الجزء الثالث عشر، ما قبل الأخير: إرحمي عاشقًا بات أسير معذّبته

182 43 8
                                    

خرج من البناية مستاء غاضبًا بعدما فشل في إيجادها في البيت لكن ما كان يزكي غضبه ويجعله يثور كالبركان جواب خالته عندما سألها عن ابنتها: "رنا تلبّي دعوة والدك إلى الفطور". سحب الهاتف من جيبه وهو يتوجّه بخطوات حثيثة صوب السيّارة وقبل أن يسجّل اسم والده للاتّصال فوجئ بمكالمة آتية منه فردّ على الفور بشيء من الحنق:

-أين أنتما؟

أتاه صوت والده بكامل الهدوء:

-لو أعلمتني مسبقًا بخططك لكنت وفّرت على نفسك مشقّة الطريق إلى بيت خالتك... نحن ننتظرك في مقهى "الاستراحة"... لا تتأخّر في المجيء

أقفل الخطّ بعصبيّة وهو يهزّ رأسه يكلّم نفسه في السرّ: " حتّى أنت يا أبي لن تقوى على ردعي... سأعاقبها على فعلتها الدنيئة"

--------------------------------------------------------------------------------------------------

عبرت سحر مدخل المقهى بخطوات متردّدة، لم يكن بإمكانها رفض دعوة السيّد توفيق احترامًا لمكانته ودعمه المساند لها لكن في الوقت عينه كانت تخشى من المواجهة التي بانتظارها. سارت وهي متمسّكة بحقيبة يدها تبحث نظراتها عن السيّد حتّى وجدته في إحدى الزوايا يومئ لها بيده وهو ينهض عن كرسيّه يوافي قدومها باستقبال باسم يظهر كلّ الامتنان لتلبية دعوته الصباحيّة. وحين أصبحت على مقربة من الطاولة رمق السيّد توفيق رنا بنظرة صارمة جعلتها تقف مرتبكة على الفور ثمّ قال معرّفًا:

-عزيزتي سحر، أقدّم لك رنا... إبنة خالة يمان وخطيبته السابقة و... صاحبة الرسالة الشهيرة...

لحظات من الجمود أطاحت بالشابّة عند انتهاء التعارف فشدّت على نفسها مرغمة تداري وطأة الصدمات المتتالية وقد فلشت أمامها كلّ الأوراق تُرجعها إلى كلام ليلى مساء الأمس. بقيت نظراتها المذهولة تتأرجح بين الرسالة المفتوحة على الطاولة وموجات الفراغ تنقاد وراء سيل من تساؤلات أنقذها منها توفيق بحكمته المعهودة فأردف متابعًا بصوت واثق يفرض هيبته على اللقاء:

-من حقّك يا ابنتي أن تعرفي السبب الحقيقيّ وراء هذه الرسالة... رنا ستعترف أمامك بكلّ ما حاكته... كلّ ما أطلبه منك الاستماع إليها وبعد ذلك ستقرّرين ما يناسبك

--------------------------------------------------------------------------------------------------

توالت الضربات الكهربائيّة على صدر هيفاء بأمل إنقاذها من توقّف قلبها الضعيف غير أنّ كلّ محاولات الإنقاذ باءت بالفشل لتترك وراءها جثّة امرأة لم تعرف في حياتها سوى الخبث والأذى فماتت وحيدة متروكة معزولة عن البشر تدفع ثمن أعمالها السيّئة. طلب الطبيب من الممرّضة تدوين ساعة الوفاة ثمّ خرج من العناية المركّزة متوجّهًا مباشرة إلى الشرطيّ المؤتمن على حراسة السجينة منذ دخولها المستشفى وما إن ألفه واقفًا عند الباب الرئيسيّ للقسم حتّى بادره قائلًا:

مُعذّبتيWhere stories live. Discover now