المقطع الأول

12 0 0
                                    

كانت الليلة باردة وهادئة، والنجوم تتلألأ في السماء كأنها ملايين الألماس المتناثرة على قماش أسود. في هذا الظلام، كانت هناك قصة تنتظر أن تروى، قصة تنبض بالأسرار والغموض...

في زاوية صغيرة من العالم ، إنتظرت شخصية غامضة لنكتشفها . كان لذلك المراهق إسم يميزه عن بقية العالم ..و لكن بطريقة مختلفة ،فإن الأسماء لا تتميز بشيئ إلا لمن يحمله .

كان أدولف سيبلغ الثامن عشر من عمره بعد شهرين ، شخصية مهملة لأوقاتها ...بمظهر متهالك و شعر غير مصفوف ، لا يظهر على وجهه إشراقة الحياة .عيناه تنطق بالإحباط و التشاؤم ، مشتت و غير قادر على التركيز . و يعيش في دوامة قلق و كثرت عليه العقد النفسية ، من طباعه السيئة انه لا يحافظ على نظافة محيطه و لا يهتم بنفسه ولا بغيره.

كان أدولف يذهب لعالمه الخيالي و يفكر بالإنتحار . و الأسوأ ..كان يفكر أيضا أن يقدم على قتل شخص ما . و لدرجة أنه يفكر في ذلك دائما ، و لدرجة أنه يفكر بالدم الأحمر المتناثر في أنحاء محيطه طوال الوقت ، و لكن لحسن الحظ ، لم يسمح له جبنه . و لا يملك الجرأة لفعل شيئ كهذا ، و إكتفى بكتابة أفكاره و رسم ما يدور في عقله في دفتر يحمله طوال الوقت. دفتر غامض يبدو كأي دفتر عادي آخر عند النظر إليه ، عند فتحه يبدأ الغموض في تتابع الصفحات ، صفحاته تتبعها رموز غريبة ..و ستبدو أيضا كأنها تنبؤات بالمستقبل . إعتاد أدولف أن يشتري اللون الأحمر من أجل دفتره .ينتهي حبر القلم فتتلاشى الأفكار . فقد أصبح دفتره كتلة من صفحات مليئة بالرسوم الدموية ، و بجانب أنها تعبر عن الحقد و الكره الطبيعة البشرية .

و ومع ذلك. توجد أشياء أخرى تجذبه و تثير إهتمامه كسمع الموسيقى ، فقد كانت الموسيقى هي المضاد الوحيد لإبعاد تلك الأفكار الجهنمية . لم يكن لأدولف نوع مميز أو ذوق خاص لسماعه ، فأحيانا تستقبل طبلي أذنيه أوتار ملتوية تأخذ الأذهان و تثير الجنون و الفزع ، فقد كانت الموسيقى الصاخبة. و أحيانا يطفو أدولف مع الأوتار الرقيقة الهادئة التي تحمل سامعها إلى السحب ،تلك هي الموسيقى الهادئة .
لطالما كانت الموسيقى الهادئة هي التي كانت تخمد نيران غضب أدولف. فقد كانت بعض المواقف تثير غضب أدولف و تزيد على حالته الميؤوس منها ، فقد كان والديه يتجادلان في أي موضوع كان ..حديثهما و كأن حلقة الثقة و الحب قد أنكسرت . و مع ذلك...فربما لم يكن حبا على الإطلاق .يكاد لا يطاق البيت أبدا .فكانت المدرسة هي المهرب الوحيد للإبتعاد عن عائلته المتشائمة.
بطبع لم يكن الذهاب إلى المدرسة كل يوم قرارا من أدولف، فلابد من أنه إجباري بكل الأحوال . و لم تكن درجاته من الدرجات التي يمكن الإفتخار بها . ففي معظم الأحيان كانت المدرسة هو المكان الذي تتيح له الفرصة لينغمس في أفكاره، و الغرق في الدماء التي كان يرسمها .

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Apr 17 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

أدولف المتعطش للدماء Where stories live. Discover now