتلها خنقا ذاك المجنون؟
كادت أن تتكلم لكن طار كلامها متبخرا أو بالأحرى التصق بحلقها وهي ترى (سام) يفتح الباب ويدخل بابتسامته المقيتة فكاد أن يغمى عليها
لم تدر ما تفعل أتصرخ بالحقيقة وترميها في وجه (قيس) كالقنبلة وماذا سيحدث لو رفض الأخير تصديقها واتهمها بالكذب وللحظة تخيلت نفسها تصرخ بالحقيقة لكنها ولسبب ما لم تستطع ذلك وانتفضت ما أن شعرت بأصابع (قيس) تداعبها وهو ينظر لها بغرابة قلقا عليها قائلاً :
-( نازلي) مابك حبيبتي هل أنت بخير؟
اين ذهبت ثم ما هذا الشحوب الذي يعتليك تبدين كالأموات ثم لمس جبهتها قائلاً : اانت محمةمة
لتناظره ( نازلي) باستغراب وعينان جاحدان من الرعب ثم أخفت ملامحها وارتدت قناع الابتسام قائلة عندما أبعد يديه متأكدًا حيال حرارتها : أعتذر شردت قليلاً ثم أدارت عينيها في الغرفة فلم تجد ( سامر) فسألته: وأين صديقك؟
فقال بطريقة اعتادية :أنه ينتظرك إذ أنك ستعودين معه للبيت؟
عندها نطق صوت ضعيف متفاجئ داخلها: أذهب معه أ حقًا قال ذلك؟
ولكن هذا مستحيل فلن أذهب مع هذا الحقير لأي مكان
- لاااااا لا يمكن أن يكون ذلك حقيقي أرجوك لااااا (قيس) لا يمكنك أن تفعل هذا بييييي!
طبعا لم يخطر ببال (قيس) بلحظة من لحظات حياته أن يفكر مجرد التفكير بخيانة صديقه (سامر) له لذا أرسل زوجته معه ليوصلها إلى البيت
وطبعا لم تستطع (نازلي) رغم شحوبها واصفرار لونها كالليمون أن تخبر زوجها بما فعله صديقه المصون لذا حينما خرجت من الغرفة سقط قناعها وبدأت المخاوف تأكل رأسها من الداخل فيا ترى كيف سأتمكن من الذهاب معه في سيارة واحدة بعدما فعله بي قبل قليل في المشفى يبدو أن (قيس) زوجي لم يعرف أي وغد هو (سام)
ولا أستطيع اخباره ذلك أيضا خشية أن لا يصدقني و يقتله فماذا أفعل؟
كانت تفكر بهذا وهي تتجه للخارج مهرولة الخطى فالأن أول شيء ستفعله ستتشجع وتهرب عائدة للبيت فلن تركب بسيارة واحدة معه وإن قتلها
...
فيما كان (سام) ينتظرها في الموقف لينفذ ما طلبه صديقه وفي نفس الوقت يحصل على متعة كبيرة ومضى يتخيل الأشياء القذرة التي سيفعل بها فقد حان الوقت ليريها من هو سيدها ومضى سارحا في بحر أفكاره كما اعتاد دوما منذ أن تذوق طعم جسدها الناعم صار مدمنا عليه
وبينما هو في تخيلاته تلك صدحت رنة هاتفه الخلوي ليلعن قائلاً ما إن لاحظ الاسم فقال بعدم اكثرات : ماذا الأن يا (صوفي) بحق الإله ماذا تريدين؟
رأت(نازلي) ان (سام) مشغول بالتحدث على الهاتف لتبتسم براحة فهاهو الحظ قد وقف معها أخيرا الأن ستسير خفية عن (سام) للمنزل
وبدأت تمشي على أطراف أصابعها دون إصدار صوت فحقيقة لم يكن علي تضييع هذه الفرصة ولم اضيعها في البحث عن سيارة اجرة تقلني للمنزل
والذي لا أعلم حتى أين يقع لذا استخدمت نظام GBS
وقد لاحظت شحوب وجه السائق وتوسع عينيه بصدمة لأسأله بقلق : أتسكنين في منزل التمساح!
توسعت عيناي فما الذي يتحدث عنه هذا الرجل أي تمساح يقصد أيقصد أنني أسكن في حديقة للحيوانات؟
فنفيت برأسي وقلت : لا حتما لا أنا فقط.. لتقاطعه (نازلي) قائلة:ثم صمتت ولم تدري ما تقول تنهد السائق قائلاً : أسف لفضولي لكني أريد أن أعرف !
ما علاقتك أنت بالتمساح فهو رجل شرير بغيض وسمعت أنه من المافيا
فأنت تبدين فتاة طيبة لطيفة لا شريرة
ارتبكت جدا فلم أعلم ما اقول أأقول أن زوجي هو
من لديه وأني مجرد دخيلة ثم من يكون التمساح وما علاقته ب(قيس)
علم السائق من صمتها الطويل انها لن تفصح له لذا قال وهو يهز كتفيه بلا اكثرات : حسنا أسف لفضولي سيدتي
ثم تابع القيادة بصمت
وبعد ساعة لاحظت أنني واقفة أمام المنزل
فشعرت بالسعادة وهممت بشكر السائق وتسليمه أجرته لكن لم أستطع ذلك لأنه قد ذهب مسرعا
وهذا ما أشعرني بالغرابة والاندهاش
دخلت حديقة منزلي وجلست على الأرضية العشبية وغصت في تفكير عميق وأنا افكر فيما سأفعله مع (سامر) وهل سأخبر (قيس) بما فعله الوغد بجسدي وكيف انتهك حرمته واستباح عرضي هو وأصدقائه الحثالة
وهل سأقدر فعلا على تمزيق أواصر الصداقة التي بينهما وخاصة وأن (قيس) يبدو أنه يحب صديقه ذلك كثيرا كما لو كان أخاه
بينما أنا كذلك أحلل الوضع وأناقش الموقف في رأسي مرارًا وتكرارًا رأيت عصفور صغير يغرد فوق الشجرة لأتنهد قائلةوأنا أقف منتصبة:على كل حال لن أجرأ على تهديم صداقة ظلت سنوات أبدًا فقط لأجل شيء حدث بالماضي
كانت (نازلي) جالسة تحت ظل الشجرة غارقة في أفكارها الكثيرة بأمواج متلاطمة بينما كانت صوفيا داخل المنزل تراقب السماء حتى انتبهت لها فاستفحل الغضب الأسود وأطلق البركان عنان لهبه محرقا دواخلها: فما الذي تفعله هذه الحمقاء الأن لما تجلس هناك كالمتسولة لابد أن أعرف وإلا لن أكون (صوفيا سالم) لكن قبلها علي أن أتصل ب(سامر) وأعرف منه احوال (قيس)

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: May 14 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

رواية هوس التمساحWhere stories live. Discover now