٣_وليد.

150 26 14
                                    

إن كان هناك جائزة لأغرب عروض زواج حدثت في التاريخ، بالتأكيد سأحظى بفوزٍ ساحق.

بداية من فقرة عالم الأطفال الغبية التي قدمتها لوتين، كلما أتذكر أريد دفن نفسي والاختباء؛ حينها كانت تحبه.. بالتأكيد ضحكت على عرضي الطفولي البائس طوال الليل ولكنه كان صادقًا، مهما بلغ إحراجي وتحسسي منه، لم ينفي هذا كوني كنت أبتهل لتنجح وسيلتي حتى وإن كانت ساذجة.

والآن عرض زواج صادم في المشفى، أمام امرأة هاربة من عائلتها وتحمل طفلة لا تتوقف عن البكاء.

هل أنا أكترث؟
لا.

لقد اكتشفت أن عقلي أغبى مني، عندما يقتنع بشيء لا يوجد شخص أو سبب على وجه الكون قد يغير نظرته تجاه الأمر.

كتوددي الزائد تجاه وتين في السابق والذي انتهى برؤيتها لي كحلزون لزج، حتى أنها كادت تكسر فكي بقبضتها.

تمالك نفسك!
توقف عن التفكير بها وأنتْ مُشرف على الزواج من أخرى!

من أخدع؟
أنا أكثر شخص أناني في العالم؛ أستغل محنة چمانة كي أقنعها بالزواج بي الذي سيظهرني بمظهر مثير للشفقة أكثر لكنني لا أستطيع التوقف.

ليس الآن وليس قريبًا.

أنا أرتكب خطأ فاضح لن أستطيع إصلاحه إن خرج عن سيطرتي وأنا منخرض بالكامل فيه.

جلست في مقهى المشفى أنتظر الإعصار القادم والملقب بأختي ميرا، مر يومان على طلبي للزواج من چمانة الذي تلى طردها لي خارج غرفتها ونظرة غريبة تطل من عينيها؛ نظرة تحمل أملًا.. جعلتني أنتظر. ولكنني استغللت فترة انتظاري لطلب عون خارجي من ميرا. رغمًا عن الصدمة والتقريع الذي نلته منها رغم كوني أكبرها بعشرة أعوام، لكنها في بعض المواقف تكون أكبر مني حكمة.

تقف أمامي بقامتها القصيرة ككل شيء بها، تنظر لي بنظراتها الحارقة.

"لقد طلبت منكِ القدوم من أجل مساعدتي ليس لممارسة صمتك العقابي عليّ."

قلت بعدما مرت خمسة دقائق ولم يصدر منها حرف واحد.

"أتيت فقط إشفاقًا على المرأة المسكينة التي تعاني من أعراض ما بعد الصدمة الآن بالتأكيد."

نظرت لها شزرًا ولكنني التزمت الصمت؛ المجادلة معها الآن ليست في صالحي.

تحولت ملامحها من السخرية إلي الجدية في ثوانٍ، ترفع كفها ليربت فوق ذراعي.

"ليس عليك فعل هذا يا وليد، هي لم تكن الأخيرة في العالم."

كانت الأخيرة في عالمي.

"أعلم."

"إذًا لِمَ تريد الزواج فجأة الآن؟ ومن شخص لا تعرفه؟ أنت تعلم أنه لا يمكنك التعافي من علاقة بالقفز في أخرى، سينتهي الأمر بمزيد من الأذى لك وللطرف الآخر الذي ستقحمه في الأمر."

بقايا محترقة | الجزء الثاني من عتمتهُ.Where stories live. Discover now