الفصل ال٢١

ابدأ من البداية
                                    

رفضت الانصياع خلف كوابيسها تلك المرة، يكفيها ما حدث بالأمس أمام الجميع، انتفضت فاطمة بجلستها ويدها تزيح قطرات العرق المبتل عن جبينها، انحنت للكومود تجذب زجاجة المياه ترتشفها بأكملها عسى حلقها الجاف يرويه تلك الكمية المفرطة، سيطرت على انفعال أنفاسها المتشنجة وحينما هدأت بالفعل، اتجهت لغرفة علي بخطواتٍ مترددة، حتى انتهى بها الحال قبالة فراشه!

كان يغفو باسترخاء تام، يده مضمومة أسفل رأسه ويده الأخرى تحاوط تلك الوسادة القابعة بأحضانه، لا تعلم لماذا شعرت بأنها ولأول مرة تحسد رؤيته بتلك الراحة التي تفتقدها منذ سنواتٍ، وبذات اللحظة ينتابها شعور غريب بالغيرة لضمه تلك الوسادة بهذة الطريقة التي جعلتها تتمنى أن تكون هي من تغفو بأحضانه، ترى هل ستراودها تلك الكوابيس إن حظيت بالبقاء داخل ذراعيه!

اعتلاها الخجل لما يقتحم عقلها، وتنحنحت في محاولة لايقاظه حتى يتجه للبقاء جوارها، اعتادته يغفو على المقعد المجاور لفراشها منذ أن بدأ بمعالجتها، كانت تستيقظ كل يومٍ بالمشفى تجده جوارها، أحيانًا كانت تختلس النظر إليه، وتحمد الله على وجوده جوارها، فكل مرة أحاطها كابوس مزعج يتبدد انزعاجها فور ان تستيقظ وتراه لجوارها.

مدت يدها باستعداد لايقاظه، ولكنها توقفت حينما تذكرت أخر مرة قامت بطلبها بأن يظل لجوارها، باليوم التالي كان لا يقوى على تحريك عنقه من شدة الألم الذي واجهه لغفوته على مقعدٍ غير مريح بالمرة.

ارتبكت ولم تعلم ماذا ستفعل؟  فهداها عقلها على البقاء هي لجواره على المقعد القريب من الفراش تلك المرةٍ، وبالفعل جذبت المقعد لتضعه على محاذاة الفراش وتمددت عليه تحتضن جسدها بوضع الجنين، وتلك الهالة الآمنة التي منحتها لها صوت أنفاسه الهادئة جعلتها تغفو سريعًا لجواره!

لا يحتاج الا لثلاثون دقيقة ليتأكد بأنها سقطت بنومها، ففتح رماديته واستدار بنظراته الحنونة إليها، مبتسمًا بعشقٍ يجرف عواطفه، فاستقام بجلسته يُمتع عينيه المسكينة بالتطلع لها عن قرب.. ما أعظم انتصاراته اليوم؟ حبيبته تتسلل لغرفته وتبقى أمامه تتأمله ومن ثم تختار النوم لجواره!

ربما قد يكون شيئًا عاديًا لأي رجلًا، ولكنه كطبيبٍ متخصص، يشمل حالة فطيمة يعلم أنه حقق إنجاز عليه الاعتراف به لذاته!

أبعد علي الوسادة عن صدره وتسلل إليها بهدوءٍ، فمال لمقعدها يبعد تلك الخصلة المتمردة على عينيها خلف أذنها ليمكن من رؤية باقي وجهها المحتمي عنه، ارتبك من تلك الفكرة التي تلح عليه بتلك اللحظة، فخشى أن تستيقظ إن منح جبينها قبلة عابرة تستنشق رائحتها، فأكتفى بحملها لفراشه والبقاء على مقعدها الغير مريح بدلًا منها.

استند بقدمه على الفراش وأراح جسده على المقعد، هامسًا بسخرية وابتسامته لا تفارقه:
_بقيت تخصص نوم كراسي أكتر ما بزوال المهنة نفسها!
وتابع ووجهه يميل لجهة نومها:
_كله يهون علشان خاطر عيونك يا فطيمة!

الطبقة الآرستقراطية (صرخات انثى) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن