الفصل التاسع

Start from the beginning
                                    

بينما بالخارج يجلس يوسف على المقعد  ورأسه ساكنًا بين يديه، فتفاجئ بجمال يرنو إليه بأنفاسه اللاهثة:
_يوسف طمني على عمران  .
أشار إليه ورأسه يعود للأسفل بحزنٍ:
_لسه محدش خرج من جوه.
جلس جواره هامسًا باختناقٍ:
_مش هيجراله حاجة، هيقوم إن شاء الله.
رفع عينيه للأعلى وهو يردد بصوته المحتقن:
_يا رب.
                           *********
_إنت بتقول أيـــــــــه، لأ مستحيل ده يحصل أكيد في حاجة غلط أتاكد؟
قالها راكان بصدمة استحوذت على معالمه فجعلته أقرب للاصابة بذبحة صدرية، ومن حوله رجاله عاجزون عن التدخل بأمره، فما أنا وضع راكان سماعة الهاتف حتى سأله رافاييل شريكه الخفي:
_ما الأمر راكان، ماذا حدث؟
مال بجسده ليستند على المكتب من أمامه باهمالٍ، وهو يحرر كلماته الثقيلة:
_حجزت الحكومة المصرية على شحنة الأدوية بالميناء قبل دخولها.
جحظت عين الأخير، فصرخ بعدم استيعاب:
_اللعنة!  إن علم الرؤساء بما حدث سنهلك جميعًا، لا تنسى راكان هذة الشحنة الثالثة التي يتم تصديرها خلال هذا العام، لن يقبلوا بخسارة تلك المبالغ الطائلة عبثًا.
وتابع مستنكرًا لما يحدث:
_وأين رجالك الذين يعملون داخل الميناء ما لي لا آراهم، ولماذا تدفع لهم إن لم يقومون بمهامهم؟
جذب الكوب الفارغ وأشار لأحد رجاله فسكب له من الخمر، ليتجرعه مرة واحدة ثم ازاح العالق بشفتيه وهو يردد بحقدٍ:
_رجل من رجالي أكد لي بأن هناك ظابط مصري هو المسؤول عن كل ما يحدث.
رفع حاجبيه باستغرابٍ:
_من هذا؟
أجابه باحباطٍ وهو يسند يديه لجبينه:
_لا أعلم ولكنه ليس سهلًا بالمرة، يحارب أي شخصًا يورد أدوية فاسدة داخل مصر، حاولت أن أصل لأي معلومة إليه ولكني فشلت حتى بمعرفة إسمه الحقيقي!
امتعضت معالم رافاييل حتى بدى، وكأنه على وشك قتله:
_هل تخبرني بأنك عاجز بالكشف عن شرطي حقير يدمر ما فعلناه بعد تلك السنوات!  إن كنت عاجز فلتترك لنا مهمة البحث عن رجلٍ أخر يكون منفذنا داخل مصر غيرك!
ابتلع ريقه بتوترٍ من ازعام الآخر لضعفه وعدم قدرته على التصدي لذاك الشرطي، فقال:
_سأكتشف من يكون وأعدك بأنني سأقتله بيدي!

رُسمت بسمة ساخرة على وجه من يراقبهما من الخارج، فتسلل للخارج قبل أن يكشف وجوده أحدًا، ومضى بطريقه لغرفته القابعة بالطابق الأول من المنزل الخارجي بفيلا راكان، فألقى بثقل جسده على الفراش مرددًا بمكرٍ:
_وريني هتكشفني إزاي وأنا جنبك وسابقك بعشر خطوات!
واستند آدهم برأسه على ذراعه مطلقًا صفيرًا باستمتاعٍ لما يدور من حوله، وهمس بوعيدٍ جعل حدقتيه السوداء أشد قتامة:
_هانت ورقبتك هتبقى تحت رجليا إنت واللي وراك!
                            ******
الساعات تمضي ومازال قلبها عاجزًا عن الخفق، عينيها المتورمة معلقة على باب الغرفة، بانتظار أي بصيص أملًا يمنحها السكينة، قدميها تؤلمها بشدة وعلى وشك أن تفقد قدرتها على حمل جسدها المترنح، ومع ذلك صمدت قدر المستطاع، اقترب منها جمال وأشار برفق على الأريكة المعدنية القريبة من باب الغرفة:
_ مايسان مينفعش اللي بتعمليه بنفسك ده، ريحي رجلك شوية على الأقل لحد ما يخرج وتطمني عليه.
هزت رأسها بنفيٍ، وباصرارٍ قالت:
_مش عايزة أقعد، أنا كويسة.
انضم يوسف إليه في محاولةٍ لاقناعها:
_اللي بتعمليه ده غلط وهيضرك، اهدي عشان صحتك، وبعدين علي لسه مطمنا من شوية المفروض تكوني اهدى من كده.
رضخت إليهما بقلة حيلة، فتحركت لتجلس على طرف الأريكة ومازالت عينيها تراقب الباب بدموع تغرق وجهها، فما أن انفتح حتى هرولت إليه.

الطبقة الآرستقراطية (صرخات انثى) Where stories live. Discover now