Chapter three 3

16 3 2
                                    

استيقظتُ صباحاً و لَمْ أرَ والدي لجانبي كما توقعت...
كانَ قد ذهب للعمل ، إنّ الساعة الآن السادسة إلّا ربع ... لقد غادرَ منذُ ربع ساعة ...
غلبني النعاس البارحة بشكلٍ مفاجئ ...
غريب... لا أشعرُ بألمٍ جديدٍ اليوم ...
ليتني لم أتكلم فركبتي بدأت تتألّم ، إنّهُ جرحٌ آخر يمتدّ من جانب ركبتي حتى الجانبِ الآخر أفقيّاً ...
تبّاً ، كم هذا مزعج تؤلمني عندما أقوم بطيّها ...
لا بدّ أنّ والدي لم ينتبه عليها ، سأضمّدها سريعاً و أغيّر ملابسي ثمّ أتجهّز لكيلا أتأخر اليوم أيضاً على الرغمِ من استيقاظي باكراً ، و لكن ربّما سيؤخرني هذا الجرحُ اللعين ...
أعجبتني الكتابة بصيغة الحاضر للصراحة و لكن هذا يبدو قليلاً غريب ، أفضّل الكتابة بالماضي لأنها مذكّرات ...
نزلتُ عن السرير و ما إن لامَسَت أقدامي الأرض شعرتُ ببرودتها ، وقفتُ ، و عندما مشيت لا أعلم لمَ كلّ هذا الألم؟! ، لم أستطع أن أدوس عليها بشكلٍ جيد ، قررت ، سأستندُ على صديقاتي أو سأستقلّ الحافلة ..
بدّلتُ ملابسي مع بعضِ المعاناة ، و رتّبتُ سريري ، طبعاً ضمدتُ ركبتي قبل أن أغير ملابسي ، ثمّ ذهبتُ أعرُجُ لغرفة تلك الحمقاء اللعينة ، أيقظتها لتذهب لجامعتها ، فاستيقظت كالمجنونة و تجهّزت بسرعة و رحلت باكراً جداً على الرغمِ من أنها غير متأخرة ، و لكن بالطبع .. هرمون الأخوة عندي يسري في عروقي أكثر من الدم .. هه لم تنتبه ، لقد ضبطتُ ساعة المنبهِ منذ يومين بشكلٍ خاطئ و لم تنتبه حتى الآن .. أحبّ شرّي هذا ...
لقد طُرِقَ الباب باكراً .. أتَت سومين باكراً ..
فتحتُ لأقوم بالصَّفعِ مباشرةً على رأسها و لكنّها أصابت كتِف أحدهم ... كانَ هذا رايّ و فرقُ الطول مضحكٌ للصراحة ، عبثَ بشعري بخفّة و دخلَ مبتسِماً ..
"صباحُ الخير توري"
" أ ... صباح الخير ... ، رايّ أأنت بخير؟ لماذا لم تذهب اليوم مع صديقَيك؟ "
صحيح لم أخبركم ، بعد انتقالنا إلى هنا بدأ رايّ الذهاب أغلب الأحيان مع صديقين تعرّف عليهما حديثاً لأنه يخجلُ من أن يمشي مع خمسةِ فتيات ، ليس بالخزي بل بالخجل لأنه خجولٌ بطبعه ، و لكنّه اعتاد عليهنّ مع الوقت و لكن مع هذا بقيَ مع صديقيه لكي لا تشعرَ إحدى الفتيات بالإحراج إن كانت تريد أن تكلّمنا بأمرٍ خاصّ ..
تنهّد بلطفٍ لكي لا يقلقني ثمّ نطق..
" لا يوجد شيء أنا بخير ، فقط هما سيتغيبان "
ابتسمتُ بخبثٍ و نقرتُ رأسه بإصبعي بقوّة ليتألمَ قليلاً ..
" أرأيت ؟ ، في النهاية ستعود إليّ بعد كلّ شيء ، و لو أصبح لديك مليار صديق "
ابتسمَ بهدوءٍ بارد قليلاً مع بعضِ الحنان ، شيءٌ لا يستطيعُ أحدٌ قراءته غيري .. قال بصوتٍ هادئ ..
" و متى أنكرتُ هذهِ الحقيقة توموري؟ "
كانَ ردّهُ غريباً ، لقد كان هادئاً بشكلٍ مرعبٍ يبعثُ على القلق ، لا بدّ أنّهُ حزين ... لقد تذكر عائلته أكيد ، لربما نامَ البارحة باكراً جداً لهذا السبب ، لا أعلم ، فقط شعرتُ بأنه يجب عليّ معانقته ، شيءٌ ما أخبرني و دفعني لهذا ، ففعلت ..
ربّتَ على رأسي برقّة و عانقني بدفئه المعتاد المحبب لقلبي ...
" و أنا أيضاً لا أنكرُ بأنك الأفضل .. لأنني لا أستطيع ، تعلم أنت لم تعد صديقي فحسب ، أنتَ أخي و سندي "
ابتسمَ بانكسارٍ و عرفتُ هذا بدونِ أن أنظُر لوجهه حتى ...
" شكراً توموري ، أنتِ الأفضل "
" أعلمُ هذا "
شددتُ على العناق أكثر قليلاً ثمّ فصلته ..
" هيا راي دعنا نتناول الكعك و الحليب لا زال الوقتُ باكراً للذهاب ، و أنا واثقة كفاية لأراهن بثقة بأنك لم تأكل شيئاً بعد "
" هذا صحيح "
" هيا تعال للمطبخ معي "
" قادم "
مشيتُ أمامه ممسكةً يده و كنتُ أمشي مشيةً عرجاء لألمي اللعين ..
" توموري لمَ تمشينَ هكذا ؟ "
" إنّه جرحٌ في ركبتي يمنعني من الدعس عليها بشكلٍ جيّد لأنها ستؤلمني و لن تتعافى أسرع "
" ما سبب هذا ؟ "
سكتُّ لأفكر بما سأقوله ، و لكن ما أوقفَ تفكيري كانَ نفساً ساخناً لجانبِ أذني و رقبتي فشهقتُ لصدمتي و توقفتُ ثمَّ أدرتُ وجهي إليه بفزع ...
نظرَ إليّ و كان مصدوماً مما فعلته بالأخص عندما شهقت
" توموري ! هل أنتِ بخير؟ "
ظننتهُ هو و لكن ...
رأسهُ بعيدٌ عني و قبل كلّ هذا يستحيل على رايّ فعل شيءٍ وقحٍ كهذا ،
أنا صديقتهُ المفضلة بل أنا أخته و عائلته ...
سأحاوِلُ تناسيَ الأمر و إلهاءه ..
" توموري هل أنتِ بخير يا حمقاء؟ ماذا دهاكِ؟ هل تؤلمكِ لهذا الحدّ ؟ "
" لا شيء ، فقط أكمل تعرِف كم أنا خرقاء "
" بالطبعِ أعلم "
حملني فجأة و اللعنة عليه ، توجّه بي للمطبخ و وضعني على الكرسيّ فنزلتُ فوراً
" و اللعنةُ تلعنك يا كلب ، لمَ فعلتَ هذا ؟ لقد كانَ مُحرِجاً و مزعجاً "
" لا بأس ، ألستُ أخيكِ كما تقولين؟ ، أنتِ بالفعل غبية توموري "
مهلاً ،... هو محقّ ، لمَ فكّرتُ به فجأة بشيءٍ غير أخي!؟ ... أنا حقاً غبية ..
أنا واثقة بأنني أنزِفُ البراءة مع الدماء ...
البارحة صديقُ أبي و اليوم صديق طفولتي و يالغبائي ..
هيا الآن ، هو شقيقكِ كفّي عن هذا ...
" توموري أنتِ غبية لأنكِ تشردينَ كثيراً آخر فترة ، أعلمُ أنكِ لستِ بخير ... ، ألم تقرري إخبارنا بعد ؟ "
بقيتُ صامتة لفترة بينما هو يخرجُ الكعك من الخزانة و أنا أصبّ الحليب فوق السكّر في الكوب .. نطقت ..
" هنالكَ أحدهم سيساعدني لكي أتخطّى مشكلة صغيرة ، و أظُنّ بأنني إن استطعتُ تخطيها سأخبره فهو سيستطيع مساعدتي "
" أتواعدينَ و لم تخبريني!؟ "
لقد أفزعتني يا فتى! ، ما هذه النبرة المخيفة؟! كاد قلبي أن يتوقف .. من الجيد أنني لم أقل هذا
" مهلاً بالتأكيد لا رايّ بحقّ الجحيم! "
ليتني أواعدُ ذلكَ السونغمين .. ، لو كنتُ أكبر قليلاً ، أوه يالغبائي كفّي عن هذا توموري ، إنه تفكير ساذج للغاية
" إذاً من هو هذا الشخص ؟ "
تساءل بنبرة مخيفة ، فأجبته بصدق
" إنه صديق والدي و هو طبيبٌ نفسيّ ، أظنه سيساعدني "
سيسخرُ منّي واثقة ... و لكن ملامحهُ لانَت !
" أنا معكِ بهذه الخطوة توموري ، وضعكِ غريبٌ للغاية في الآونة الأخيرة "
وضعتُ الكوبين أمامنا و جلستُ على الكرسيّ المجاور لكرسيّه أغطّس الكعك في الحليب و أنا أفكّر بعمقٍ و بشكلٍ جدّيّ ... و لكن قلتُ بعدها فوراً
" هل أنا حقاً غريبة لتلك الدرجة آخر فترة ؟ "
صمتَ يحاولُ التفكير بإجابةٍ على سؤالي ، فأكلتُ من الكعكة ثمّ أكملتُ ..
" أعلم بأنني لستُ على ما يرام آخر فترةٍ أبداً ، و أعلمُ أن جميعكم لاحظتم .. و لكن ... هل وصلَ إلى هذا الحد؟ "
" أنتِ ... انكسرتِ توموري "
قالَ هذا و اكتفى ، صمتَ مطولاً ، لم أفهم ماذا كان يقصد فركّزتُ معه أكثر و تطلّعتُ إليهِ بفضول ..
" ماذا تعني ؟ "
" توموري أنتِ ... لطالما كنتِ غامضة و باردة ، و لكن في نفسِ الوقت كنتِ تملكين حسّ الفكاهة القادر على إضحاكي في ذروة أحزاني و عندما تكون مشاعري في الحضيض ، حتى و لو لم أكن حزيناً ، كنتِ تضحكينني دائماً ، أي عندما كنّا نجلسُ سويّةً كنا نضحكُ كثيراً على أتفهِ الأسباب و لا نتحدّث معاً بهذه الجديّة بلا سببٍ محدد أو إننا أصبحنا لا نتحدث كثيراً كالسابق ... أنتِ نحفتِ توموري و وضعكِ الصحي غير جيد البتة ... و وجهكِ بدأ يشحبُ كثيراً ... ، البارحة في الحصة الأولى كنتُ أجلس في المقعد الذي خلفكِ ، كنتُ أسرّح شعركِ بشكلِ ضفيرة ... لاحظتُ شيئين .. الأول أنكِ لم تكلميني أو تمنعيني كالعادة فأنا أعلمُ أنكِ لا تحبين أن يعبث أحدهم بشعركِ و لكنّكِ لم تلحظي حتى أنني كنتُ أجدّلهُ لكِ حتى... أما بالنسبةِ للأمر الثاني .. فلقد كان شعركِ يتساقط بكثرة و أطرافه كانت متقصّفة بشكلٍ غزيرٍ على غير العادة ، لطالما كانَ شعرُكِ الأجمل ... ، أيضاً ألاحظ أخر فترة حينما أعانقكِ أو أمسك بيدكِ أنّ حرارتكِ ليستْ عند الحدّ الطبيعيّ و هي غير منتظمة ، و هذا منذ فترة ، حرارتكِ غير مستقرة إما تكونين تعانينَ من الحمّى المتوسطة أو تكونين باردة ...
هذا غير أنكِ تشردين كثيراً و تقومينَ بأفعالٍ غريبة فجأة من دون سبب ... و بالإضافة لأنك أصبحتِ تخجلين مني أكثر في آخر فترة عندما أحملكِ أو أمسك بيدك .. لطالما حملتكِ في الشارع و ركضتُ بكِ و لطالما تشابكت أيدينا و نحنُ نغني ... ألا تذكرين حقاً ؟ ...
كنتُ سأخبركِ بأنكِ ربما قد نضجتِ فكرياً و بدأتِ تخجلين ، و لكن وضعك الصحي مثيرٌ للريبة يا توموري .. أنا قَلِقٌ نحوكِ بشدّة ، انظرِي لجروحكِ التي تزداد خطورةً يوماً بعدَ يوم و لا يزال السبب مبهمٌ بالنسبةِ لي ...
أنا فقط ... خائف ... لا أريدُ أن أخسركِ و لا أريدُكِ أن تتركيني كما فعل والديّ و أختي "
و اللعنة أغلى الجواهرُ في عالمي الآن تتساقط ! انفطرَ قلبي لهذا ، عندَ قَولهِ آخر جملة استضممتُ به بقوة .. لا أعلم لماذا .. و لكنني اختبأتُ بحضنهِ أدفنُ وجهي بينَ أضلعِه لأنضمّ لقلبهِ المهشَّم .. حاولتُ أن أطمئنهُ بكلماتي قليلاً علّهُ يهدأ و تتوقف كنوزي عن الهدر ..
" أنا بخير أخي .. أنتَ بجانبي أنا بخير ... هذا ما يعنيه وجودكَ لجانبي .. ، أمرُّ بوقتِ عصيبٍ قليلاً ، أعدكَ بأنني سأبوحُ لكَ بكلّ شيء .. ما يمنعني عن إخباركَ فقط هو أنني لا أريد إشغالَ تفكيرك بأمري أبداً ... أنتَ تقلقُ كثيراً و بشكلٍ مبالغٍ فيهِ نحوي ، لا أريدُ أن أشغل بالك نهائياً "
" لا بأس .. أنتِ عائلتي "
نظرتُ له بأعينِ الجراء فعينيّ قد لمعت لتشكُّل الدموعِ فيها ، أعدتُ رأسي لحضنهِ
" لا تقلق .. عائلتكَ بخير ، أعدُكَ بأنني سأنتبهُ على نفسي أكثر لأجلك .. أنت الأغلى لدي راي .. أنا أحبّكَ أخي "
" و أنا أيضاً أختي "
إنّهُ حضنٌ دافئٌ منهُ .. و كالعادة يجعلُ جليد قلبي يذوب بحرارة حنانه ...
قبّلتُ وجنتهُ سريعاً للطافته ..
" هيا لنتناول الكعك و الحليب قبل أن يبردَ يا مهرّج كي لا نتأخّر "
" لقد بردَ بالفعل يا فزاعة الحقول "
ضحكنا بعدها طوال الوقت و كأنّ هذه الدراما لم تحصُل ، تحدثنا بهزلية و بقينا نضحكُ حتى وصلت سومين فذهبنا ، أسندني رايّ إليه و نحن نمشي .. حقّاً هو الأفضل ...
و طبعاً بالتأكيد سخرت مني صديقاتي بسبب مشيتي العرجاء ..
وصلنا للمدرسة باكراً اليوم لأن سويونغ التي كانت تؤخرنا عادةً كانت جاهزة على الوقت ..
مرّ اليومُ سريعاً جدّاً ، كان يوماً ممتعاً رغمَ تألمي و حدوث بعض الأشياء المريبة معي التي لم يلحَظها أحدٌ غيري ، وصلتُ للمنزل قبلَ انتهاء الدوام لأنّ الأستاذ تغيّبَ عن آخر حصّتين لأمرٍ طارئ فانصرفنا باكراً ... كلُّ شيءٍ اليوم يحصلُ باكراً ..
استحممتُ و جلستُ في غرفتي ... غريب ، لقد رتّبتُ سريري اليوم صباحاً كما أتذكّر ، لمَ الأغطية مبعثرة بهذا الشكل ؟
لربّما نامت عليهِ أمي أو أختي .. و لكِن ليا لم تعُد بعد من الجامعة و ذهبت قبلي ، على الأغلب هي أمّي تأخرت في الذهاب للعمل و استلقت قليلاً ، و لكن أمي لا تدخُلُ غرفتي أبداً إلا وقت إيقاظي ، و إن كان ... لديها سرير ... تشه! تباً لتفكيري الزائد الذي يجعلُ من رأسي يؤلمني ...
نزلتُ بعدها للمطبخ و تناولتُ زجاجة عصير لأشربها على الرغمِ من برودة الجوّ ...
آلمتني ركبتي فجأة فجلستُ على الكرسيّ في المطبخ أنظرُ لكِلا الجرحين ...
حسبما أتذكّر .. لديهما نفسُ العمق ، إنّهُ مؤلمٌ بالفعل .. تُرى ما سرّ هذا ؟ يستحيلُ أن يكونَ أمراً عابراً ...
إنّها نفس الأنفاس تلفحُ رقبتي كما اليوم صباحاً! ، تبّاً لهذا هل أصبتُ بالجنون ؟! بدأتُ أتلفّتُ حولي في كلّ مكان .. لا يوجد أحد ..
أ... أحدهُم لمس خصري أسفل كنزةِ الهودي ..
إنها يدُ رجل! أنا متأكدة ... تباً و اللعنة ألف مرة الهلوساتُ تأكلني .. يا إلهي ساعدني لا زلتُ أشعرُ به ..
فُتِحَ باب منزلنا ! و أخيراً .. إنّهُ أبي لقد أتى مبكّراً جدّاً .. تقدّمَ نحوي لأنني كنتُ الوحيدة التي رآها و أنا سأصاب بالجنون على شعرة .. نطقَ لساني بدونِ إذنٍ من عقلي ، كان شيئاً أحتاجُ لقوله ..
" خذني لعيادة صديقك الآن و فَوراً "
نظرَ إليّ بتعجّب ، ثم أومأ و نبسَ بعدها قربَ أذني بعد أن عانقني ليطمئنني ، شعر بخوفي
" حسناً كما تريدين توموري .. أأنتِ بخير حقاً؟، ماذا حصل ؟ ، ما خطبُ ركبتك ؟ لم تضمدينها بهذا الشكل ؟ هذا غيرُ صحيح ، دعيني أضمّدها لكِ بشكلٍ أفضل "
تمسّكتُ به كالغريقِ و هو قشّتي الوحيدة الثمينة
" خذني في الحالِ أرجوك "
كانَ ينظرُ إليّ بنفسِ الصدمة ، أدركَ مدى رَوْعي الذي لا أستطيع تهدأته ..
" حسناً حسنا سأفعل أعدك و لكن دعيني في البداية أعيد تضميدها .. انتظريني "
أومأتُ و كنتُ خائفة لسبب ما ، لا أعلمُ ما الذي أشعر به أيضاً ..
فكَّ أبي الشاش الطبي و أمسكَ القطن المعقّم بالملقطِ يزيلُ الدماء التي تحيط بالجرح ..
" توموري ... هذا الجرحُ كبيرٌ جداً ، من الجيد أنكِ لم تُجرحي من الجانب الآخر لكُنتِ الآن في حالٍ يرثى لها "
رفعَ ناظِريه نحوي بعد مرور مدّة من سكوتي .. تنهّد بضيق صدر عندما رأى وجهي .. كان خالٍ من أيّ تعبيرٍ كصحنِ فاكهة بيضاء اللون .. لا معنى لها ..
كنتُ أبدو مريضة و محمرّة الأنف .. أكملَ ما يفعله ثمّ ساعدني في المشي إلى السيارة و تحرّك بها بخفوت .. كانَ ينظُرُ إليّ بين الفينةِ و الأخرى و أنا لا أزال شاردة أحدّقُِ بيدي تارةً و بركبتي تارةً أخرى محاوَلةً مني لفهم ما يحدث معي و من حولي و لكن من دونِ جدوى كمن يقلل من مياه البحر بشربه إياها ...
قاطعَ رنين هاتفي سكوتَنا التام ، لقد كان رايّ ..
رددتُ عليهِ بصوتٍ مرتجف جعلَ أبي قلِقاً ، و رايّ أيضاً مما دفعه ليسألني ..
" توموري .. ما بالُ صوتكِ ، هل أنتِ بخير ؟ "
" لا أظنّ هذا رايّ "
" إن كُنْتِ في المنزل سآتي إليكِ حالاً "
" لستُ في المنزل الآن .. عندما أصل سأكلمك لتأتِ .. أنا بحاحتك "
" حسناً توموري .. انتبهي لنفسك .. هل أنتِ وحدك؟ "
" لا ، أبي معي "
" هذا جيد ، كوني حذرة توموري ، و كلميني لاحقاً يا فزّاعة الحقول "
ابتسمتُ بخفّة رغمَ تعبي حقاً
" كما تريد يا مهرج "
أنهيتُ المكالمة و تنفّستُ بضيق ، كان والدي طوال الوقت ينظر إليّ خائفاً .. حقاً لقد تغيّر .. و هذا يسعدني ...
صورةُ راي لا تذهب من بالي ، راي أخي لمَ تصبحُ شخصاً أروعَ يوماً بعد يوم؟ .. أنتَ غبيّ ، أرجوك لا تتركني .. أنا أحتاجك لجانبي دوماً ..
بدأتُ أشعر بضيق صدر و كأنّ أحدهم يقتربُ مني أو بالأحرى يعتليني و أنا أجلسُ في المقعد الأماميّ ، أحدهم أمسكَ بيدي اليسرى ، ليس أبي .. هذا مثيرٌ للقلق .. كنتٌ خائفة .. لقد شدّ على يدي و آلمتني كثيراً فأمسكتُ بيد أبي التي كانت قد وُضِعَت للتو على ناقل الحركة مما أدى لتحرّك السيارة بطريقة خاطئة و شكل جنونيّ ، حاول أبي السيطرة عليها قدر المستطاع بينما يتخبّط كلانا بالسيارة من الداخل ، و لكنني لم أشعر بالألم نهائياً رغم اصطدامي بالنافذة و الباب ...
سيطر أبي على السيارة و أخيراً و أوقفها على جانب الطريق ، كان قد أُصيبَ بكدمة أعلى جبينه
تفحّصني بقلق و كوّر وجهي بين كفّيه .. كانت عيناه تجول تضاريس وجهي بقلقٍ شديد ..
" أنتِ بخيرٍ و الحمدلله ، أأنتِ خائفة؟ "
ظننتُ بأنه سيوبخني بشدة على هذا التصرف و لكن حصل عكس ما توقّعت .. كنتُ مصدومة و لكنني رددتُ عليه فوراً
" كلا .. و لكن وجهك .. "
" لا بأس سأبرّدها بالثلجِ عندما نصل لعيادة سونغمين ، و لكِن أخبريني .. ماذا دهاكِ حتى فعلتِ هذا ؟ أهنالكَ خطبٌ ما ؟ "
و هل حقّاً سأستطيع إخباره بما يحصل معي ؟ ...
لقد طفح الكيل سأتكلم ...
و لكن ليس له ...
بل لسونغمين هذا ..
" لا أعلمُ تماماً أبي ... "
ابتسمَ بفرحة لطيفة .. لقد قلتُ له أبي و أخيراً .. نادراً ما أقولها له .. أستطيعُ عدّ المرات التي ناديته فيها أبي طوال حياتي على أصابعي .. و لكن بعدها استوعب ما قلت له ..
" حسناً ، لا بأس ، المهم بأنكِ لم تصابِي بأذًى عزيزتي ... هيا الآن كدنا نصل ، أرسلتُ لهُ رسالة قبل انطلاقنا و قال بأنه بانتظارنا و ليس لديه حالياً مواعيد إلا بعد ساعة "
أومأت له ثم ابتسم ليطمئنني و بعدها انطلقنا ..
لم نكن بعيدين حقاً كما قال ..
ركن والدي السيارة في المكان المخصص لها
" وصلنا "
نزعتُ حزام الأمان و ترجّلتُ من السيارة .. مشيتُ تباعاً لخطوات أبي .. كانت عيادته في الطابق الأول و لكن أبي أصر على الصعود بالمصعد الكهربائي بسبب ركبتي ..
وصلنا و كان يحتسي القهوة في كوبٍ كرتونيٍّ صغير ، ابتلع كل ما بداخله دفعة واحدة عند ملامسة نظره لنا قد وصلنا و ألقى به في سلة المهملات و رحّب بنا بوجهه البشوش ..
ربّت على رأسي و لكن لم أشعر بهذا .. لمَ تستمرّ الأحداث الغريبة بالتتالي؟ ... دخلتُ معه لغرفة المراجعة و انتظر والدي في الخارج يضع كيس الثلج ليبرّد الكدمة ...

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: May 01 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

My Death' DiariesWhere stories live. Discover now